لم تفق إسرائيل بعد من صدمة العملية التي تعرضت لها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما أنها تتعرض لإطلاق الصواريخ المستمر وخسائر جيشها في ارتفاع، فما التحديات التي تواجهها بعد شهر من القتال؟
سؤال حاولت صحيفة جروزاليم بوست الإسرائيلية الرد عليه من خلال مناقشة 5 تحديات رئيسية تواجهها إسرائيل حاليا، بعد مرور شهر من بداية حربها مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
أولا تآكل الدعم الدبلوماسي
في اليوم التالي لتسلل حماس إلى إسرائيل ومقتل 1400 إسرائيلي، أعرب الساسة من مختلف أنحاء العالم الغربي عن إدانتهم لذلك الحادث وتعهدوا بتقديم الدعم الثابت لدولة إسرائيل، ولكن بعد مرور 30 يوما، ومع استمرار إسرائيل في قصف قطاع غزة وما أسفر عن ذلك من قتل لآلاف المدنيين بدأت ضغوط الحلفاء تتزايد على إسرائيل لحملها على القبول بهدنة إنسانية طالب بها الرئيس الأميركي جو بايدن الذي “أدان المأساة” التي يتعرض لها سكان غزة.
وترى الصحيفة أن مرد هذا التحول في الموقف الأميركي هو الضغوط المتزايدة من الناخبين المسلمين الأميركيين الذين أعربوا عن نيتهم الامتناع عن التصويت في انتخابات عام 2024 بسبب الدعم القوي الذي يقدمه بايدن لإسرائيل في أعقاب عملية حماس.
ويرجع ذلك أيضا إلى أن الناخبين الأميركيين الشباب أكثر تأييدا للفلسطينيين من تأييدهم لإسرائيل، إذ وجد استطلاع حديث أجرته جامعة هارفارد أن ما يقرب من نصف المستطلعة آراؤهم (48%) يقولون إنهم يقفون إلى جانب حماس بدلا من إسرائيل في هذا الصراع، وتقول النسبة نفسها إنهم لا يوافقون بشدة على سياسة بايدن المؤيدة لإسرائيل.
ثانيا: معاداة السامية على أشدها
تقول جروزاليم بوست إن الأعمال المناهضة لليهود زادت بنسبة غير مسبوقة إذ وصلت الدعوات عبر الإنترنت للعنف ضد إسرائيل والصهاينة واليهود 1200%، وفقا لتقرير صدر الشهر الماضي عن نظام مراقبة معاداة السامية عبر الإنترنت (إيه سي إم إس).
وذكرت في هذا الإطار أن حاخاما قتلت أمام منزلها في ديترويت، كما طعنت امرأة يهودية في فرنسا ورسم صليب معقوف على بابها، واقتحم حشد في داغستان مطارا بحثا عن يهود كانوا على متن إحدى الطائرات، كما حذرت إسرائيل مواطنيها من السفر إلى الخارج.
ثالثا إسرائيل تعيش صدمة جماعية
حتى قبل أن تتسلل حماس إلى إسرائيل، وجدت دراسة نشرت في مجلة الطب النفسي الدولي أن ما يصل إلى 27% من الأطفال الإسرائيليين اليهود في بعض مناطق البلاد قد تم تشخيص إصابتهم باضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة.
وأظهرت دراسة أجرتها جامعة تل أبيب في تل حاي عام 2021 أن مستوى المرونة الشخصية بين المواطنين انخفض باستمرار طوال فترة جائحة كوفيد-19 واستمر في الانخفاض، وعلى الأخص خلال موجة القتال مع حماس في 2021.
وكتبت مراسلة الصحيفة للصحة والعلوم جودي سيغل: “سيؤثر الصراع الحالي بلا شك على الإسرائيليين عاطفيا لعقود وربما لأجيال قادمة”.
رابعا إسرائيل تواجه ركودا اقتصاديا
توقع اقتصاديون بارزون أن الاقتصاد الإسرائيلي على وشك الانزلاق إلى الركود مع استمرار الصراع وتحويل أكثر من 360 ألف جندي احتياطي تم استدعاؤهم حاليا للخدمة من وظائفهم العادية.
وفي الأسبوع الماضي، طالب 300 من كبار الاقتصاديين في رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش بالتعليق الفوري لجميع النفقات غير الضرورية في ميزانية الدولة وإعادة تقييم شامل لأولويات الإنفاق، لمعالجة الأزمة الاقتصادية الوشيكة جدا.
وقالت الرسالة “إن الضربة القاسية التي تلقتها إسرائيل تتطلب تغييرا جذريا في ترتيب الأولويات الوطنية وتحويلا هائلا للميزانيات لمعالجة الأضرار التي سببتها الحرب ومساعدة الضحايا وإعادة تأهيل الدولة”.
خامسا إسرائيل متورطة في حرب لا نهاية لها
مع دخول إسرائيل أسبوعا آخر من حربها على غزة، لا يبدو، حسب الصحيفة، أن ثمة نهاية واضحة للعبة، ورغم أن فكرة “تدمير حماس” قد تبدو جذابة، فإن التطبيق العملي لتحقيق هذا الهدف والعواقب المحتملة تظل غير واضحة، إذ تقول الصحيفة إن حماس مندمجة بشكل عميق في الحياة الاجتماعية والمدنية في غزة، كما تتمتع بدعم واسع في الضفة الغربية.
وفضلا عن ذلك، تذكر الصحيفة أن حماس تحتجز أكثر من 240 إسرائيليا ومواطنا أجنبيا “رهائن” في غزة، وقالت إسرائيل إنها ملتزمة بتأمين إطلاق سراحهم.
وأضافت الصحيفة أن حماس ذكرت يوم السبت أن أكثر من 60 “رهينة” في عداد المفقودين بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية في غزة. وإذا كان ذلك صحيحا، تقول الصحيفة، فإن الغزو البري المتصاعد يمكن أن يعرض حياة هؤلاء الرهائن للخطر ويعقد تحقيق الهدف المنشود، وحتى إذا تم تفكيك حماس فمن يضمن لنا أن حركة أخرى مناهضة لإسرائيل لن تبزغ؟ يتساءل لسان حال الصحيفة.