تحدث تقرير نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية عن تصريحات مسؤولين سياسيين غربيين يرون أنه لا يمكن لأوكرانيا أن تنتصر في ساحة المعركة، في حين أكد آخرون أن إلحاق هزيمة كاملة بروسيا أمر ضروري مهما كانت التكلفة.
وأوضح التقرير أنه حسب المسؤولين الغربيين فإن قبول الاستسلام مقابل انسحاب القوات الروسية إلى حدود فبراير/شباط 2022، ودفع تعويضات لنظام كييف وغيرها من المطالب الغربية؛ من شأنها حماية حلف الشمال الأطلسي (ناتو) من أي عدوان روسي محتمل.
وأشار إلى أن هذه التصريحات تثير تساؤلات حول مدى استعداد الدول الغربية لحل هذا الصراع، خاصة أن هدف روسيا منذ البداية كان الدفاع عن نفسها وليس تنفيذ “خطط عدوانية”.
تشويه متعمد
وأكد تقرير فزغلياد أن بعض المسؤولين الأوروبيين والأميركيين يتعمّدون تشويه الحقائق لدعم مكانة الناتو، وذلك عبر استغلال “أسطورة العدوان الروسي” لكسب المال والسمعة السياسية.
ونقل عن رئيس المكتب التحليلي الروسي (سونار 2050) إيفان ليزان قوله إن “الإيمان بأطروحة العدوان الروسي يعزز القناعة بالدعاية الخاصة بهم التي يتلقون من أجلها التمويل المناسب”. وأضاف أن ما يُروّج ليس مجرد أكاذيب، بل يؤمن جزء كبير من السياسيين الغربيين حقًا بأن تقدم روسيا لن ينتهي في أوكرانيا.
وصرح ديمتري سوسلوف نائب مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة الروسية العليا للاقتصاد بأن هناك مدرستين فكريتين في الغرب حول السياسة الروسية.
ويوضح أن “المدرسة الواقعية” تؤمن بأن الإجراءات العدوانية لروسيا كانت ردًا على توسّع الناتو وتجاهل الغرب المصالح الأمنية لروسيا.
في المقابل، تعتقد “المدرسة الليبرالية” أن موسكو تسعى إلى إحياء الإمبراطورية الروسية واستعادة مجال نفوذها، وإذا لم يوقف تقدّم روسيا في أوكرانيا فإنها ستواصل التحرك نحو دول البلطيق ومولدوفا.
بناء على ذلك، يبدو جليا أن كلا المدرستين تشتركان في فكرة أن روسيا تريد تغيير القواعد التي نشأت بعد الحرب الباردة.
العقبات الثلاث
وحسب التقرير، فإن أفضل طريقة لمنع تدهور الأوضاع إلى حد اللاعودة هو الاتفاق على قواعد جديدة، والتوصّل إلى حل دبلوماسي وسط يرضي روسيا والغرب.
ويشرح ذلك بأن هناك 3 عقبات رئيسية تقف في طريق هذا التوافق الافتراضي؛ أولاها الأيديولوجيا، إذ إن جزءا كبيرا من النخبة الغربية غير مستعد لأي نوع من التسوية، لأنهم لا يرون فيها هزيمة فقط، بل ستكون انهيارا لتصوّرهم الخاص عن العالم.
وتتمثل العقبة الثانية في ثقة مسؤولين غربيين في تحقيق النصر من دون اللجوء إلى تسوية. أما العقبة الثالثة فتتلخص في محاولات أميركية أوروبية لتغيير السلطة في روسيا، وهو ما لا يشجع على بدء أي مفاوضات لأنها تدمّر ما بقي من ثقة بين الطرفين.
وأكد التقرير أنه يمكن التحايل على كل هذه العقبات إذا وجدت إرادة سياسية حقيقية. غير أنه استدرك بالقول إن النخبة الغربية الحالية ليست لديها حوافز لإظهار هذه الإرادة.
ويرى إيفان ليزان أنه لا يمكن أن تنشأ في ظل هذه الظروف فرصة للمفاوضات إلا في حالة تغيّر النخب السياسية الحالية، وهذا بدوره ممكن فقط إذا هُزم الغرب في الصراع الأوكراني، حيث إن الخسارة في هذا الصراع ستدمرهم سياسيا وتفسح المجال لأشخاص آخرين يمكن بالفعل محاولة التفاوض معهم.
وشدد على أنه لن تنشأ فرصة لعقد اتفاقيات جادة بين روسيا والغرب إلا عندما يظهر توازن قوى مستقر بين القوى الكبرى، يدرك فيه الغرب حدود قوته، ويقتنع بعدم جدوى اللجوء إلى تصعيد الصراع مع روسيا، وهذا من غير المرجح أن يحدث قبل نهاية عام 2023.