يبدو أن الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المتشددة تقايض بنيامين نتنياهو بالمال مقابل بقائه على رأس الحكومة، وذلك بطرحها لمطالب نظير موافقتها على مشروع الميزانية السنوية.
ويواجه نتنياهو مفاوضات صعبة مع الأحزاب الشريكة له بالحكومة قبيل حلول 29 مايو/أيار الجاري، وهو الموعد الأخير لمصادقة الكنيست (البرلمان) على ميزانية الدولة.
وطبقا للقانون الإسرائيلي، فإنه ما لم يصادق الكنيست على الميزانية حتى ذلك التاريخ فإن البرلمان يكون معرضا للحل وتحديد موعد لانتخابات مبكرة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022 شكل نتنياهو حكومته الأكثر يمينية في إسرائيل بعد 5 انتخابات في أقل من 4 سنوات خسر خلالها رئاسة الحكومة لأكثر من عام ونصف حينما تشكلت حكومة نفتالي بينيت ويائير لبيد.
ويحتاج نتنياهو إلى أن يكون على رأس الحكومة في الوقت الذي تنظر فيه المحكمة المركزية الإسرائيلية في اتهامات موجهة ضده بتهم رشوة واحتيال وإساءة للأمانة.
ورفض نتنياهو مرارا هذه الاتهامات، ولكن ما لم تتم إدانته من المحكمة العليا -أعلى هيئة قضائية في البلاد- فيمكنه البقاء في منصبه ما لم تسقط حكومته.
ومنذ تشكيلها تعد أزمة الميزانية الأكثر جدية أمام حكومة نتنياهو بمقاعدها الـ64 بالكنيست المكون من 120 مقعدا.
وعند حصوله على موافقة الأحزاب الشريكة له، يمكن لنتنياهو نيل ثقة الكنيست لميزانية عامي 2023 و2024، ولكنه يواجه إشكالات مع أحزاب حكومته.
المال مقابل التصويت
وفي 16 مايو/أيار الجاري وافقت لجنة المالية البرلمانية الإسرائيلية على مشروع قانون موازنة الدولة لعامي 2023 و2024.
وقال الكنيست في بيان “بموجب مشروع القانون، ستصل موازنة الدولة لعام 2023 إلى 484 مليار شيكل (132 مليار دولار) و514 مليار شيكل (140 مليار دولار) لعام 2024.
وتهدد الأحزاب الدينية واليمينية القومية بعدم التصويت لمصلحة مشروع قانون الميزانية ما لم تحصل على ميزانيات، وسط تحذيرات من تأثير القبول بها على مستقبل إسرائيل.
لكن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية قالت الأحد الماضي إن زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف إيتمار بن غفير طالب بميزانية قيمتها 700 مليون شيكل (192 مليون دولار) تخصص لتطوير النقب والجليل (جنوب)، حسب تعبيره. أما حزب “يهودوت هتوراه” فيطالب بمبلغ 600 مليون شيكل (164 مليون دولار) تخصص للمدارس الدينية.
كما نقلت هيئة البث عن نتنياهو قوله إن إعادة فتح الميزانية لتوزيع الأموال مجددا يعد انتحارا، لأن ذلك يعني عدم الانتهاء من المطالب الحزبية قريبا، ومن ثم عدم إمكانية تمرير الميزانية في موعدها الأقصى وهو يوم 29 من الشهر الجاري.
إسقاط الحكومة
ويؤكد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن فتح الميزانية والتصرف بها على نحو مختلف يعني إسقاط الحكومة وفتح الإمكانية لبقية أحزاب الائتلاف بطرح مطالب جديدة، وذلك يعني عدم التمكن في نهاية المطاف من تمرير الميزانية المعدّة للتصويت.
وعامل الوقت حاسم في مثل هذا الخلاف القائم في الائتلاف الحكومي، إذ من المتوقع أن يبدأ التصويت على بنود الميزانية المعدة لعامي 2023 و2024 في الهيئة العامة للكنيست، الثلاثاء، على أن ينتهي التصويت صباح الأربعاء من هذا الأسبوع وفقا للبرنامج المعد سابقا.
وفي كلمة له في القدس الغربية، الخميس، قال نتنياهو إن الوقت حان للتوقف عن توجيه التهديدات، والتوقف عن المقاطعة، وحث شركاءه على العمل معا لتمرير الميزانية من أجل الشعب.
ويدرك نتنياهو أن الأحزاب الشريكة ستضطر في نهاية الأمر إلى التصويت لمصلحة الميزانية خشية سقوط الحكومة والتوجه لانتخابات مبكرة، ومع ذلك فإن شركاءه يواصلون الضغط عليه حتى اللحظات الأخيرة.