قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن هناك أدلة تثبت أن الضرر الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بغزة يفوق ما حدث في نزاعات أخرى في القرن الحالي، وأن هذه الحرب هي من أكثر الحروب تدميرا.
وأضافت أن هذه الحرب أزهقت -إلى الآن- أرواح أكثر من 20 ألفا و57 شخصا، وشرّدت الغالبية العظمى من السكان، فضلا عن أنها دمّرت مساحات واسعة من أراضي قطاع غزة المحاصر.
ولعل أشرس الهجمات جاءت من غارات جوية سوَّت بالأرض مربعات سكنية بأكملها، وأحدثت حفرا في الساحات والحدائق.
وأفادت الصحيفة الأميركية في تقريرها بأنها حللت صور الأقمار الاصطناعية، وبيانات الغارات الجوية، وتقييم الأمم المتحدة للأضرار الناجمة عنها، وأجرت مقابلات مع الجهات التي توفر الرعاية الصحية، والخبراء في الذخائر والحروب الجوية.
دمار كبير
وأوضحت أن الأدلة التي جمعتها تظهر أن إسرائيل شنت حربها في غزة بوتيرة ومستوى دمار يفوق على الأرجح ما أوقعه أي صراع حديث، وتجلى ذلك في هدم المباني في وقت أقصر مما أحدثته معارك النظام السوري من خراب في حلب في الفترة ما بين عامي 2012 و2016، والحملة العسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في الموصل بالعراق، ومدينة الرقة في سوريا عام 2017.
وذكرت الصحيفة أنها خلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية متكررة وواسعة النطاق بالقرب من المستشفيات، “التي من المفترض أن تُولى حماية خاصة بموجب قوانين الحرب”.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية، التي اطلعت عليها واشنطن بوست، عشرات الحُفر الواضحة بالقرب من 17 مستشفى من إجمالي المستشفيات الــ28 الموجودة في شمال غزة، وهي المنطقة التي شهدت أعنف عمليات القصف والقتال خلال الشهرين الأولين من الحرب، 10 حفر تدل على استخدام قنابل تزن طنا واحدا، والتي تُعد الأكبر من نوعها التي تُستخدم باستمرار.
ونقلت الصحيفة عن رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريك إيغر -التي زارت غزة في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري- قولها “لا توجد منطقة آمنة”، مضيفة “مررت بالشوارع ولم أر شارعا واحدا نجا من تدمير البنية التحتية المدنية، بما فيها المستشفيات”.
أرقام مرعبة
ونقلت واشنطن بوست عن وزارة الصحة في غزة، قولها إن الحرب أسفرت عن جرح ما يزيد على 53 ألفا 320 شخصا، وقتل أكثر من 7700 طفل فلسطيني. وتشكل النساء والأطفال حوالي 70% من القتلى، طبقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي يقول أيضا إن 1.9 مليون شخص نزحوا من ديارهم، أي ما يعادل 85% من السكان.
وقال مايكل لينك -الذي شغل منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة- “يبدو أن وفيات المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن تعد أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الـ21”.
وذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أبلغ قواته في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنهم “محررون من القيود كلها”، وأن “غزة لن تعود أبدا إلى ما كانت عليه”. وفي اليوم نفسه، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري “نحن نركز الآن على ما يسبب أقصى الأضرار”.
وأوردت واشنطن بوست أن القوات الجوية الإسرائيلية أطلقت، خلال مدة تزيد قليلا على الشهرين، 29 ألف قذيفة أرض جو، 40% إلى 45% منها غير موجهة، طبقا لتقييم حديث من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية.
ولم يُخفِ الجيش الإسرائيلي أنه ينظر إلى مستشفيات غزة على أنها تمثل أهدافا عسكرية له، حسب الصحيفة التي استندت في ذلك على تصريح لهاغاري في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قال فيه “إن حماس تستغل المستشفيات بشكل منهجي باعتبارها ترسا أساسيا في آلتها الحربية”.