قال موقع ميديا بارت إن موظفا بالمعهد الفرنسي في قطاع غزة، توفي يوم 16 ديسمبر/كانون الأول إثر قصف إسرائيلي على رفح، رغم مطالبته اليومية، بدون جدوى، لوزارة الخارجية بإعادته و4 من أبنائه إلى وطنهم، بعد إجلاء جزء من عائلتهم.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم باسكال باسكاريلو- أن الخارجية الفرنسية أعلنت الثلاثاء وفاة الموظف أحمد. س (59 عاما) وأنها علمت “بتأثر شديد” بوفاته، مطالبة السلطات الإسرائيلية “بإلقاء الضوء الكامل على ملابسات هذا القصف في أسرع وقت ممكن”.
ولكن رد الفعل هذا -كما يقول ميديا بارت- يتناقض بشدة مع الممارسات والمواقف التي أبدتها الخارجية، وأولها عدم ردها على مطالبة أحمد نفسه بإجلائه مع أبنائه، مكتفية بالقول إن “فرنسا قامت بتعبئة قوية لتنظيم خروج المواطنين الفرنسيين ووكلاء المعهد الفرنسي في غزة من قطاع غزة”.
وأضافت الوزارة أن “المغادرة من قطاع غزة تخضع لترخيص لكل حالة من السلطات الإسرائيلية والمصرية” وأن القنصلية العامة والخارجية تلقتا عدة آلاف من الرسائل خلال هذه الأزمة، وحتى لو لم يتم الرد على جميع الرسائل، فإن كل حالة تخضع لمتابعة دقيقة ومتواصلة”.
ولكن الموقع يرى أن أقل ما يمكن قوله هو قلة المتابعة أو حتى انعدامها لطلبات أحمد وأولاده، بعد أن عمل لأكثر من 20 عاما بالمعهد الفرنسي في غزة وعاش في شمالها مع زوجته ريم (50 عاما) و6 من أبنائهما السبعة.
واليوم التالي للقصف الذي ضرب مبنى المعهد الفرنسي، تلقت العائلة طلبا من القنصلية الفرنسية بالقدس، بالتوجه نحو رفح، ولكن عندما وصلوها وجدوا أن 4 من أبنائهم غير مدرجين في قائمة الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم، مما اضطر أحمد للبقاء معهم، وذهبت ريم مع بقية العائلة إلى مصر، في حين كان ابنهما السابع قد وصل فرنسا عام 2021 لمتابعة الدراسات العليا.
وحاول أحمد الاتصال بالقنصلية الفرنسية في القدس حتى يتمكنوا من تصحيح ما يعتقد أنه خطأ، وكتب إلى كوينتين لوبينو، نائب القنصل الفرنسي بالقدس “فوجئت بالاتفاق الذي يسمح لي وزوجتي وابنتي واثنين من أبنائي فقط بالخروج من قطاع غزة، متجاهلا أبنائي الأربعة الذين يعيشون معي وهم أيضا تحت مسؤوليتي” طالبا إجلاءهم بسرعة.
ورد لوبينو برسالة نصية اليوم الموالي قائلا “للأسف، من الصعب جدا الحصول على أماكن للخروج. إنه ليس خيارنا. في هذه المرحلة ليس من الممكن القيام بالمزيد. ولكن إذا سنحت الفرصة لإضافة أشخاص إلى القائمة، فتأكدوا من أننا سنبذل كل ما في وسعنا”.
لامبالاة الوزارة والقنصلية
من جانبها، اتصل كل من ريم وماجد، الابن السابع الذي يعيش في فرنسا، بالوزارة والقنصلية لطلب إجلاء أحمد وأبنائه الأربعة، لكن دون أن يحصلوا على أي رد، فكتب ماجد إلى مدير المعهد الفرنسي في غزة فرانسوا تيجيه “من فضلك، آمل أن تتمكن من مساعدتهم على مغادرة غزة في أسرع وقت ممكن قبل أن يحدث لهم شيء سيئ ونفقدهم”.
واليوم التالي، رد مدير المعهد الذي يعلم أن “الوضع يتدهور” بأنه ليس لديه أي خبر عن “الإضافة إلى القائمة” وأن “القرار لا يخصنا وحدنا” لتتصل محامية الأسرة بالسلطات الفرنسية، قائلة إن “التهديد المستمر بالموت الوشيك لأفراد أسرهم أمر لا يطاق وهم لا يفهمون صمت السلطات الفرنسية”.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول، أصيب أحمد بجروح خطيرة كما أصيب أحد أبنائه خلال قصف على المنزل الذي لجؤوا إليه في رفح، لترسل محامية الأسرة بريدا إلكترونيا إلى السلطات لإبلاغهم بإصاباته وتنبههم إلى ضرورة الإجلاء.
واليوم التالي، تلقت الرد التالي “تقر وزارة أوروبا والشؤون الخارجية باستلام رسالتك. إن الخدمات المختصة لن تتوانى عن تقديم كل الاهتمام لطلبكم بالتعاون مع قنصليتنا العامة بالقدس”.
وتوفي أحمد السبت 16 ديسمبر/كانون الأول في مستشفى خان يونس، وبعثت محاميته رسالة أخرى إلى السلطات ظلت دون رد حتى يومنا هذا، ولا يزال أبناؤه الأربعة في غزة دون تعهد بإجلائهم، ومع ذلك لا تتردد الخارجية في التعبير داخليا لموظفيها عن ارتباطها بوكيلها أحمد الذي عمل “بكل إخلاص ولطف”.