قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن سيدي ابن عطاء الله رضي الله تعالى عنه قال: “من لم يُقبل على الله بملاطفات الإحسان قِيْدَ إليه بسلاسل الامتحان”، يعني العبيد لله رب العالمين على نوعين: كريم ولئيم؛ فالكريم يأسره الإحسان، واللئيم لابد فيه من الامتحان لكي يرجع إلى الله.
فالكريم يذكر نعمة الله عليه، ويُعظِّم شأنها فيرجع إلى الله شاكرا، لكن اللئيم تفوته العبرة، ولا يرى نعمة الله عليه، ويستقلها، ويتبرم بها، وينظر إلى من فوقه فيحقر نعمة الله عليه؛ فإذا كان الأمر كذلك ابتلاه الله سبحانه وتعالى بالبلاء الشديد والامتحان العظيم وأراه كيف يسلب نعمه عنه ومنه؛ فحينئذٍ تراه يعود إلى الله يشكو ويبكي ويتوب، فالله سبحانه وتعالى من فضله عليك ومن رحمته عليك يقودك رغماً عنك إلى حضرته ،إذن هذه المحنة منحة ربانية لأنه يُرجعك بها إليه سبحانه وتعالى.
إذن الإنسان على نوعين: نوعٌ كريم، ونوعٌ لئيم؛ فكأن النصيحة هنا والحكمة تقول لك : كن عبد الله الكريم؛ ولا تكن عبد الله اللئيم ،فعليك أن تشعر بلطائف إحسانه فترجع إليه قبل أن تدخل في امتحانه ولا قِبَل لك عليه.
فضل أسماء الله الحسنى
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هناك دعوة قرآنية تفتح للعبد أبواب الإقبال على الله – سبحانه وتعالى-، وهي قوله – عز وجل-: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [سورة الأعراف: الآية 180].
وأضاف “جمعة” أنه في الحديث الشريف عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أعلمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحًا”. فقيل: يا رسول الله، أفلا نتعلمها؟ فقال: “بلى، ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها”.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن أسماء الله – تعالى- تنقسم إلي ثلاثة أقسام، هي: “أسماء الجمال” وعلي المؤمن التخلق بها، فعليه أن يرحم الناس تخلقا باسم الله “الرحيم” ، وعليه الصبر إتباعا لاسم الله “الصبور”،
و”أسماء الجلال” وعلي المؤمن التعلق بها دون التخلق، فهي لله وحده لا ينازعه فيها أحد من مخلوقاته، فعلى المؤمن أن يمسك نفسه عن القهر والتكبر والجبروت.
وأخيرا “أسماء الكمال” وعلي المؤمن أن يحبها ويصدق بها، فيعلم ويوقن أنه – سبحانه – هو الله الأول والآخر والظاهر.
ولفت الدكتور على جمعة، في وقت سابق، إلى أن الله – تعالى- من أسمائه “القهار”، وأن الله قاهر فوق عباده، فاذكروا “القهار” فإنه يزلزل الكائنات وينصر المؤمنين ويثبت القلوب، مضيفًا:” اذكروا ليل نهار “يا قهار” حتى يكشف الغمة وينصر عباده المؤمنين”.
وأفاد “جمعة” عبر “فيسبوك” بأنه لا بد أن يتذكره المسلمون مرةً أخرى- القهار” وألا يستهينوا به، فإن به من تثبيت القلوب ومن نزع الإنسان مما هو فيه إلى دائرة الله تعالى ورحمته، ولا يستخفن أحدكم بذكر الله، ولا بأن هذا ليس هو الطريق الذي نحرر به أوطاننا ، أو نقاوم به أعداءنا فإنه لا حول ولا قوة بنا.
وتابع المفتي السابق: “قد أمرنا الله عند الضعف أن نذكر اسمه {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُون} ولا تعلم ما الله فاعل في هذه الحياة الدنيا وفي هؤلاء الناس”.
وقال علي جمعة، إن البُشرى بتحسين الواقع وتغييره إلى الأفضل، تتحقق بأمرين هما: الرضا والتسليم، موضحًا الفرق بينهما، على أن الرضا يكون بالواقع، التسليم يكون بالمستقبل.
ونبه إلى أن من مقتضيات الرضا، عدم الاعتراض على الحال الذي يعيش فيه الإنسان، لافتًا إلى أن من مقتضيات التسليم، الإعداد كما قال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ »الأنفال.
ونوه إلى أن قوله -تعالى- :« وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)» البقرة، يدل على الرضا بالواقع بالمقاتلة في سبيل الله الذين يقاتلوننا، موضحًا أن التسليم بالمستقبل يكون بعدم الاعتداء عل الغير.
وأكد أن هناك علاقة وثيقة بين البشرى والإيمان، موضحًا أن العبد لا يشعر بالبشرى وآثارها إلا إذا كان مؤمنًا عالمًا بحقيقة«لا حول ولا قوة إلا بالله» وأن الأمر كله لله، راضيًا بالله ربًا وبما ارتضاه لنا من الواقع.