شهدت العلاقات بين مصر وتركيا، خلال الفترة الماضية تطورا ملحوظا كشف عن سعي كل من قيادة البلدين لإعادة العلاقات لسابق عهدها بعد فترة من التوتر.
زيارة أردوغان لمصر
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات صحفية، على متن الطائرة في أثناء عودته إلى بلاده بعد زيارته الجزائر، إنه قد يتوجه إلى مصر قريبًا، وإن حرب غزة ستكون الملف الأساسي خلال الزيارة، فضلًا عن خطوات لتوثيق العلاقات بين مصر وتركيا، وفقًا لـ”TGRT Haber”.
وأضاف “قد أرتب زيارة إلى مصر في أقرب وقت ممكن سنتحدث عن الخطوات التي يمكننا اتخاذها وكيف يتسنى لنا تمهيد الطريق لإجلاء المرضى”.
وأوضح أنه يعتبر الموقف المصري حيويًا لضمان مرور المزيد من الجرحى والمساعدات عبر معبر رفح بسهولة أكبر، وأن الإدارة المصرية تتخذ خطوات إيجابية على المعبر.
وأشار أردوغان إلى”أنه في المرحلة الأولى استقبلت تركيا 40 مريضًا بالسرطان في غزة، وفي المرحلة الثانية ارتفع هذا العدد بشكل ملحوظ، ووصلنا إلى 88 مريضًا و67 مُرافقًا؛ وقال: نحن نعالجهم في مستشفياتنا، وسنواصل القيام بذلك”.
وتابع: “نريد جلب كل هؤلاء المرضى في أسرع وقت ممكن، وهدفنا الأول هو استقبال هولاء الذين يحتاجون إلى التدخل الجراحي في أسرع وقت ممكن بجانب الأطفال”.
وذكر الرئيس التركي أن أزمة الحصار على غزة يتم حلها من خلال الاستراتيجيات التي تضعها جميع دول منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، مشيرًا إلى أنه لا يمكن كسره بمجرد إدخال بعض المساعدات.
وكانت تركيا، استقبلت ما يقرب من 200 شخص تم إجلاؤهم من قطاع غزة، من بينهم عشرات سيتلقون الرعاية الطبية هناك، حسبما صرح فخر الدين قوجه، وزير الصحة التركي، وفقًا لـ”رويترز”.
ورحبت وزارة الخارجية التركية، الأربعاء، بـ صفقة تبادل الأسرى والهدنة الإنسانية التي تمت بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس.
وقالت وزارة الخارجية التركية في باين لها، إن التوصل لهدنة إنسانية بين حماس والاحتلال الإسرائيلي لمدة 4 أيام تطور إيجابي.
وأضافت الوزارة أن تركيا ننتظر الالتزام الكامل باتفاق الهدنة الذي يتضمن إطلاق سراح جزء من الأسري لدى حماس والمعتقلين في إسرائيل.
ووفقا لبيان الخارجية التركية، فإن تركيا تثمن جهود قطر للتوصل إلى اتفاق الهدنة الإنسانية بين حماس وإسرائيل وتأمل أن تساعد على إنهاء النزاع.
من جانبه قال الباحث السياسي، بشير عبد الفتاح، إن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وتبادل السفراء بين مصر وتركيا بعد انقطاع دام 10 سنوات لم يكن مفاجئا وإنما نتجية خطوات وإجراءات بدأت منذ 2021، بداية من المحدثات الاستكشافية على مستوى مساعدي وزراء الخارجية.
وأضاف عبدالفتاح- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، أن التفاهم المصري التركي سيساعد في حل وزلزلة العديد من الأزمات في مقدمتها السد الأثيوبي، القضية الفلسطينية.
وأشار عبدالفتاح، إلى أن هناك أفق رحب لتطوير العلاقات شريطة أن تتجاوز الدولتان الخلافات التي تراكمت بينهما خلال السنوات العشر المنقضية، وهناك اتفاقيات تعاون استراتيجي منذ أكتر من 20 عاما تضمن تدريبات وتمرينات عسكرية مشتركة أيضا بينهم، مما يساعد على تعزيز العلاقات الثنائية بين الطرفين وعودتها كما هي.
العلاقات المصرية التركية
وفي نوفمبر الجاري، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الرياض مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وصرح المستشار أحمد فهمى المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الاجتماع تناول سبل مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين في مختلف المجالات، فضلاً عن استمرار الخطوات المتبادلة والبناء على التقدم الملموس في سبيل تفعيل مختلف آليات التعاون الثنائي.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول متابعة التنسيق والتشاور بشأن تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث تم استعراض الجهود الحثيثة على كافة الأصعدة لاحتواء الأزمة وتداعياتها الإنسانية.
وتوافق الرئيسان في هذا الصدد بشأن ضرورة الوقف الفوري للقصف المستمر والعمليات العسكرية في قطاع غزة لتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر وإزهاق الأرواح، وذلك للحيلولة دون المزيد من التردي للأوضاع الإنسانية لأهالي القطاع، مع استمرار الدور المصري الجوهري في إنفاذ المساعدات الإغاثية لأهالي غزة، وتضافر الجهود الدولية للدفع نحو تطبيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
بينما أفاد مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بيان في سبتمبر الماضي، بأنه التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي.
وقال إن الجانبين بحثا العلاقات الثنائية والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين، فضلا عن القضايا الإقليمية والعالمية.
ووفق صور بثّتها قنوات التلفزيون التركية على الهواء مباشرة، التقى الرئيسان برفقة عدد من أعضاء وفديهما.
وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أن الرئيسين أكدا أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي، كما أعربا عن الحرص على تعزيز التعاون الإقليمي، كنهج استراتيجي راسخ، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنوايا الصادقة، وبما يسهم في صون الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط.
وقطعت مصر وتركيا في مارس الماضي خطوة حاسمة تُشكل في توقيتها ومضمونها، انعطافه في العلاقات نحو مصالحة بعد سنوات من القطيعة والتوتر، على وقع زيارة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو إلى القاهرة والتي أعلن منها الحضير للقاء بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي بعد أن عقد لقاء مع نظيره سامح شكري الذي كان قد زار بدوره أنقرة قبل نحو عدة أشهر للتعبير عن تضامن بلاده مع الحكومة والشعب التركي على إثر الزلزال المدمر.
ومن جانبه قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن عودة العلاقات بين قطبين كبيرين في المنطقة تسهم بلا شك في تعظيم المصالح المشتركة بينهما، وربما تسهم في احتواء الأزمات التي طال أمدها أكثر من 12 عاما.
وأضاف حسن أن الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول يؤدي إلى احتواء الخلافات، ولا يمكن أن نقول إنها ستنتهي مئة بالمئة، لكن يمكن احتواؤها لأن المصالح المشتركة أكبر بكثير من الخلافات، بدليل استمرار العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين.
وتابع حسن أن “ثلاث إدارات أمريكية متعاقبة لم تجد فيها الأزمات العربية طريقا للحل، لأنه كانت هناك إدارة للأزمات دون حلها، الأمر الذي أدى إلى تأجيل هذه الأزمات إلى المستقبل، وبالتالي إلى المزيد من التعقد”.
واختتم أن الولايات المتحدة “صعّدت بشكل مبالغ ضد إيران، وهو الأمر الذي زاد من معاناة المنطقة، وهو ما أدى إلى دخول دول جديدة على الخط السياسي، كالصين التي رعت مصالحة بين السعودية وإيران”.