حوّل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أكثر من 180 ألف مدني فلسطيني إلى نازحين، بعدما تفنن الاحتلال في قصف منازلهم بالطائرات والمدافع والدبابات، واضطر معظمهم إلى الإقامة في المدارس التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الذين تنقل الجزيرة نت كيف يعيشون في معاناة يومية ونقص في الماء والمواد الغذائية واكتظاظ يفوق قدرة المدارس الاستيعابية.
وقالت وكالة الأونروا إن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 187 ألف فلسطيني قد نزحوا داخل قطاع غزة، منهم 137 ألفا يقيمون في 83 من مدارسها التي تحولت إلى ملاجئ.
وأضافت أنها اضطرت لإغلاق أكثر من 14 مركزا لتوزيع الأغذية بسبب سوء الأوضاع، ولم يعد باستطاعة نصف مليون شخص الحصول على مساعدات غذائية حيوية.
معاناة يومية
ويقول إبراهيم أحد النازحين بمدرسة خولة بنت الأزور الابتدائية المشتركة -للجزيرة نت- إنه اضطر مع أسرته للإقامة بالمدرسة رغم صعوبة الحياة اليومية نتيجة التكدس والازدحام الشديد، هربا من القصف الإسرائيلي على مختلف مناطق قطاع غزة ومنها الحي الذي كان يقيم فيه.
ويضيف أن النساء والأطفال يقيمون داخل الفصول الدراسية بينما يتوزع الرجال في كل الأماكن المتاحة الأخرى، مثل ساحة المدرسة والمساحات الخلفية للفصول، ومعظمهم ينصبون الخيام أو يضعون الأكياس والقماش فوقهم ليقلل تسليط الشمس عليهم في النهار ويقيهم البرد في الليل وكذلك في أثناء هطول الأمطار.
ويشير إبراهيم إلى أن موظفي الأونروا -وهم في الغالب من المدرسين- يشرفون على تنظيم الإقامة بالمدرسة وتوزيع المعونات التي تصل، وذلك بمعاونة بعض النازحين، ومنها المياه الصالحة للشرب التي يوجد فيها نقص شديد، إذ تقوم المؤسسات الخيرية والأونروا بتعبئة بعض البراميل المخصصة للشرب، لكنها سرعان ما تنفد بسبب كثرة أعداد النازحين.
ويعكس الشاب الفلسطيني مدى نقص المواد الغذائية بقوله إن الأونروا تقوم بتوزيع كميات محدودة جدا من الطعام على النازحين، بواقع رغيف واحد من الخبز يوميا لكل شخص، مع بعض المعلبات حيث يشترك كل 3 أشخاص في علبة صغيرة واحدة من اللحم على سبيل المثال.
وهذا يضطر أرباب الأسر والشباب للخروج في أثناء النهار للبحث عن الخبز خارج المدرسة لتلبية احتياجات أسرهم، ويصطفون لساعات طويلة جدا قد تصل إلى 10 ساعات للحصول على بعض أرغفة الخبز، إذ لا تسمح المخابز بشراء أكثر من عدد محدد لكل شخص، وكثير منهم يعودون من دون التمكن من الشراء بسبب نفاد الكميات من المخابز.
ويشير إبراهيم إلى أن الواقع الصحي في المدارس سيئ جدا، حيث تشهد دورات المياه ازدحاما شديدا، لأن عددها المحدود لا يتناسب مع الآلاف الذين يقيمون في المدرسة، ويضاعف أزمة الحمامات انقطاع المياه بشكل متواصل.
ويوضح أنه رغم أن كثير من النازحين يأتون إلى المدارس بعد أن فقدوا ذويهم وأبنائهم، فإنهم يتبادلون المواساة ويحاولون تخفيف آلام فقد الأحبة وحياة النزوح الصعبة في آن واحد.