من منا لم يشاهد فيديو الطفل الفلسطيني محمد أبو لولي والذي وصل إلى المستشفى وهو في حالة من الصدمة والرعب وأطرافه ترتجف من الخوف والهلع؟
وذلك بعد أن قصف الاحتلال الإسرائيلي المنطقة التي يسكن فيها في رفح بقطاع غزة. حينها حاول الطبيب تهدئة روعه وتخفيف هول الصدمة عليه.
الصحفي عبد الله العطار هو من صور حال محمد التي وصل بها إلى المستشفى، ثم عاد عبد الله ونشر مقطع فيديو آخر للطفل بعد عدة أيام وعلق عليه قائلا “كما كُنا نمارس واجبنا المهني في نقل الصورة، لم ننس يوما أن نُمارس واجبنا الإنساني. وبفضل الله أعدنا البسمة على شفاه الطفل محمد أبو لولي”.
وأضاف العطار “الكثير منكم سألني عن أحوال محمد أبو لولي من رفح، الطفل الذي هزت رعشة جسده الصغير روح كل من لديه ضمير حي، محمد أصبح لاجئا في إحدى مراكز الإيواء وهو بخير مع عائلته، فليشهد العالم أن أطفالنا لا يزالون يبتسمون ويسعدون لأبسط الأشياء، رغم الجراح التي تغطي أجسادهم الصغيرة وأرواحهم الجميلة”.
الفيديو أظهر الطفلَ وهو بصحة جسدية ونفسية جيدة والابتسامة على وجهه، ويلعب مع المصور وشخصيات كرتونية.
وسرعان ما شهد المقطع الجديد لمحمد الكثير من التفاعلات الإيجابية بين رواد منصات التواصل.
البعض قال إن مشهد محمد لم يفارقهم منذ أن شاهدوا الفيديو، وآخرون أشادوا بالدور الذي يقوم به القائمون على مراكز الإيواء، كما تساءل البعض عن الوضع النفسي لمحمد خلال حياته.
أبكاني لأيام وأيام كل ما جا مقطعه في التويتر او مجرد تذكرت مشهده وهو يرجف من الخوف ، لكن بفضل الله من علينا أنه نشوف إبتسامته وسعادته ، يارب لا تحرمها منه ويحفظ المسلمين المستضعفين في غزة
— باقي أمل 🥈㉟ ⑭ (@ladecima1979) October 23, 2023
عادت، ولكنها لن تكون ابداً كالضحكات قبلها.. هناك شيء تغير في داخله وسيبقى معه الى الأبد. اللهم جبرك
— لعلكم (@lealkom) October 23, 2023
والله بالرغم من كل الضحك واللعب والابتسامات اللي ف الفيديو الا ان نظرته الاولي لسه مسيطره عليا ومش قادر انساها….حسبي الله ونعم الوكيل… لنا ولكم الله يااهل غزه💔💔
— Mohammed Sameir (@MohammedSamei19) October 23, 2023
ردود الأفعال التي رصدتها الجزيرة نت أثارت التساؤل حول أهمية التأهيل النفسي السريع للأطفال، خاصة أن التعرض المباشر لمشاهد الموت والقتل ومشاهد الدمار وغيرها، يترك آثارا نفسية ووجدانية تعيش معهم طوال حياتهم.
وللإجابة عن هذا السؤال تواصلت الجزيرة نت مع المختص النفسي الدكتور عامر الغضبان، الذي قال إن هذه المواقف التي تحدث في الحروب ويمر بها الإنسان الكبير والصغير والتي يشعر فيها الإنسان بالخطر القريب والعجز الكامل، هي التي تسمى “الصدمة”.
ومن أهم آثار الصدمة، حالة الفزع الشديد والارتجاف وتسارع ضربات القلب والذهول وغيرها من الآثار.
وأضاف الدكتور عامر أن هناك آثارا بعيدة المدى في حالة لم يتلق الطفل العلاج النفسي، مثل الآثار الاجتماعية والاكتئاب والقلق وبطؤ في النمو العام للطفل.
وأشار إلى أن هناك 3 مسارات للرعاية المطلوبة في حالات الحروب والكوارث، المسار الأول وهو الإسعاف النفسي، وله تأثير كبير في حياة الطفل، والمسار الثاني هو الرعاية الاجتماعية، ويقدم الرعاية المناسبة لنصف ضحايا الأزمات.
أما المسار الثالث فهو الرعاية المتقدمة، التي يقدمها المختصون النفسيون، ولها تأثير كبير في حياة الطفل على المدى البعيد، وتجعل الطفل إنسانا سويا في المستقبل قادرا على التكيف.
وفي حالة الطفل محمد وغيره من أطفال غزة قال الدكتور عامر إن من أهم عوامل الطمأنينة لدى الطفل نقله إلى مكان آمن، وتقديم الرعاية والمواساة له في الكلام، وتقديم الحنان عن طريق التلامس الجسدي.
وأضاف المختص النفسي أن منطقة مثل غزة تتعرض لحروب متتالية تجعل الطفل يفتقد الشعور بالأمن، وهنا يكون دور ثقافة الشعب المحاصر؛ حيث تكون له نظره خاصة عن وضعه ومأساته.
وتكون هنا المسؤولية ليست فقط على الأطباء والمختصين النفسيين، وإنما يشاركهم المسؤولية مثل شيوخ الدين والوجهاء والمؤسسات، وفقا للدكتور عامر الغضبان.