حذر الخبير العسكري والإستراتيجي التونسي توفيق ديدي من أن جيش الاحتلال الإسرائيلي -الذي قال إن عقيدة الردع لديه قد تحطمت- سيركز عدوانه بعد الهدنة الإنسانية المؤقتة على جنوب قطاع غزة، مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية دخلت الحرب وهي في أعلى درجات التحضير والتدريب.
وفي قراءته للهدنة الإنسانية في غزة، قال العميد التونسي إن جيش الاحتلال يقيّم المرحلة الفائتة من حربه على غزة تقييما عسكريا، وسيصل إلى خلاصة واحدة، وهي التركيز على جنوب غزة، لأن التفوق الذي بقي له هو التفوق الجوي بمسيّراته وطيرانه الحربي.
وأضاف أن جيش الاحتلال يواجه مأزقا الآن، فلو تقدم بريا في قطاع غزة، سيتكبد خسائر جسيمة، لأن المقاومة الفلسطينية لم تقاتل إلا بزُمَر صغيرة على المستوى الفردي، معربا عن قناعته بأن -ما سماها- “القوة الضاربة” لقوة النخبة التابعة لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- لم تدخل المعركة بعد.
وأشار الخبير العسكري إلى عدم وجود توافق بين السياسيين والعسكريين في إسرائيل، باعتبار أن العسكريين لا يعترفون بالضغوط التي تأتي من الداخل أو الخارج، بل يريدون تحقيق أهداف في الميدان، مؤكدا أن القيادة العسكرية الإسرائيلية الآن تعيش حالة تخبط، وكلما أرادت تلميع صورة جيشها تغرق أكثر، وأعطى مثالا على ذلك بالمجندة الإسرائيلية التي قالت “كنت أتنقل بدون أوامر…”، ورأى أن شهادة هذه المجندة دليل آخر على قيام جيش الاحتلال بإطلاق النار على سكان مستوطنات غلاف غزة، خلال معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأكد الخبير التونسي أن الجيش الإسرائيلي منذ عام 2008 لم يعد جيشا، بل أصبح أشبه بقوة أمنية أو شرطية مهمتها قمع السكان الفلسطينيين.
خطأ جسيم
ورأى الخبير ديدي -في لقاء مع قناة الجزيرة- أن الجيش الإسرائيلي تمت إهانته وتحطمت عقيدة الردع لديه، وقد دخل إلى قطاع غزة بأهداف سياسية (اجتثاث حركة حماس وإطلاق سراح المحتجزين) وليست عسكرية، و”لا يمكن لأي قائد عسكري أن يدخل معركة بأهداف سياسية”.
كما أن هذا الجيش اجتاح قطاع غزة برا من دون أهداف واضحة، واستعمل جرافات ودبابات ومجنزرات، وهذا خطأ جسيم، حسب العميد التونسي، لأنه في حرب الشوارع ستصبح هذه الدبابات والآليات لقمة سائغة للمقاتل الفردي.
وأضاف أن جيش الاحتلال حاول تطويق قطاع غزة من الشمال والغرب وتقسيمه إلى قسمين، “لكن توغله على السلم العسكري لا يعني شيئا، لأن احتلال أي أرض يكون بالمشاة”.
وتحدث الخبير العسكري والإستراتيجي عن الفرق الذي قال إنه ظهر بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، إذ كانت المقاومة في أشد درجات التحضير والتدريب، وأضاف “لم أشاهد في حياتي دقة رمايات بهذه الطريقة، ولم يشاهد العالم في رمايات الأسلحة المضادة للدروع مثيلا” لما حدث في غزة.
وقال إن مقاتل المقاومة -الذي كان يستخدم قذيفة “ياسين 105” أو “آر بي جي” مطورة- كان يظهر ليرمي قذيفته ثم يختفي كالشبح، وهو ما جعل جنود الاحتلال يقولون إنهم يقاتلون أشباحا.