يقول موزعون أميركيون إن مبيعات الكوفية الفلسطينية قفزت على نحو غير مسبوق منذ بدء حرب إسرائيل على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حتى مع إزالة قوات الأمن للكوفية بالقوة في بعض الاحتجاجات، وإفادة واضعيها باستهدافهم بإساءات لفظية وجسدية.
ويضع عدد متزايد من الأميركيين الكوفية للمطالبة بوقف إطلاق النار وإنهاء الهجمات الإسرائيلية على غزة أو للإشارة إلى دعمهم للفلسطينيين.
وقال الموزع الأميركي لمصنع الحرباوي للكوفية الفلسطينية، عازر أغاييف، “فجأة، أصبح لدينا المئات على الموقع الإلكتروني في وقت واحد يشترون كل ما يمكنهم شراؤه”.
وأضاف أغاييف “في غضون يومين، نفد المخزون الذي كان لدينا، لم ينفد فحسب، وإنما بيع بأعلى من سعره الرسمي (نتيجة الطلب الكبير)”.
ومصنع الحرباوي افتُتح عام 1961 وهو الوحيد المتبقي في الضفة الغربية المحتلة لصنع الكوفية.
وتُباع كوفية الحرباوي -الحاصلة على براءة اختراع لعلامتها التجارية- على مستوى العالم عبر مواقعها الإلكترونية في الولايات المتحدة وألمانيا وأمازون.
وقال أغاييف إن جميع الإصدارات الأربعين الموجودة على الموقع الإلكتروني الأميركي، وتتضمن العديد من الألوان الزاهية إضافة إلى اللونين الأسود والأبيض التقليديين، قد
بيعت بشكل كامل .
وأظهرت بيانات جنجل سكاوت لتحليلات التجارة الإلكترونية أن مبيعات الكوفية زادت 75% في 56 يوما بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري على أمازون مقارنة بالأيام الـ56 السابقة.
وزاد البحث عن “وشاح فلسطيني للنساء” 159% في الأشهر الـ3 حتى الرابع من ديسمبر/كانون الأول الحالي مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة عليها.
كما زاد البحث عن “شماغ وشاح عسكري” 333% و”كوفية فلسطين” 75% و”كوفية” 68%.
وتشيع الكوفية في أنحاء العالم العربي، وتعود جذورها إلى 3100 عام قبل الميلاد، وأصبحت في البداية رمزا للمقاومة الفلسطينية خلال الثورة العربية على الحكم البريطاني عام 1936، وأصبحت في ما بعد الزي الرئيسي المميز لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات.
وبينما الحرباوي هو المصنع الأكثر شهرة، فهناك آخرون بينهم حرفيون صغار ومقلدون عالميون، وباعت شركة تصنيع السلع الفاخرة لويس فيتون نسخة خاصة بها من الكوفية عام 2021.
ويواجه الأميركيون الذين يؤيدون الفلسطينيين أو إسرائيل تهديدات وهجمات منذ بدء الصراع في الشرق الأوسط، إذ يشهد الأميركيون اليهود زيادة في معاداة السامية، في حين يشهد الأميركيون المسلمون تصاعدا في الرهاب من الإسلام.
ووضعت حزامي برمادا (38 عاما)، وهي مسؤولة سابقة في الأمم المتحدة تعيش في فرجينيا، وشاحا فلسطينيا مؤخرا أثناء احتجاجها خارج البيت الأبيض وفي حي جورج تاون بواشنطن دعما لوقف إطلاق النار في غزة.
وقالت إن وضع الوشاح يمنحها “قوة هائلة”، إذ أعاد ربطها بتراثها الفلسطيني وقدم رابطا رمزيا للأطفال في غزة، لكنه يعرضها أيضا لإساءات لفظية.
هدف أمني وإطلاق نار
في أثناء إضاءة شجرة عيد الميلاد بمركز روكفلر في مدينة نيويورك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نزع ضابط أمن الكوفية من أحد الحاضرين الذي كان يضعها.
ووثق مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية عدة حالات لأشخاص تعرضوا للاستهداف لوضعهم الكوفية، بينهم أب اعتُدي عليه في ملعب ببروكلين، وطالبة دراسات عليا في جامعة هارفارد قيل لها إنها ترتدي وشاحا “إرهابيا”.
كما أُطلق النار على 3 طلاب جامعيين من أصل فلسطيني، وكان اثنان منهما يضعان الكوفية، في برلنتغون بولاية فيرمونت، عندما كانوا يتنزهون نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتشجع جماعة طلاب من أجل العدالة في فلسطين -وهي منظمة ناشطة للطلاب الجامعيين الفلسطينيين في الولايات المتحدة- الطلاب على وضع كوفياتهم منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في الـ7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تضامنا مع الطلاب الذين أُطلق عليهم الرصاص.
غير أن آنا راجاجوبال عضوة الجماعة قالت في هيوستن بولاية تكساس إنها وأعضاء آخرين لا يضعون الكوفية خارج الأماكن التي يعتبرونها مؤيدة للعرب والمسلمين منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أن حاصر أشخاص يلوحون بأعلام إسرائيلية مقهى كانوا فيه وأخذوا يعلون الصوت بالسباب.
وأضافت راجاجوبال (23 عاما) -وهي كاتبة مستقلة تخرجت من جامعة رايس في مايو/أيار الماضي، وعضوة أيضا في منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام وهي جماعة تنادي باستقلال فلسطين- “أنا وصديق كنا نخلع كوفياتنا بعد مغادرة الأماكن (المؤيدة) الفلسطينية والعربية لنكون في أمان”.
ومع ذلك، يقول بائعو الكوفية الفلسطينية إن الطلب لا يتوقف، وقال مرجان طوطح -وهو مؤسس شركة في رام الله لبيع المنتجات اليدوية الفلسطينية عبر الإنترنت، إنهم لو كانوا تمكنوا من تخزين 20 ألف كوفية لكانوا باعوها.