على الجانب الآخر من الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة وفى داخل الكيان المغتصب أو ما يسمى بدولة إسرائيل ؛ هناك حرب أخرى تدور رحاها بين أبناء الصهاينة يعتليها الجدل الثائر بين ايهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ونظيره الحالى بنيامين نتنياهو.
وصف اولمرت نتنياهو بسيد الهراء ردا على زعم الأخير بأنه سيد الدهاء، وبأنه يخوض حربا ناجحة ضد الفلسطينيين ، اولمرت انتقد سياسات نتنياهو وخاصة ماتعلق بما صرح به بنيامين بعدم مسؤليته الكلية عن طوفان الأقصى واتهامه لجهاز المخابرات والأمن الداخلى بالتقصير، وبأنهم أكدوا له أن حركة المقاومة الإسلامية حماس فى أضعف حالاتها، وبأنها ترغب فى التفاوض مع سلطات الاحتلال وتقديم فروض الولاء والطاعة.
أولمرت أكد فى لقاء تلفزيوني على إحدى القنوات العبرية أن مافعله نتنياهو لا يمت للدهاء بصلة بل هو ينتمى للهراء ؛ ولا بد أن نصف نتنياهو بأنه سيد الهراء، لم يكتف أولمرت بذلك بل زاده بالقول إن تعامل رئيس الحكومة الإسرائيلية مع تبعات طوفان الأقصى سيؤدى ببلاده إلى السقوط فى بركان الكراهية والغضب، والتقط الحوار نظيرهما ايهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ؛ بانتقاد موسع لسياسات نتنياهو ووصفه بالفاشل الذى يزيد من خسائر إسرائيل على كافة المناحى وخاصة العسكرية ؛ لإصراره على إقحام الجنود فى اقتحامات برية وإن كانت محدودة إلا أنها أظهرت نجاح حماس فى قنص وإرباك القوات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من ان اولمرت وباراك رحبا بحرب غزة ؛ وأكدا أن القضاء على أهل غزة هو بمثابة بؤرة الأمان لدولتهم ؛ إلا أنهما اتفقا على صعوبة القضاء على حماس ، وأن الأمر يستلزم وقتا طويلا وهو الأمر الذى سيدمر الاقتصاد الإسرائيلى المدعوم أمريكيا وأوروبيا.
انتقادات السياسيين الإسرائيليين يقابلها مظاهرات إسرائيلية من عوائل الاسرى والقتلى تطالب باستعادة أسراهم وانهاء الحرب وقفا لمزيدا من القتلى والمصابين ، أهالي الاسرى يتظاهرون أمام منزل نتنياهو وأمام مقر الحكم فى تل ابيب ؛مجددين مطالبين بابرام صفقة من اجل استعادة ذويهم ، وهو الأمر الذى تقابله الحكومة الإسرائيلية بعدم الاهتمام والمماطلة طمعا فى المزيد من الوقت لتحقيق أهدافها بإجبار أهالى غزة على النزوح الى جنوب القطاع ، وتدمير شمال القطاع على رؤوس المقاومة الفلسطينية والفتك بها فى انفاقها ، وبالطبع من اجل استكمال مخطط تقطيع اوصال قطاع غزة والدفع بسكانه الى الهروب بحياتهم نحو معبر رفح والدخول الى مصر ؛ وهو الامر الذى رفضته القيادة السياسية المصرية جملة وتفصيلا . الكيان الإسرائيلي وصفه ايلون ماسك صاحب المنصة العالمية تويتر بانه يزيد من المنتمين الى حماس ؛ لأنه بقتله واصابة الأبرياء فى غزة خلق العديد ممن سيكبرون وهم على يقين بان إسرائيل تقتل أطفال ونساء أبرياء وان حماس لم تفعل ذلك مع اسرى إسرائيل ؛ بل ان الاسرائيليتان المفرج عنهما مسبقا تحدثتا عن معاملة إنسانية راقية.
أضف إلى ذلك أن الأجانب الذين كانوا متواجدين فى غزة وتم إخراجهم عبر معبر رفح ؛ قالوا لدى عودتهم إلى بلادهم بأن أهل غزة ورجال المقاومة كانوا يتعاملون معهم بمنتهى الرقى والأخلاق العالية، وبأنهم كانوا يؤثرونهم على انفسهم .
تفاصيل مايجرى فى غزة وتطوراته يجعلك تتأكد بأن وراء الأكمة ماوراءها ، وبأن الغد سيحمل معه المزيد من المفاجآت لعل مافيها من القادم يؤكد ان مستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلية انتهى وان شعبه سيقدمه للمحاكمة لتقصيره فى حمايتهم على حد قولهم ، ناهيك عن صورة الكيان فى أعين العالم كله والتى أصبحت مشوهة وفاضحة فهو كيان قاتل للأطفال والنساء، أضف إلى ذلك انهيار ماتحاول إسرائيل ترسيخه فى عقول الناس أجمعين بأن لديها جيشا لا يقهر وأنها دولة مرعبة وقادرة ، وجنبا إلى جنب يأتى الأثر الاقتصادى والذى سيعانى لفترة ليست بالقصيرة من تداعيات طوفان الأقصى والذى بالفعل صدق مسماه بأنه طوفان يأخذ كل مايقابله فى وجهه ويستلزم احتواء آثاره سنوات ومجهودات على كافة الاتجاهات . مايحدث فى غزة على يد سيد الهراء والداعمة الأعظم له ليس الا بداية النهاية للظلم الإنساني والتعسف والامبريالية الانجلو أمريكية.
مايحدث فى غزة يعلم تطوراته كل من قرأ التاريخ ؛ وكل من على علم بالقيم الإنسانية والدينية والتى تتفق كلها على أن الحق لا يضيع طالما وراءه من يطالب به ؛ ويبذل من اجله النفيس والغالى ، وهو مانراه الآن فى غزة ومن أهلها شعب الجبارين.
سلاما على أهل بلاد الأنبياء والرسل ولا سلاما على قتلة الأنبياء والرسل والبشر والشجر والحجر .