أمرت إسرائيل السكان بمغادرة وسط مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس السبت وقصفت القطاع من الشمال إلى الجنوب بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية حليفتها من مطلب بوقف إطلاق النار.
ونشر ناطق باسم إسرائيل يتحدث العربية خريطة على منصة إكس توضح 6 مناطق تحمل أرقاما في خان يونس طُلب من السكان إخلاؤها “بشكل عاجل”. وشملت الخريطة أجزاء من وسط المدينة لم تخضع لمثل هذه الأوامر من قبل.
وأصدرت إسرائيل تحذيرات مماثلة الأسبوع الماضي قبل اقتحام الأجزاء الشرقية من المدينة. وقال السكان إنهم يخشون أن تكون أوامر الإخلاء الجديدة إيذانا بشن هجوم آخر.
وقال مراسل الجزيرة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي شن غارات جديدة على مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة فجر اليوم الأحد، كما استهدف قصف مدفعي كثيف شرق خان يونس، وسُمع دوي انفجارات كبيرة في المنطقة.
وذكرت وزارة الصحة بغزة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف اليوم الأحد المستشفى الميداني الأردني في المدينة بقذيفة تسببت بأضرار في محتوياته.
وقالت زينب خليل (57 عاما)، التي نزحت مع 30 من أقاربها وأصدقائها في خان يونس قرب شارع جلال حيث أمرت قوات الاحتلال السكان بالمغادرة “قد تكون مسألة وقت قبل أن يقتحموا منطقتنا أيضا. كنا نسمع القصف طوال الليل”.
وتابعت “لا ننام بالليل، نظل صاحيين، نحاول ننيم الأطفال، نظل صاحيين من الخوف من قصف المكان فنضطر نركض ونحن نحمل الأطفال. وفي النهار تبدأ مأساة أخرى وهي: كيف نطعم الأولاد؟”.
ووصلت جثث شهداء وتدفق جرحى خلال الليل إلى مستشفى ناصر المكدس في خان يونس. وهرع مسعف من سيارة الإسعاف وهو يحمل جسد طفلة ترتدي زيا وردي اللون.
وفي الداخل، كان الأطفال الجرحى يبكون ويتلوّون من الألم على الأرض بينما تسارع طواقم التمريض إليهم لتهدئتهم. وفي الخارج كانت الجثث مصفوفة وملفوفة بأكفان بيضاء.
استهداف المستشفيات
وأظهرت لقطات من داخل مستشفى يافا في دير البلح أضرارا جسيمة ناجمة عن غارة على مسجد مجاور. وأمكن رؤية أنقاض المسجد من خلال النوافذ المحطمة.
واتهم عاملون بالقطاع الطبي في شمال غزة، حيث يدور بعض من أعنف المعارك، إسرائيل باستهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف. وقال أحد المسعفين العاملين بسيارات الإسعاف في حي الشجاعية بمدينة غزة لوكالة رويترز إن طواقم الإسعاف لا تتمكن في كثير من الأحيان من الاستجابة للمكالمات التي يتلقونها من الجرحى.
وأضاف المسعف، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، “حاولنا من قبل في الأيام الماضية التوجه إلى هناك وتعرضت فرقنا لإطلاق نار إسرائيلي”.
وقال محمد صالحة وهو مدير في مستشفى العودة إن القوات الإسرائيلية حاصرت المستشفى لأيام بالدبابات، وأطلقت النار على الذين حاولوا الدخول أو الخروج. وأضاف أنهم قتلوا امرأة بالرصاص في الشارع وعاملا في المستشفى كان يقف عند نافذة.
وقالت وزارة الصحة إن القوات الإسرائيلية قتلت بالرصاص اثنين من الطواقم الطبية داخل مستشفى كمال عدوان في شمال غزة أيضا أمس السبت.
كما جاء في المؤتمر الصحفي اليومي للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة “أقدمت قناصة الاحتلال التي تحاصر مستشفى العودة على قتل اثنين من الكوادر الصحية وقتل وجرح العديد من النساء الحوامل عند وصولهن للمستشفى للولادة”.
وأعلن مستشفى يافا في دير البلح وسط قطاع غزة أنه توقف عن العمل أول أمس الجمعة بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت به عندما قصفت إسرائيل مسجدا مجاورا.
ونشرت عائلات في شمال القطاع رسائل على الإنترنت تناشد طواقم الطوارئ بالدخول إلى مدينة غزة.
دعم أميركي غير مشروط
وشجع الدعم الأميركي غير المشروط إسرائيل على مواصلة هجومها العنيف على قطاع غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء في القطاع 17 ألفا و700، معظمهم من الأطفال والنساء ونحو 49 ألف جريح، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويعتقد أنهم استشهدوا تحت الأنقاض.
وفي تصويت بالأمم المتحدة أول أمس الجمعة، أيد 13 من أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، لكن واشنطن استخدمت حق النقض (فيتو) ضد مشروع القرار، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
وتواصل واشنطن دعم إسرائيل في إصرارها على أن وقف إطلاق النار لن يفيد سوى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث قال نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود أمام مجلس الأمن “لا نؤيد دعوة هذا القرار إلى وقف غير مستدام لإطلاق النار لن ينتج عنه سوى زرع بذور الحرب المقبلة”.
كما استخدمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صلاحيات الطوارئ بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة لبيع نحو 14 ألفا من قذائف الدبابات لإسرائيل بدون مراجعة الكونغرس.
وهذه القذائف جزء من عملية بيع أكبر، وفق ما كشفت وكالة رويترز في تقرير أول أمس الجمعة، حيث قالت إن قيمة الحزمة التي تطلب إدارة بايدن من الكونغرس الموافقة عليها تتجاوز 500 مليون دولار وتشمل 45 ألف قذيفة لدبابات ميركافا الإسرائيلية.