اعتبر الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية جديدة إلى المنطقة يهدف لإيصال “رسالة ردع حازمة”، لافتا إلى أنه بتلك التعزيزات ستشهد المنطقة أكبر تجمع وانتشار للسلاح الأميركي منذ عملية عاصفة الصحراء التي جرت مطلع عام 1991.
وأوضح الدويري -خلال تحليل عسكري للتطورات الجارية- أن وصفه لهذه الرسالة بالحزم يأتي انطلاقا من أن إرسال هذه التعزيزات يعني إمكانية استخدامها، وهذا الأمر يعكس توقع الإدارة الأميركية أسوء السيناريوهات التي يمكن أن يتخذها الصراع خلال الفترة المقبلة.
وكان البنتاغون أعلن في وقت سابق تعزيز انتشاره العسكري بالمنطقة في مواجهة “التصعيد الأخير من جانب إيران وقواتها بالوكالة”، حيث أمر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بنشر منظومة “ثاد” المضادة للصواريخ وبطاريات “باتريوت”، إضافية للدفاع الجوي في أنحاء المنطقة، وأبلغ قوات إضافية أنه قد يتم نشرها قريبا.
وأرسلت الولايات المتحدة قوة بحرية كبيرة إلى الشرق الأوسط في الأسابيع القليلة الماضية، شملت حاملتي طائرات والسفن المرافقة لهما ونحو 2000 من قوات مشاة البحرية.
تصعيد متدرج
ويشير الدويري في تحليله إلى أنه منذ بدء الحرب قبل 17 يوما، يحدث تصعيد كل يوم لكنه متدرج ومنضبط، مما يمكن قراءته باعتباره توافقا ضمنيا على قواعد اشتباك تقوم على أن لكل فعل رد فعل مساويا في المسافة إن لم يكن مساويا في القوة، حيث يحدث ذلك توازنا في نوعية القصف وعمق المسافة.
وفي السياق، لفت إلى أن القصف في جبهة شمال الأراضي المحتلة استهدف في البداية عمق كيلومترين، ثم زاد إلى 5 وبعدها 8 ووصل في النهاية إلى 20 كيلومترا، حيث رد حزب الله اللبناني بإرسال طائرة وصلت إلى هذه المسافة من العمق بعد استهداف مماثل من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي إطار تناوله التعزيزات الأميركية الأخيرة، أوضح الدويري أن أنظمة الدفاع الجوي الموجودة بإسرائيل ذات طبقات عدة، بدءا من القبة الحديدة، وانتهاء بمنظومة “ثاد” التي تستخدم حسب الضرورة، مشيرا إلى أن التعامل مع صواريخ المقاومة في قطاع غزة يتم أغلبه بصواريخ القبة الحديدية.
لكنه لفت إلى استخدام الجيش الإسرائيلي مقلاع داود عندما تخطى مدى الصواريخ التي انطلقت من قطاع غزة 70 كيلومترا، وربما تستخدم منظومة “ثاد” مع الطائرات المسيرة والتي لا يعرف مداها حتى الآن.
تأكيد رسالة الردع
ويرى الدويري أن هذه التعزيزات والاستعانة بها يأتي في إطار محاولة تأكيد رسالة الردع، مشيرا إلى أن التعزيزات تتضمن إعادة نشر بطاريات “باترويت” بعد أن سحبت وانشنطن 8 منها خلال السنوات الماضية، لكن لا يعلم حتى الآن الأماكن والدول التي سترسل إليها تلك البطاريات.
وأوضح الخبير العسكري أن بطارية “باترويت” الواحدة يوجد فيها 16 صاروخا، ولديها القدرة على تتبع 100 هدف من مسافة 100 كيلومتر، كما تستطيع التعامل مع 9 أهداف في الوقت نفسه لمدى 70 كيلومترا، في حين يبلغ مدى منظومة “ثاد” 200 كيلومتر، وتمتلك إمكانية تعامل أوسع من باترويت.
وأشار إلى أنه تاريخيا يوجد بصورة شبه مستمرة حاملة طائرات في منطقة الشرق الأوسط، لكن وجود حاملتين وإرسال هذه التعزيزات المختلفة يعني أن الجيش الأميركي “ارتدى عباءة الخوف والتوجس”، على حد تعبيره، وهي سياسة البدء بفرضية السيناريو الأسوء عبر توقع وجود توحد ثلاثي الأبعاد لساحات المواجهة: إيران، وأذرعها، وغزة.
وأضاف أن حاملة طائرات “جيرالد فورد” التي وصلت سابقا للمنطقة، تحمل 75 طائرة منها طائرات إف-35، أما حاملة الطائرات “إيزنهاور” فتحمل 90 طائرة معظمها إف-18.
واعتبر الدويري أن وجودهما في المنطقة يأتي في إطار أوسع حضور للسلاح الأميركي منذ “عاصفة الصحراء”، ويحمل رسالة “ردع حازمة” كون ذلك الوجود يمكن أن يفضي إلى الاستخدام.