جددت مصر رفضها للمخططات المسمومة التي يسعى المسؤولون في إسرائيل لتنفيذها داخل قطاع غزة، منذ تجدد الصراع بين قوات الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر الماضي على خلفية عملية طوفان الأقصى.
وتعمل إسرائيل على تهجير سكان غزة من بيوتهم وأراضيهم قسريا من شمال القطاع إلى الجنوب ومنه إلى داخل مصر أو أية وجهة أخرى، وخلق منطقة عازلة في الشمال لحماية المستوطنات القريبة من غلاف غزة والتي قامت المقاومة بمهاجمتها في أكتوبر الماضي.
مخططات إسرائيل المسمومة
وتحاضر قوات الاحتلال الإسرائيلي غزة منذ 43 يوميا، حيث تجري داخل القطاع عملية عسكرية دا///مية تهدف لتفريغ القطاع من سكانه البالغين 2.3 مليون نسمة وابتلاع أراضيه، حيث طرح كبار المسؤولين داخل الدولة العبرية في تهجير سكان القطاع إلى مصر والضغط عليها للاستجابة لذلك، وهو ما ترفضه مصر حكومة وشعبا مؤكدة أنه لا تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري، أنه يجب التركيز الآن على إنهاء الصراع الحالي في غزة وإنهاء معاناة المدنيين وليس على ما هو بعد، “ثم تناول الإطار الدولي الملائم لأي ترتيبات، وأن تكون هذه الترتيبات موحدة فيما يتعلق بكل من الضفة وقطاع غزة”.
وأضاف الوزير، أن هناك مقررات صادرة وهي الإطار القانوني الذي يحكم ما هي المسئوليات التي تقع على عاتق دولة الاحتلال موضحا أن أي ترتيبات أخرى يجب أن تكون تحت إطار قانوني منتظم.
وأوضح شكري أنه ليس من الملائم أن تكون هناك ترتيبات تعزز الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية أو تأتي بأية ترتيبات مغايرة للجهتين، مشددا على وحدة واتساق قطاع غزة والضفة الغربية باعتبارهما أراض محتلة ويخضعان للقانون الدولي والمسئوليات الملقاة على عاتق دولة الاحتلال.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقده وزير الخارجية سامح شكري، مع المراسلين الأجانب والعرب بالقاهرة حول الأوضاع في قطاع غزة بحضور المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ومدير إدارة الدبلوماسية العامة السفير أحمد أبو زيد.
وحول الشائعات بشأن ضغوط على مصر لإلغاء ديون مصر مقابل الموافقة على تهجير سكان غزة إلى سيناء أو الأراضي المصرية، فقد أكد وزير الخارجية سامح شكري أن كل التصريحات الصادرة من مصر كانت واضحة في هذا الصدد ولن تكون هناك أية إمكانية للنزوح أو لانتقال الفلسطينيين إلى هذه الأراضي وأن يتركوا موقعهم ولم تكن هناك أية مناقشات في صدد اعتبار الموقف الاقتصادي لمصر يرتبط بالتطورات في غزة.
وأضاف أن “مصر دولة تتمسك بالمبادىء وهذا من مبادئنا، ولا يجب أن ينظر إلى الأمر على أنه يعتمد على معاملة شىء مقابل شىء ولكنه أمر يتصل بالمبادىء والتمسك بها”.
وكان قد رد وزير الخارجية، في الأيام القليلة الماضية أيضاً على تصريحات منسوبة لوزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، حول تهجير الفلسطينيين خارج غزة، وقال إنها تصريحات “غير مسؤولة وتخالف القانون الدولي ومرفوضة جملةً وتفصيلا”.
التهجير مقابل تصفير الديون
وأكد وزير الخارجية، أن “تصريح وزير المالية الإسرائيلي، يُعد تعبيراً عن سياسة الحكومة الإسرائيلية المخالفة للقوانين الدولية، وأن أي محاولة لتبرير وتشجيع تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة، هي أمر مرفوض مصرياً ودولياً جُملةً وتفصيلاً”، بحسب البيان.
ورأى شكري، أن “نزوح المواطنين في غزة هو نتاج الاستهداف العسكري المتعمد للمدنيين بالقطاع، وعمليات حصار وتجويع مقصودة، تستهدف خلق الظروف التي تؤدي إلى ترك المواطنين منازلهم ومناطق إقامتهم، في جريمة حرب مكتملة الأركان، وفقاً لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949″، بحسب بيان الوزارة.
وأكد شكري “موقف مصر الرافض بشكل قاطع لسياسات التهجير القسري للفلسطينيين، أو تعمد حجب المساعدات الإنسانية والخدمات الضرورية، بما يخلق أوضاعاً غير مُحتملة على كاهل المدنيين، أو السماح بتصفية القضية الفلسطينية”.
يشار إلى أنه كان قد قال مصدر قيادي في حماس في 18 أكتوبر 2023، إن خطة الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي تشمل تهجير نصف سكان غزة إلي مصر.
وأوضح المصدر القيادي في حماس، أن “الرئيس الأمريكي جو بايدن زار الأراضي المحتلة؛ ليضغط على مصر للقبول بخطة تهجير سكان غزة إلى سيناء”، مشددًا على أن “القيادة المصرية ترفض خطة التهجير وتعتبرها تهديدا للأمن القومي المصري”.
ومن جهته، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر دولة كبيرة وتحافظ على السلام، ولكن ما تسعى له إسرائيل غير مقبول، بشأن تهجير أهل غزة إلي مصر.
وحذر السيسي من خطورة ما يحدث، قائلا إنه “من الممكن أن يحدث بعد ذلك عمليات عسكرية من قبل بعض المقاومة ويصبح الضرب في سيناء”، معلقًا: “سيناء لن تكون قاعدة لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وبعد ذلك تقوم إسرائيل بضرب سيناء”.
وكشف مصدر خلال تصريحات إعلامية له في وقت سابق، أن “بايدن سيعرض على مصر تصفير ديونها مقابل الموافقة على خطة التهجير”، مضيفًا أن “مجزرة المستشفى المعمداني جاءت للضغط من أجل إنجاح خطة التهجير لكنها أتت بأثر عكسي”.
مشروع إسرائيل من 23 سنة
يشار إلى أن مخطط تهجير الفلسطنيين إلى سيناء وضع في عام 2000 على يد جنرال الاحتياط الإسرائيلي جيورا آيلاند الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي.
ونصت الخطة على أن تنقل مصر إلى قطاع غزة، مناطق من سيناء، مساحتها 720 كيلومترا مربعا، وهذه الأراضي عبارة عن مستطيل ضلعه الأول يمتد على طول 24 كيلومترا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى العريش، وبعرض 20 كلم داخل سيناء. إضافة إلى شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبا، ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر.
وتؤدي هذه الزيادة إلى مضاعفة حجم قطاع غزة البالغ حاليا 365 كيلومترا مربعا إلى نحو 3 مرات، وأن توازي مساحة 720 كيلومترا مربعا نحو 12 في المائة من أراضي الضفة الغربية.
ومقابل هذه الزيادة على أراضي غزة، يتنازل الفلسطينيون عن 12% من أراضي الضفة الغربية التي ستضمها إسرائيل إليها، شاملة الكتل الاستيطانية الكبرى، وغلاف مدينة القدس، ومقابل الأراضي التي ستتنازل عنها مصر لتوسيع قطاع غزة، ستحصل من إسرائيل على منطقة جنوب غربي النقب، توازي تقريبا مساحة المنطقة التي ستتنازل عنها، وبعد ذلك تسمح إسرائيل لمصر بارتباط بري بينها وبين الأردن، من خلال حفر قناة بينهما، وستمر القناة التي يبلغ طولها نحو 10 كيلومترات من الشرق إلى الغرب، على بعد 5 كيلومترات من إيلات، وتكون خاضعة للسيادة المصرية.
واقترح آيلاند أن تقترح أوروبا المشروع وتتبناه الولايات المتحدة ومصر والأردن، لكن الفلسطينيين رفضوه تماما، حتى اقترح الرئيس المعزول محمد مرسي توسيع غزة عبر أراضي سيناء على قادة حماس وعلى الرئيس الفلسطيني.
وقال عباس: “قلت له إن هذا كلام لا نقبله.. قلت له إن إسرائيل تريد أن تلقي بغزة في مصر وهذا يخرب المشروع الوطني الفلسطيني.. لم يعجبه الكلام.. وقال لي: هم كم عددهم في غزة بنحطهم في شبرا”.
وقال الكاتب الصحفي شريف عارف، إن مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم مخطط دائم ومستمر اتخذ شكل التطبيق خلال العام الأسود من حكم جماعة الإخوان لمصر حينما طرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الفكرة على محمد مرسي وتحدث عنها أيضا مرشد الجماعة الإرهابية محمد بديع في مسألة توطين الفلسطينيين في شمال سيناء.
وأضاف عارف خلال تصريحات لـ”صدى البلد”، أنه على الرغم من موقف الجماعة الإرهابية وتكذيبها لهذه التصريحات إلا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد في تصريحات خاصة عام 2018 من أنه كانت هناك مفاوضات بالفعل تجرى بين جماعة الإخوان الإرهابية والإدارة الأمريكية وإسرائيل لإقرار فكرة توطين الفلسطينيين من أبناء غزة في شمال سيناء.
الموقف الأمريكي من الحرب
وأكمل عارف: الحقيقة فإن المصريين والفلسطينيين وقفوا ضد هذا المخطط الذي تطرقت إليه المراسلات المتبادلة بين وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وقادة الجماعة الإرهابية.
وتابع: كل مؤتمرات القمة العربية على مدى العقود الماضية رفضت فكرة توطين الفلسطينيين في أي من الدول العربية لأنها تعني تفريغ للقضية الفلسطينية من مضمونها وترك الاحتلال الإسرائيلي يعبث بالأرض.
وأكد: أما عن الموقف الأمريكي فإن الإدارة الأمريكية تنفذ كل ما تطلبه إسرائيل وهي تسعى لتلبية كل هذه الأوهام التي لن يرضى بها العرب ولن يكون لها أي تأثير لأن في رأيي أن القرار في النهاية سيكون للشارع العربي.