يحل اليوم 2 ديسمبر، ذكرى وفاة شيخ القراء وسند المقرئين، الإمام الحافظ ابن الجزري، صاحب التصانيف التي لم يسبق مثلها، ولم ينسج على منوالها، بلغ الذروة في علوم التجويد وفنون القراءات، حتى صار فيها الإمام.
الإمام ابن الجزري
هو محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري الدمشقي العمري الشيرازي الشافعي، وكنيته أبو الخير، وأطلق على نفسه لقب السلفي كما أتى في منظومته في علم الرواية في الحديث والمسمى “الهداية في علم الرواية” (يقول راجي عفو رب رؤف محمد بن الجزري السلفي).
عُرِفَ بابن الجزري، ونسب إلى الجزري كما أتى في “المنح الفكرية” للشيخ ملا علي القاري، نسبة إلى جزيرة ابن عمر ببلاد الشرق فى بلدة في تركستان.
مولده
ولد يوم الجمعة ليلة السبت 25 من شهر رمضان سنة 751هـ، 1350م داخل خط القصاعين بين السورين بدمشق الشام، وهو كردي الأصل وكان أبوه تاجرا، ومكث أربعين سنة لم يرزق ولدا، فحج وشرب من ماء زمزم، وسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا عالما، فولد له ابنه محمد هذا بعد صلاة التراويح.
نبوغه فى العلم وتقلبه فى العديد من المناصب
ونشأ -رحمه الله تعالى- في دمشق الشام، وفيها حفظ القرآن وأكمله وهو ابن ثلاثة عشر عاما، وصلى به وهو ابن أربعة عشر، وكان صاحب ثراء ومال، وبياض وحمرة، فصيحا بليغا، واتجهت نفسه الكبيرة إلى علوم القراءات فتلقاها عن جهابذة عصره، من علماء الشام ومصر والحجاز إفرادا وجمعاً بمضمن كتب كثيرة، كالشاطبية والتيسير والكافي والعنوان والإعلان والمستنير والتذكرة والتجريد وغيرها من أمهات الكتب وأصول المراجع، ولم يكن الإمام ابن الجزري “رحمه الله” عالما في التجويد والقراءات فحسب بل كان عالما في شتى العلوم من تفسير وحديث وفقه وأصول وتوحيد وبلاغة ونحو وصرف ولغة وغيرها.
وتقلب الجزرى فى عدة مناصب منها أنه كان يجلس للإقراء تحت قبة النسر بالجامع الأموي للتعليم والإقراء سنين عديدة، وولي مشيخة الإقراء الكبرى بتربة أم الصالح بعد وفاة شيخه أبي محمد عبدالوهاب السلار، وولي قضاء دمشق عام 793هـ، وكذا ولي القضاء بشيراز، وبنى بكل منهما للقراء مدرسة ونشر علماً جماً، سماهما بدار القرآن ، ولي مشيخة الإقراء بالعادلية، ثم مشيخة دار الحديث الأشرفيَّة ، وولي مشيخة الصلاحية ببيت المقدس وقتا.
مؤلفاته
كثرة مؤلفاته فى شتى العلوم الإسلامية
وقد كان -رحمه الله- غزير الإنتاج في ميدان التأليف، في أكثر من علم من العلوم الإسلامية، وإن كان علم القراءات هو العلم الذي اشتهر به، وغلب عليه، وتنوع موضوعات مؤلفاته دليل على تنوع عناصر ثقافته، إلى جانب كتب القراءات وعلوم القرآن، كتبا في الحديث ومصطلحه، والفقه وأصوله، والتأريخ والمناقب، وعلوم العربية، ومن مؤلفاته فى علم القراءات “تقريب النشر في القراءات العشر”، و”التمهيد في علم التجويد”، وفى علم الحديث “عقد اللآلي في الأحاديث المسلسلة العوالي”، وفى التاريخ “ذات الشفا في سيرة المصطفى ومن بعد من الخلفا”، وغيره من العديد من المؤلفات فى شتى العلوم الإسلامية.
وفاته
توفى رحمه الله تعالى، يوم الجمعة 25 ربيع الأول سنة 833 هـ بمنزله بسوق الإسكافيين بمدينة شيراز ودفن بدار القرآن التي أنشأها بها عن عمر ناهز 82 سنة.