اتخذت الحكومة المصرية عدة اتجاهات لتوفير السيولة الدولارية، وتبنت خطة واضحة من أجل التغلب على معضلة الندرة الدولارية عن طريق عدة قرارات أخرها اتخاذ إجراءات لزيادة نشاط تصدير العقار باعتباره إحدى آليات توفير النقد الأجنبي، في ظل المبادرات العديدة التي أطلقتها مصر لحل أزمة الدولار.
تيسير تملك الأجانب للعقارات
وفي وقت سابق، عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا، لاستعراض مقترح بيع العقارات بالدولار، عبر مجموعة من المحفزات بالتعاون بين الحكومة والمطورين العقاريين في القطاع الخاص.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إن الحكومة ناقشت ما تم اتخاذه من إجراءات من خلال اللجنة المشكلة لدراسة آليات تصدير العقار للخارج، لتوفير النقد الأجنبي، وكذلك ما تم إعداده من مقترحات تشريعية خاصة بهذا الشأن، إذ من المقرر أن تُعرض مشروعات القوانين المقترحة على مجلس الوزراء قريبا، بما يسهم في تيسير تملك الأجانب للعقارات.
تتضمن آليات الحكومة المصرية لتعزيز نشاط تصدير العقار:
- إنشاء صندوق عقاري لتملك أصول إدارية وتجارية مدرة للدخل.
- ومقترحاً لتداول العقارات في البورصة المصرية.
- وفكرة لإنشاء “البورصة العقارية” والتي ستمثل منصة تُمكن المستثمرين والشركات العقارية من شراء وبيع حصص في الأصول العقارية، والاستثمار فيها، بحيث تكون مكملة للأسواق العقارية التقليدية، وتوفر فرصاً للتداول اللحظي، والاستثمار الأكثر سيولة في قطاع العقارات.
وتعتبر هذه الخطوة في إطار المبادرات العديدة التي أطلقتها الحكومة المصرية مؤخرا لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على ضخ أموالهم بالدولار إلى السوق المحلية.
تصدير العقار و توفير النقد الأجنبي
وقال طارق شكري، وكيل أول لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن زيادة تصدير العقارات ستسهم في توفير النقد الأجنبي لمصر، خاصة أن سوق تصدير العقارات المصرية تستحوذ على حصة منخفضة من إجمالي قيمة صادرات العقارات عالمياً البالغة ما بين 200 و250 مليار دولار سنوياً.
وأضاف أن مصر حققت صادرات عقارية خلال العام الماضي، بلغت قيمتها 600 مليون جنيه من خلال استحواذ شركات عقارية على حصص في السوق المصرية، بالإضافة إلى بيع الحكومة أراضي بقيمة تصل إلى ملياري دولار للمصريين العاملين في الخارج.
إعداد خطة ترويجية جيدة
وأكد أن زيادة صادرات مصر العقارية تتطلب إعداد خطة ترويجية جيدة لتسويق المنتج العقاري المصري من خلال الوجود على المنصات العقارية العالمية لجذب المستثمرين، وتسهيل الحكومة المصرية إجراءات تملك المستثمرين العرب والأجانب للعقارات المصرية، بالإضافة إلى سرعة حصول مالكي العقارات من الأجانب على الإقامة والجنسية المصرية.
وكانت الحكومة أكدت على ضرورة إعداد حملة ترويجية تسهم في زيادة تصدير العقار، كما وضعت محفزات وتيسيرات لحصول الأجانب عليه، منها الحصول على الجنسية والإقامة عند تملك عقار في مصر.
وأكد شكري، إن جذب المزيد من المستثمرين لشراء العقار المصري يتطلب ضبط القطاع من خلال إنشاء محاكم عقارية لإنهاء الخلافات بين المشتري والمطور العقاري، حيث إن المحاكم العادية تستغرق وقتاً طويلاً للبت في المشكلات العقارية، ما يعرقل الاستثمارات في ذلك القطاع.
طلب إحاطة بشأن تصدير العقار
ثم توجه أمس شكري، بطلب إحاطة، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، موجه إلى وزير الإسكان، بشأن التحديات التي تواجه تصدير العقار المصري.
وقال شكري، تراجعت تدفقات شراء العقارات (من قبل غير المقيمين) فى مصر بمقدار 114,6 مليون دولار إلى 453,7 مليون دولار خلال العام المالى 2020/2021، يأتى هذا على خلفية تسجيل الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر صافى تدفق داخلى بلغ 4,8 مليارات دولار فقط خلال الفترة (مارس ــ يوليو) فى عام 2020/2021 (مقابل 5,9 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق).
وأوضح شكري، تصدير العقار هو تعبير مجازى، يشير إلى جذب المستثمر الأجنبي نحو الاستثمار فى الأصول العقارية داخل الدولة بالعملة الأجنبية، وذلك نظير امتيازات معينة، منها حق الإقامة أو الحصول على الجنسية له ولأسرته وفق شروط متباينة بين الدول.
وأكد وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، يعد تصدير العقار المصري من المجالات التي يمكن أن تدر نقدا أجنبيا على الدولة، خاصة أن مساهمة قطاع العقارات في الناتج المحلى الإجمالي لمصر وصلت إلى 19% في عام 2020/2021. تصدير العقار إذن هو نوع من الاستثمار العقاري المتاح للأجانب المقيمين في الدولة وخارجها بالعملة الأجنبية.
وتابع عضو مجلس النواب، تُعد العقارات واحدة من أقوى المجالات الجاذبة للاستثمار على مستوى العالم، حيث تتصدر سوق العقارات في أوروبا الشرقية الربحية والجاذبية للمستثمرين العقاريين الدوليين.
التحديات المحلية لتصدير العقار
وذكر شكري تواجه مصر عددا من التحديات المحلية التي تحول دون قدرتها على التوسع في تصدير العقارات، أهم تلك التحديات هي أزمات نقص الطاقة، وأزمات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، والتي تضاف إليها أزمة التقلب في أسعار الصرف، وظهور أسعار متفاوتة فى السوق الموازية، فضلا عن ضعف التمويل العقاري كأحد العقبات المقيدة لنمو الاستثمار العقاري في مصر.
ولفت إلى أن هناك مجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها في الاعتبار لدى التعامل مع التصدير العقاري كمصدر مهم للدخل القومي؛ منها التوسع في تسجيل العقارات باستخدام كل المحفزات، والاهتمام بالترويج للعقارات، وإنشاء صناديق عقارية تضم محفظة من الأصول المتنوعة، وإقامة بورصة عقارية نشطة في مصر.
تأثرت عمليات تصدير العقار بسبب غزة
وفي هذا الصدد، قال الدكتور رائد سلامة، الباحث الاقتصادي، على عكس الاستثمار الذي تقوم به المؤسسات الأجنبية والعربية التي تأخذ قراراتها بضخ أموال في أوقات ما قبل نهاية الأزمات للاستفادة من الفرص التي تكون ذات أحجام أكبر، فإن الوضع يكون على العكس تماما بالنسبة لقيام الافراد من الاجانب والعرب بالاستثمار في العقارات التي يتم العمل على تصديرها.
وأوضح سلامة ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”: حيث ان الافراد بالأساس هم المستهدفين من هذا النوع من الاعمال، معقبا: تأثرت عمليات تصدير العقار بسبب الكارثة الانسانية في غزة على حدودنا الشرقية على الرغم من الجهود المبذولة في هذا المجال وعلى الرغم من إن هناك مغريات مثل سعر العملة، لكن حالة عدم الاستقرار تجعل من هذا الأمر صعبا بعض الشيء بسبب ان نظرة الافراد تكون أكثر تحفظا وعادة ما تأتى متأخرة مقارنة بنظرة المؤسسات.
وتابع: هناك أمر آخر يتعلق بحملات التسويق لأعمال تصدير العقار من معارض وخلافه، والتي يجب الا تقتصر على الترويج في دول الخليج فقط كما جرت عليه العادة في بداية الألفية الجديدة، ولذلك فلابد من مخاطبة أسواق أخرى.
وضع رؤية تصور لعرض العقارات
ومن جانبه، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن الحكومة تقوم بدراسة لكيفية تصدير العقار، فهو في الحقيقة شيء جيد يحقق المزيد من الإيرادات للدولة المصرية بالعملة الأجنبية.
وأوضح الشافعي ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن هذا القرار يفق تلاثم هيمنة الدولار ويزود المخرجات الخاصة بالعملة الأجنبية من خلال شراء مصريين عاملين بالخارج أو أجانب وغيره، معقبا: ولكن في الأول يجب ان يحدد إطار عام لكيفية استغلال ما هو متاح.
وتابع: يجب على الحكومة قبل ذلك ان تضع رؤية تصور لألية عرض هذه الوحدات العقارية للمتعاملين سواء بالداخل او بالخارج أو غيرة لجذب او بيعه بالعملة الأجنبية.
وأكد أن الالية العرض والطلب لتجنب حدوث قلق لسوق العقار في مصر، لان الجميع أصبح ُيقيم سعر وحدات العقار بالدولار، وبالتالي التكلفة يعاد تقيمها بالدولار.
وأضاف ان المواطن المصري يريد شراء العقار بالعملة المحلية فهذه المشكلة فالأليات يجب الحكومة تحددها لمنه حدوث مشاكل أو اضطراب في بيع العقار محليا.
اهتماما كبير بملف تصدير العقار
واختتم: فلابد من إعادة هيكلة قرار الحكومة ووضع رؤية للتصور سواء للداخل او للخارج حتى لا يحدث مشكلة.
ويذكر أن مصطلح تصدير العقار يُطلق على عملية جذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في الأصول العقارية المختلفة أو تملك عقار داخل الدولة بالعملة الأجنبية.
ومن جانبهما، قال شنودة أمين خبير التنمية والتطوير العقاري، في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، إن هناك اهتماما كبيرا من الدولة بملف تصدير العقار، في ظل التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم، والتي ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري، ما استوجب ضرورة تفكير الحكومة في مصادرة جديدة لتنويع إيراداتها من النقد الأجنبي، وتعزيز الحصيلة الدولاية، مشيرا إلى أن توجه مصر نحو إنجاح ملف تصدير العقار استلزم ضرورة توافر العديد من الأليات وتحقق التنافسية أمام المنتج العقاري المصري.