قال موقع إنترسبت الأميركي إن شركة إسرائيلية شهيرة في مجال تكنولوجيا التجسس أرسلت خطابين عاجلين لطلب اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤولين في وزارته بهدف تحذيرهم من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وجاء في الرسالة -التي بعثها مكتب للمحاماة نيابة عن مجموعة “إن إس أو” التي تنتج برامج التجسس الإسرائيلية بيغاسوس– أن الشركة “تطلب بشكل عاجل فرصة للتواصل مع الوزير بلينكن والمسؤولين في وزارة الخارجية في ما يتعلق بأهمية تكنولوجيا الاستخبارات السيبرانية” في أعقاب ما سمتها “التهديدات الأمنية الخطيرة” التي تشكلها المقاومة.
وتعد هذه الرسالة أحدث سعي من الشركة لإعادة تلميع صورتها، والأهم من ذلك شطبها من القائمة السوداء الأميركية.
وفي العامين الماضيين تعرضت سمعة “إن إس أو” لضربة كبيرة بعد الكشف عن دور برامج التجسس التابعة لها في انتهاكات حقوق الإنسان.
ومع اتهامها بالتجسس لصالح دول دكتاتورية أدرجت وزارة التجارة الأميركية المجموعة في القائمة السوداء في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وقالت الوزارة وقتها “إن حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية الأميركية”، وبعد شهر من معاقبتها تم الكشف عن استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على الدبلوماسيين الأميركيين.
وكانت القائمة السوداء بمثابة تهديد وجودي للشركة، لذلك فهي تستعين بالعديد من شركات العلاقات العامة والمحاماة الأميركية، وأنفقت 1.5 مليون دولار العام الماضي وركزت بشكل كبير على السياسيين الجمهوريين الذين أصبح العديد منهم الآن صريحين في دعمهم لإسرائيل، وضد وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
تلميع الصورة
ومع تصاعد الحرب على غزة تبدو “إن إس أو” أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بأنها ذات فائدة للحكومة الأميركية.
وجاء في الرسالة الموجهة إلى بلينكن “إن تكنولوجيا الشركة تدعم الحرب العالمية الحالية ضد الإرهاب بجميع أشكاله، وتتوافق هذه الجهود بشكل مباشر مع الرسائل المتكررة لإدارة بايدن لدعم الحكومة الإسرائيلية”.
وتسوّق شركة “إن إس أو” نفسها على أنها متطوعة في المجهود الحربي الإسرائيلي بزعم أنها تساعد في تعقب الإسرائيليين المفقودين والرهائن.
وفي هذه اللحظة -التي وصفها 6 خبراء لموقع “إنترسبت” بأنها محاولة من جانب الشركة لـ”تلميع الصورة”- يعتقد البعض أن الحكومة الأميركية قد تخلق مساحة للشركة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وتوضح الوثائق التي حصل عليها الموقع الضغوط المكثفة التي تبذلها الشركة، خاصة بين الجمهوريين الصقور المؤيدين لإسرائيل.
وعقدت شركة “بيلسبري وينثروب شو بيتمان” -وهي شركة محاماة مقرها نيويورك- أكثر من 6 اجتماعات بين مارس/آذار وأغسطس/آب الماضيين نيابة عن “إن إس أو” مع بيت سيشنز النائب الجمهوري عن ولاية تكساس، وهو عضو في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب وكذلك الرقابة والإصلاح.
وناقش أحد هذه الاجتماعات “وضع الاستئناف الذي قدمه مكتب الصناعة والاتصالات الأمنية التابع لوزارة التجارة الأميركية”.
وعقدت جماعات الضغط أيضا 3 اجتماعات مع جاستن ديسيجيل الذي كان آنذاك رئيسا لموظفي النائب اليميني المتطرف دان كرينشو، وهو جمهوري من تكساس وعضو في اللجنة المختارة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب.
كما تقدم السجلات العامة بشأن جهود الشركة أمثلة ملموسة لمحاولتها التهرب من العلاقة القائمة بينها وبين الحكومة الإسرائيلية.
تقييم للمخاطر
وجاء في الرسالة الموجهة إلى بلينكن “يتم التعامل مع أداة بيغاسوس التابعة لشركة “إن إس أو” في إسرائيل باعتبارها أداة دفاعية تخضع للتنظيم من قبل الجهات التنظيمية في البلاد، ويجري تقييم مخاطرها على حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم”.
وقالت وزارة التجارة الأميركية إنه لا يوجد تغيير في وضع “إن إس أو” في القائمة السوداء، وامتنعت عن التعليق.
ووفقا لمجموعة الأبحاث “فورانسيك أركيتاكتار”، فقد ساهم استخدام منتجات مجموعة “إن إس أو” في وقوع أكثر من 150 اعتداء جسديا ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
وفي رسالة إلى وزارة العدل في يوليو/تموز الماضي دعت منظمة “الديمقراطية للعالم العربي الآن” الحكومة إلى التحقيق فيما وُصف في ذلك الوقت بعدم تسجيل الشركات كوكلاء لإسرائيل بموجب قانون تسجيل الأجانب، وجاء في الرسالة “نعتقد أن هذا التحريف متعمد”.
ولم تذكر أي من الشركات الأربع التي عينتها “إن إس أو” في تسجيلاتها أن هناك أي سيطرة حكومية إسرائيلية على مجموعة برامج التجسس، وذلك رغم الأدلة التي قدمتها منظمة “الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن” عن النفوذ الإسرائيلي على الشركة التي تلبي التعريف الأميركي للسيطرة الحكومية، ويشمل ذلك حقيقة أن جميع عقود “إن إس أو” تحددها حكومة إسرائيل بزعم أنها تخدم مصالح سياسية، حسب الموقع.
ومع ذلك، لا تقدم وزارة العدل تحديثات أو ردودا على مثل هذه الإحالات، ولم تنشر رأيا أو تصدر عقوبة.
وقال شابيرو من منظمة “الديمقراطية للعالم العربي الآن” إنه “استنادا إلى ملفات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب سيكون لدى المرء انطباع بأن شركة “إن إس أو” كانت بمثابة شركة خاصة عادية، ولكن نظرا لدورها في برامج التجسس فإن فهم سيطرة الحكومة أمر مهم حقا”.