مؤسسة عربية لها دورها الفاعل والكبير في دعم جهود التنمية في الوطن العربي، وأحد أبرز بيوت الخبرة لتقديم الدراسات البحثية والاستشارية وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية إقليميا ودوليا.. إنه المعهد العربي للتخطيط، صاحب المسيرة التي امتدت لنحو 50 عاما قدم خلالها آلاف الخدمات الإنمائية والدراسات البحثية والدورات التدريبية لخدمة عملية التنمية في الوطن العربي، حتى أصبح يشار إلى دوره الكبير وإسهاماته في مختلف الدول والبلدان.
عن المعهد العربي للتخطيط ودوره وإسهاماته في عملية التنمية في الدول العربية، ودوره في دعم الشباب والباحثين، ورؤيته المستقبلية بعد كل تلك النجاحات، كان لـ صدى البلد، هذه الحوار مع الدكتور عبدالله فهد الشامي مدير عام المعهد العربي للتخطيط، والخبير الاقتصادي.. وإلى تفاصيل الحوار:
بداية.. هل يمكن أن نلقي نظرة عن تاريخ المعهد العربي للتخطيط؟
المعهد العربي للتخطيط مؤسسة عربية إقليمية مستقلة وفاعلة وغير ربحية في الوطن العربي، مقره دولة الكويت، وتأسس عام 1980، للعمل على دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية من خلال، ويضم في عضويته 20 دولة عربية، يسعى المعهد على تقديم خدماته لها وكذلك دول المنطقة بأكملها لخدمة عملية التنمية.
أشرت إلى أن المعهد يخدم عملية التنمية في الدول العربية.. ما هى الخدمات التي يقدمها؟
المعهد العربي للتخطيط يقدم النصائح التنموية للدول الأعضاء بنظرة مجردة وليست نظرة متحيزة ويدعم القرارات والاستشارات والتدريب في الدول الأعضاء، ويكون مساهماته في المجالات التنموية والاجتماعية، فهو يعمل على بناء القدرات الوطنية وإعداد البحوث وتقديم الخدمات الاستشارية والدعم المؤسسي وعقد اللقاءات التنموية والنشر ويسعى إلى تطوير القدرات البشرية وتعزيز الأداء المؤسسي وتحسين أداء التخطيط الإنمائي في الدول العربية من خلال تقديم الخدمات والبرامج ذات الطابع الإنمائي التي تتناسب مع التطورات والتحديات التي يشهدها العمل الإنمائي العربي، حتى أصبح المعهد بيت خبرة عربي في مجالات اختصاصاته لتلبية احتياجات الدول العربية من الخدمات الإنمائي.
ما هى الدول التي يقدم المعهد العربي للتخطيط خدماته لها؟
المعهد يضم في عضويته 20 دولة عربية وهو يقدم خدماته لها، بحسب ما تطلبه الدول الأعضاء، فبعض الدول العربية تطلب استشارات في مسألة من مسائل التنمية فيها سواء الاجتماعية أو الاقتصادية فيعمل المعهد على دراسة تلك المسألة وتقديم الاستشارات اللازمة حولها لخدمة عملية التنمية في تلك الدولة، حتى انعكست الجهود المبذولة من طرف المعهد في ارتفاع عدد الاستشارات التي يُقدمها المعهد للدول الأعضاء، وقد نفذ المعهد دراسات استشارية متعددة لصالح مُختلف المؤسسات العربية في أغلب مجالات التخطيط والتنمية.
المعهد هو مؤسسة بحثية.. إلى أين وصل في مجال البحوث والدراسات؟
يقدم المعهد العربي للتخطيط العديد من البحوث والدراسات في مختلف المجالات، حيث يقوم المعهد من خلال جهازه الفني وبالتعاون مع خبراء من مؤسسات عربية وإقليمية ودولية بإجراء الدراسات الميدانية والبحوث المتعلقة بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، بحيث تتميز الأبحاث والدراسات التي يقوم بها المعهد بالتركيز على الجوانب التطبيقية بناءً على منهج دراسة الحالة وتقييمها، إضافة إلى الاعتماد على تجارب وتطبيقات الدول المختلفة في مختلف مجالات التنمية والسياسات التنموية، مما يعزز بدوره من عمل المعهد في مجالات الاستشارات والدعم المؤسسي.
والمعهد يقدم بحوث ودراسات في مجالات قضايا إدارة التنمية وقضايا التنمية القطاعية، وقضايا التنمية الاجتماعية، وقضايا البيئة الإنمائية الإقليمية والدولية، وكذلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والقضايا المؤسسية.
من أبرز ما يركز عليه المعهد هو توفير التدريب للدول الأعضاء.. إلى أين وصل المعهد العربي للتخطيط في هذا الملف؟
المعهد العربي للتخطيط يحرص دائما على ريادته في مجال التدريب الإنمائي المتخصص، وذلك من خلال العديد من برامج التدريب الافتراضي، أو برامج التدريب الذاتي، فهو يعمل على توفير التدريب المستمر للعاملين في مجالات التخطيط الإنمائي على غرار رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والعمل على تعزيز مسارات وبرامج التدريب التي تلبي الحاجات التدريبية للفئات المستهدفة، بحيث يتم توفير دورات تدريب في الاقتصاد والمالية العامة، والتحليل المالي، والبناء المؤسسي، لذا فهو يقدم العديد من البرامج التدريبية التي يتحملها المعهد والتي يتم تنظيم دورات تدريبية فيها وذلك إما وفقا للخطط التي يضعها المعهد أو بناء على طلب الدول الأعضاء، ويُقدم المعهد من خلال خطة نشاطه السنوي عدد كبير من البرامج التدريبية التي يتم تطويرها سنوياً بما يتناسب مع آخر المستجدات التنموية الدولية، بحيث تركز على المهارات والقدرات ضمن إطار التنمية المستدامة، والمعهد يتحمل تكلفة البرامج التدريبية التي يوفرها باستثناء بعض البرامج التخصصية التي تدفع فيها الدول الأعضاء جزء محدد من قيمة التدريب.
هل لديكم إحصائية بأعداد من حصلوا على التدريب بالمعهد العربي للتخطيط؟
المعهد يقدم برامج تدريبية في العديد من التخصصات، وهو ما مكننا من تقديم التدريب لنحو 52 ألف متدرب سواء من خلال التدريب الافتراضي أو من خلال الدورات التدريبية التي ينظمها المعهد حضوريا، ويعمل المعهد خلال الفترة المقبلة على أن يكون هناك متابعة لمن تلقوا تدريبهم في المعهد بعد إنتهاء فترة التدريب، كما أن المعهد يعمل على عدم اقتصار التدريب على المؤسسات الحكومية فقط، بل سيشمل مؤسسات القطاع الخاص لتحظى باستفادة أيضا من خدمات التدريب التي يوفرها المعهد، وذلك باعتبارها شريك في عملية التنمية في الدول العربية.
مصر من الدول الأعضاء في المعهد العربي للتخطيط.. ما هى أوجه التعاون بين المعهد والمؤسسات المصرية؟
مصر من الدول المهمة في الشراكات مع المعهد العربي للتخطيط، وهى دولة عضو في المعهد منذ عام 1978، ويربط المعهد العديد من البروتوكولات مع المؤسسات المصرية في مقدمتها المعهد القومي للتخطيط، ومعهد الإدارة، ومعهد الصناعات،وهو تعاون مثمر بين الجانبين، كذلك يجمعنا تعاون مع وزارة التخطيط المصرية التي تتولاها الدكتورة هالة السعيد التي جمعني لقاء بها خلال زيارتي لمصر وبحثنا التعاون المشترك بين الجانبين.
من بين أبرز ما يقدمه المعهد للشباب مركز المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ما هى فكرة هذا المركز وما يقدمه؟
مركز المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو مركز إقليمي تابع للمعهد العربي للتخطيط متخصص بتنمية ريادة الأعمال وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل تعزيز دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويعمل للارتقاء بمستوى المؤسسات الحكومية ومؤسسات النفع العام العاملة في مجال تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات المختصة بالعمل الريادي والإبداع والابتكار، والمركز هو إحدى المبادرات التي وضع أساسها الشيخ صباح الأحمد مع الصندوق العربي للتنمية الإدارية لدعم الشباب العربي للتمكين في القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ورصد لها نحو 2 مليار دينار ما يعادل نحو 6 مليار دولار كي تمول نفسها للارتقاء بالشباب العربي.
المركز هدفه هو تدريب وتأهيل الشباب للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي، ويعمل المركز على مساعدة الشباب في إدارة تلك المشروعات.
ما أكثر مجالات التدريب التي تحتاج الدول العربية التركيز عليها خلال الفترة القادمة؟
الدول العربية في حاجة ماسة للتدريب على التعامل مع البيانات وتحليلها، والمعهد يهتم بهذا الأمر، ويعمل على حشد جهوده الفنية والتقنية والإدارية لتكثيف التدريب على التعامل مع البيانات لما لها من أهمية وما يمكن أن تقدمه من نتائج لخدمة عملية التنمية في الدول العربية.
هل يقتصر تعاون المعهد على الدول العربية الأعضاء أم يمتد تعاونه مع دول إقليمية وعالمية أخرى؟
لدينا خطة التحرك والتعاون مع مؤسسات الفكر والقرار في الدول الإقليمية والعالمية لنكتسب الخبرات مما وصلوا إليه والاستفادة من تجاربهم، خاصة وأننا لا نحتاج أن نبدأ من الصفر فلابد من الاطلاع على تجارب الآخرين والتعلم منها في ظل التقدم التكنولوجي، لذا فلابد من تجارب المؤسسات العريقة ونقل تلك التجارب للدول العربية للمساهمة في عملية التنمية.
المعهد يسعى دائما على التحديث والتطوير.. ما الذي تطمحون إليه خلال السنوات القادمة؟
المعهد العربي للتخطيط مؤسسة كبيرة وعريقة، ونسعى لأن يصل المعهد لكل مواطن عربي، وأن يصبح كل مواطن عربي يعلم بالمعهد ودوره الكبير الذي يقدمه لخدمة عملية التنمية، وهى مهمة شاقة لكن لدينا الأرضية والمكانة التي يمكننا أن نبنى عليها في ظل العدد الكبير من المتدربين في الدول العربية الذين يستفيدون مما يقدمه المعهد، وفي ظل حرص المعهد المستمر على الوصول بخدماته لأكبر عدد من المؤسسات والأفراد.
كما أن المعهد يسعى لتحقيق نقلة نوعية خاصة في التكنولوجيا على مستوى المؤسسات والأفراد والانتقال من المرحلة التقليدية في عمل المؤسسات إلى المرحلة غير التقليدية، وهو ما يتطلب مهارات فنية أو بنائية في البنية التحتية، خاصة وأن الدول العربية العربية على مستوى الأفراد وضعت قدمها في ملف التكنولوجيا منذ سنوات لكن المؤسسات تسير ببطئ في هذا الملف، لذا فالمعهد يسعى أن يكون المؤسسة الرائدة الأولى التي تستطيع الدخول في مراكز القرار وتصل ما بين الحداثة والفكر التقليدي، وذلك من خلال التوسع في الذكاء الاصطناعي، ومركز الاحصاء ودعم القرار، ومركز الدراسات الاستراتيجية.
فلسطين عضو في المعهد العربي للتخطيط.. كيف يدعم المعهد دولة فلسطين في ظل ما تتعرض له؟
فلسطين في قلب وعقل كل مواطن عربي، وكذلك في عقل وقلب كل كويتي، فهي قضية العرب المركزية، فلا يمكن أن نقول كيف ندعم فلسطين ولكن يمكن أن نقول ما يأمر به شعبنا في فلسطين منفذ ومجاب، بمعنى أن أي شيء يطلبه الشعب الفلسطيني من المعهد في أي مجال من المجالات لابد أن نعمل فورا على تنفيذه وتحقيقه، سواء في مجالات الاستشارات أو التدريب أو أي شيء يمكن للمعهد أن يقدمه في مختلف مجالاته وتخصصاته.