هل من تمنع نفسها عن زوجها تلعنها الملائكة حتى تعود ؟، لاشك أنه أحد المسائل المهمة المرتبطة بالعلاقة الزوجية والتي قد يغفل عنها كثير من الرجال والنساء، فيما أنها حقوق وواجبات حددها الشرع الحنيف، وحيث إن الاستفهام عن هل من تمنع نفسها عن زوجها تلعنها الملائكةحتى تعود ؟ فيه عقوبة فورية وهي لعن الملائكة لذا ينبغي الوقوف عنده ومعرفة حقيقته وما حكم امتناع المرأة عن زوجها وهل ما ورد فيه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحيح أم أنه ضعيف ، وهو ما يبين أهمية مسألة هل من تمنع نفسها عن زوجها تلعنها الملائكة حتى تعود ؟.
هل من تمنع نفسها عن زوجها
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الأصل أن الزوجة لا تمنع نفسها عن زوجها إذا طلبها.
وأوضح “ شلبي” في إجابته عن سؤال : ( هل من تمنع نفسها عن زوجها تلعنها الملائكة ؟) ، أنه إذا كان يعتري الزوجة حالة تسمح لها بعدم التلبية كالمرض والتعب الشديد ووجود عذر كالحيض والنفاس أو إحرام لحج أو عمرة أو فى صيام نهار رمضان، فهذه حالات تبيح للمرأة أن ترفض العلاقة.
وأضاف أنه جاء في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا ضرر ولا ضرار” أي لا أضر نفسي ولا غيري، والله سبحانه وتعالى يقول “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ”، والرسول قال “إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطاعتم”.
ونبه إلى أن حديث “إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشه فأبت باتت تلعنها الملائكة” هذا في حالة إن لم يكن هناك عذر، فان كان بها عذر لا حرج عليها إن شاء الله، لأن المشقة تجلب التيسير والضرر يزال كما قال الفقهاء.
حديث عن امتناع المرأة عن زوجها
روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه- فيما أخرجه البخاري (5194)، ومسلم (1436) واللفظ له، وحدثه الألباني في صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم : 1947 ، حديث صحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا باتَتِ المرأةُ هاجرةً فِراشَ زَوجِها ؛ لَعَنتْها الملائكةُ حتَّى تُصبحَ).
وجاء في رواية أخرى عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- وحدثه البخاري في صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3237 ، أنه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ)، أخرجه مسلم (1436) باختلاف يسير.
وورد أن الزَّواجُ عَلاقةٌ شَرعيَّةٌ بيْن الزَّوجينِ، وقد بيَّنَ الشَّرعُ حُقوقَ وواجباتِ كلٍّ منهما.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُكمَ امتناعِ المرأةِ مِن فِراشِ زَوجِها إذا دَعاها، وهو كِنايةٌ عن المُعاشَرةِ والجِماعِ.
وورد في الحديث أنه إذا طَلَبَ الرَّجلُ مِن المرأةِ أنْ يُجامِعَها، فامتنَعَتْ عن إجابتِه، فغَضِبَ عليها زَوجُها، وباتَ على تلك الحالةِ؛ كان عاقبةُ ذلك وَخيمةً على الزَّوجةِ، حيث تَلعَنُها الملائكةُ فتَدْعو عليها بالطَّردِ مِن رَحمةِ اللهِ تعالَى حتَّى الصَّباحِ؛ لأنَّها عَصَتْ زَوجَها ومنَعَتْه حقَّه الشَّرعيَّ.
وفي بَعضِ رِواياتِ البخاريِّ: «لعَنتْها الملائكةُ حتَّى تَرجِعَ»، ومعْنى ذلك: أنَّ اللَّعنةَ تَستمرُّ عليها حتَّى تَزولَ المعصيةُ بطُلوعِ الفجرِ والاستغناءِ عنها، أو بتَوبتِها ورُجوعِها إلى الفِراشِ، ويُستَثْنى مِن ذلك ما لو كان لَدَيها عُذرٌ شَرعيٌّ مِن مَرَضٍ ونحْوِه؛ فلا حرَجَ عليها، وفي الحديثِ: دَليلٌ على عِظَمِ حقِّ الزَّوجِ على زَوجتِه، وفيه: النَّهيُ عن عِصيانِ المرأةِ لزوجِها، وفيه: دَليلٌ على قَبولِ دُعاءِ الملائكةِ؛ لكونِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَوَّف بذلك.
حكم امتناع المرأة عن زوجها
وصحح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بعض المفاهيم الخاطئة حول قول سيدِنا رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- : «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ، هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ»، وفي رواية: «حتَّى تَرْجِعَ». [مُتفق عليه].
(1) لا دلالةَ في الحديث الشريف على جواز إيذاءِ الزوجة؛ جسديًّا أو نفسيًّا، أو إغفال تضرُّرها من فُحشِ أخلاقِ الزوجِ أو سوء عِشرته.
(2) علاقةُ الزواج علاقةٌ روحيّةٌ وإنسانيّةٌ قوامُها الدين، والرحمةُ، والاحترامُ المتبادل، وحفظُ الأمانات، ومراعاةُ الخصوصية، حتى حين البحث عن حلول للمشكلات، والزواج الشرعي مُكتمِلُ الشروط والأركان لا تُناسبُه أوصافُ الجرائم والانحرافات.
(3) الحقوقُ الزوجيةُ مرتبطةٌ ومتشابكةٌ ومرتبةٌ على بعضها، وحديثُ سيدنا رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- المذكور موجّهٌ للحياة الزوجية المستقرة التي لا يُفرّط فيها أحدُ الزوجين في حقوق صاحبه.
(4) قصرُ فهمِ مسألةٍ متعددةِ الأوجهِ والأحوالِ على نصٍّ واحدٍ، وإسقاطُه على جميع حالاتها غيرِ المتشابهة؛ منهجُ فهمٍ خاطئٌ مُخالفٌ لقواعدِ العلمِ الصحيحةِ.
(5) حين رغّب الحديثُ الشريفُ الزوجةَ في رعاية حقِّ زوجِها عليها؛ أَمَرَتْ أدلةٌ أخرى الزوجَ بحسنِ عشرةِ زوجته، منها قولُه سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. [النساء: 19]، وقوله -صلى الله عليه وسلم- : «استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا». [متفق عليه]
(6) يَنهى الشرعُ الشريفُ أن يُفرِّط أحدُ الزوجين في الحقِّ الإنساني لصاحبه أو في علاقتهما الخاصة، والذي يحصلُ به مقصودُ الزواج من المودةِ والرحمةِ والإعفافِ وإعمارِ الأرض.
(7) ينهَى الشرع عن إلحاقِ أحدِ الزوجين الضررَ بصاحبه، سواء أكان الضررُ حِسِّيًّا أم معنويًّا، لقوله -صلى الله عليه وسلم- : «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ». [أخرجه أحمد].
(8) كما حرَّم الشرعُ امتناعَ الزوجة عن زوجها بغير عُذرٍ؛ حرَّم على الزوج الامتناعَ عن زوجته بغير عذرٍ كذلك، وأوجب عليه إعفافَها بقدر حاجتها واستطاعته، وإذا وصلت الحياة بين الزوجين لطريق مغلق، واستحالت العِشرة؛ لا ينبغي أن يُفرِّط أحدهما في حقوق صاحبه، بل عليهما إعمال قول الله سبحانه: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35]، وقوله سبحانه: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. [البقرة: 229].
(9) عند جمعِ النصوص والأحكام الشرعية المتعلقة بالزواج في الإسلام؛ نرى صورةً كاملةً من تشريعات حكيمة، قرّرت حقوقَ كل طرف، وحقوقَ صاحبِه عليه، وواجباتِه، وواجباتِ صاحبِه تجاهَه، في فقهٍ مَرنٍ ومُتكامل، يزيل الضَّرر، ويجعل لكلِّ حالةٍ حُكمًا يُناسبها، ولا يكون ذلك إلا بجمع الأدلة الواردة في المسألة الواحدة، وباعتبار مُقرَّراتِ الدين وضوابطِه ومقاصدِه من قِبل أهل الفُتيا والاختصاص.
هل إذا غضب الزوج من زوجته تلعنها الملائكة
وأجاب الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن سؤال: ( هل إذا غضب الزوج من زوجته تلعنها الملائكة؟)، قائلا: طالما تابت الزوجة وأنابت وعلمت خطأها، والزوج غضب منها بغير وجه حق فلا تلعنها الملائكة.
وأفاد الدكتور مجدى عاشور المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية، بأنه كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا غضب الزوج من زوجته تلعنها الملائكة حتى تصبح ولكن بشرط أن يكون مبرر غضبه قوي ويستحق الغضب، وكأنه يأمرها بطاعة وترفض أو ماشابه.
وأشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان سهل في تعامله مع زوجاته، كما ورد لنا في الحديث الشريف ” كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلا سهلا إذا هويت شيئا تابعها عليه”، و كل زوج عليه أن يتبع رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع زوجته.