يرى خبراء ومحللون أن القمة العربية الإسلامية المشتركة، فشلت باستثمار الضغوط المتزايدة ضد الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة له، في مواجهة ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان غير مسبوق لا يزال مستمرا رغم الأوضاع المتدهورة على مختلف الأصعدة في القطاع.
وأوحت صياغة القرارات الصادرة عن القمة التي انعقدت السبت في العاصمة السعودية الرياض، بأن انفراجة باتت قريبة لتلك الأوضاع، حيث دعت لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع.
لكن عدم ترجمة تلك القرارات إلى إجراءات على الأرض دفع وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش الذي تحدث للجزيرة من مستشفى الشفاء المحاصر في مدينة غزة ضمن الوقفة التحليلية “غزة.. ماذا بعد؟” لنقل “خيبة الأمل الكبيرة” التي سيطرت على المرضى والأطباء والنازحين في المستشفى جراء ذلك.
وأوضح أنه لم يكن من المتوقع لديهم أن يصل العجز والصمت بالمشاركين في القمة أو حتى من العالم إلى هذه الحال، حيث الصمت التام والتخلي الكامل عن قيم العدالة بعد كل هذه المجازر التي يتم نقلها بشكل يومي أمام مرأى الجميع على الشاشات، مضيفا أن أي آمال تحولت لكومة خيبة أمل بعد انقضاء القمة دون أثر.
وشدد على ضرورة الوقف الفوري لما يحدث من اعتداءات الاحتلال ومجازره المرتكبة ليل نهار، وإيصال المساعدات مباشرة وعلى رأسها الوقود والإمدادات الطبية الضرورية، وفتح ممر إنساني لنقل الجرحى الذين لم يعد المستشفى قادرا على رعايتهم حتى في حال عادت الكهرباء.
فشل واضح
بدوره، رأى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، أن القمة العربية الإسلامية المشتركة فشلت بشكل واضح، لأن ما خلصت إليه من قرارات لم يتجاوز الحديث الإنشائي، وأنه كان من الأجدى بهم الاتفاق على إرسال قافلة ممثلة لجميع الدول المشاركة وتحدي إسرائيل عبر إدخالها من معبر رفح.
واعتبر الحديث عن إيصال مساعدات عبر البحر والجو، “كلاما فارغا”، مضيفا أنه ليس من المتوقع أن تسمح إسرائيل بذلك، فمن رفض إدخال المساعدات بريا لن يسمح بها بأي صورة، في ظل الاستسلام لرفضها إدخال المساعدات عبر معبر رفح.
ويرى البرغوثي رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي وجهها بعد القمة للزعماء العرب بـ”أن يصمتوا إذا كانوا يريدون حماية مصالحهم”، هي وقاحة تظهر عجزا أمام من فشل في قهر الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن تغيير مواقف الدول الداعمة لإسرائيل وارد في حال استمرت الشعوب في حراكها الضاغط على حكوماتها، مشيرا في هذا السياق إلى ما اعتبره إجبارا من الشعب الفرنسي لرئيسهم إيمانويل ماكرون، على تغيير موقفه بشأن الوضع في غزة، واضطرار رئيس الوزراء البريطاني لـ”طرد” وزيرة الداخلية التي انتقدت سماح الشرطة للمظاهرات الداعمة لفلسطين.
دولة منبوذة
ومتفقا، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور عبد الله الشايجي، أن إسرائيل صارت دولة منبوذة ومكروهة في ظل خروج الملايين بمظاهرات يومية ضدها، مشيرا في هذا السياق لتصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن تزايد الضغط الدولي لإنهاء الحرب في قطاع غزة بسبب الوضع الإنساني هناك.
ومن ثم، يبدي استغرابه للتخاذل الحاصل أمام ما يجري من “إبادة عرقية” لأهالي قطاع غزة والصمت المطبق على عدوان الاحتلال، لافتا إلى أنه اقترح قبل انعقاد القمة لإثبات جدية المواقف أن تعقد في رفح ويتبعها تسيير قوافل لفك الحصار حيث لن تجرؤ إسرائيل على قصف ما يمثل 57 دولة عربية ومسلمة.
وأشار كذلك إلى أنه كان من المفترض اتخاذ إجراءات مختلفة من ضمنها سحب جميع سفراء دول القمة لإشعار إسرائيل بأنها تدفع ثمنا لعدوانها وأن فاتورته باهظة، لافتا إلى وجود تقارير صادرة عن سفارات أميركية في دول عربية حذرت من أن موقف إدارة جو بايدن المنحاز لإسرائيل سيخسر أميركا الرأي العام العربي على مدى جيل كامل.
ومن ثم، كان من الممكن -حسب رأيه- استثمار هذا الضغط الذي يتعرض له بايدن في ظل وضعه الحرج كمرشح في انتخابات 2024 في ظل انقسام متزايد داخل حزبه، وخسارة ملحوظة لشعبيته في شارع الناخب العربي والمسلم في أميركا.