تحل اليوم الذكرى التاسعة عشر لوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والذي مازالت صورته حاضرة لا تغيب، هو يحمل غصن الزيتون ممثلاً السلام في يد، بندقيته في اليد الأخرى رمزًا للكفاح والمقاومة، بينما كان يُخير قادة العالم في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قائلاً:
«جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون في يدي، وبندقية الثائر في الأخرى، فلا تسقط الغصن الأخضر من يدي».
بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، أكد الخبراء السويسريون على أنه تعرض للتسمم بالبولونيوم، وذلك عند تحليل رفاته، في حين لم يتبين بعد إن كان هو السبب الرئيسي في موته أم لا.. فكيف تسمم عرفات به؟..
حياة ياسر عرفات تختلف عن حياة أقرانه
وُلد أبو عمار في 4 أغطس عام 1929م، بمدينة القدس، وعاش طفولته بها بين أشقائه الـ 6 وأفراد عائلة الحسيني التي ينتسب إليها، وظل يتابع الانتفاضات المتوالية في أعقاب الانتداب البريطاني، ولم تكن نشأته مماثله لباقي أقرانه في مثل العمر، فقد عاش حياة في أحداث بدايات القضية الفلسطينية، وشكل الجزء الأكبر من وعيه واهتماماته التي انصبت فيما بعد بالسياسة والشئون العسكرية، إلى أن آتى إلى مصر برفقة والده للعمل بتجارة الأغذية.
انضم ياسر عرفات إلى الحركة الوطنية الفلسطينية التابعة لاتحاد طلاب فلسطين عام 1944م، ومن ثم أصبح رئيسًا له في الفترة من 1953م، إلى 1968م، وكان يتقدم المظاهرات المناهضة للاستعمار الإنجليزي لمصر.
على الرغم من بُعد ياسر عرفات عن الأراضي المحتلة في ذلك الوقت، إلا أنه كان حاضرًا بدوره في تهريب الأسلحة والذخائر إلى الثوار الفلسطينيين، حتى جاءت مشاركته في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948م.
بعد النكبة عاد ياسر عرفات مع أسرته إلى قطاع غزة ومنها إلى القاهرة مرة أخرى، وانضم إلى مجموعات الفدائيين المصريين في عملياتهم ضد الإنجليز، إلى جانب دراسته للهندسة في جامعة الملك فؤاد الأول «جامعة القاهرة حاليًا».
التحق ياسر عرفات بالجيش المصري برتبة ضابط احتياط في سلاح المهندسين العسكريين لنزع الألغام بمدينة بورسعيد، خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، حتى تخرج من جامعته ووجه مكتسباته من العمل بمدينة المحلة الكبرى للإنفاق على المقاومة وهو ما كان بمثابة الخطوة الأولي في مشروع حركة فتح إلى أن اتجه إلى الكويت.
شكل عرفات الخلية الأولى لحركة فتح في الكويت، وتتابعت العمليات لفدائيي فتح، شن الاحتلال غارات مكثفة على تمركزاتها بطول نهر الأردن، ليقول عرفات “ نُطعم لحومنا لجنازير الدبابات ولا ننسحب”، ثم تم تعيين عرفات ناطقًا باسم الحركة في ابريل 1968م، للمشاركة في وضع أسس تكوين منظمة التحرير الفلسطينية، التي أصبح رئيسًا للجنتها التنفيذية.
كان عرفات قد وقع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين اتفاق إعلان المبادئ “ أوسلو” في البيت الأبيض عام 1993م، ثم اُنتخب رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية في انتخابات عامة.
زوجي مات مسمومًا
بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، حاصرت قوات الاحتلال مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لمدة عامين ومنعته من مغادرة منزله، وبعد ما اندلعت انتفاضة الأقصى بتهمة قيادتها، تعرض للاحتجاز خلالها عدة مرات، تدهورت على إثرها حالته الصحية ليتم نقله إلى أحد مستشفيات فرنسا، ليلفظ أنفاسه الأخيرة في 11 نوفمبر عام 2004.
بعد وفاته خرجت زوجة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بأن زوجها مات مسمومًا، وهو الأمر الذي أكده تقرير خبراء الطب الشرعي في سويسرا، لكن أخصائيين روس قالوا في 2013 أنه مات لأسباب طبيعية بعد فحص رفاته.
ما هو البولونيوم؟
يعتبر البولونيوم عنصرا كيميائيا مشعا شديد الخطورة، ويتوفر بكمية قليلة في البيئة المحيطة بنا، وعمره النصفي قصير نسبيًا، ويمكنه الدخول إلى جسم الإنسان عن طريق الطعام، خاصة المأكولات البحرية.
يوجد البولونيوم بكميات صغيرة جدًا في البيئة، لذا لا يضر بالجسم، لكن في حال دخول كمية كبيرة منه في جسم الإنسان يُسبب التسمم الذي قد يُنهي حياة الشخص خلال عدة أيام أو أسابيع، فيدخل الجسم من خلال الاستنشاق أو ابتلاعه بكمية كبيرة أو من خلال الجروح.
أعراض التسمم بالبولونيوم
يمكن للمعامل الكشف عن الإصابة بتسمم البولونيوم من خلال إجراء تحاليل البول، وعادة ما تظهر بعض الأعراض على الشخص المُصاب به منها:
- القيء والغثيان
- فقدان الشهية
- تساقط الشعر
- انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء
- إسهال
- تلف نخاع العظام كلما زادت الجرعة
يستمر تلف النخاع العظمي ما يؤدي إلى انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، وعادة ما يموت الشخص خلال بضعة أسابيع أو أشهر.