حذر الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، عن صفة مذمومة ثابتة في حديث أسماء بنت عميس، ينبغي للمسلم أن يحذرها وهو يستقبل عامًا جديدًا.
حديث أسماء بنت عميس «بئس العبد»
وشرح علي جمعة حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها، الذي تقول فيه : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَخَيَّلَ وَاخْتَالَ وَنَسِىَ الْكَبِيرَ الْمُتَعَالِ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَجَبَّرَ وَاعْتَدَى وَنَسِىَ الْجَبَّارَ الأَعْلَى ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ سَهَا وَلَهَا وَنَسِىَ الْمَقَابِرَ وَالْبِلَى ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ عَتَا وَطَغَى وَنَسِىَ الْمُبْتَدَا وَالْمُنْتَهَى ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدِّينَ بِالشُّبُهَاتِ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ طَمَعٌ يَقُودُهُ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ هَوًى يُضِلُّهُ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ رَغَبٌ يُذِلُّهُ ».
وبين: « بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَخَيَّلَ وَاخْتَالَ» أي يتكبر ويتخيل في نفسه غير الحقيقة، ويتصور نفسه شيئًا وهو عند الله لا يساوي جناح بعوضة إن كان من الكافرين أو المنافقين، ولكنه ثقيل في الميزان إن كان من المؤمنين.
وأوضح علي جمعة: «وَنَسِىَ الْكَبِيرَ الْمُتَعَالِ» إذًا من آثار الكبر ومن آثار الباطن أن ينسى الإنسان ربه سبحانه وتعالى ونسيان الله ضده الذكر والذكر كما يكون باللسان يكون بالقلب والجنان ويكون بالجوارح والأبدان ويكون بالعقل والفؤاد ويكون بالروح حيث يطلب العبد من ربه أن يرفع عنها الحجاب حتى ترى الحق حقًا وترى الباطل باطلاً لكن الإنسان إذا نسي الكبير المتعال فإنه يتكبر ، اعرف نفسك بالعجز والقهر تعرف ربك بأنه كامل وبأنه قاهر وأنت مقهور.
رسول الله ﷺ يقول «بِئْسَ الْعَبْدُ» ويكررها في هذا الحديث تسع مرات كأنه يحذر مرة بعد أخرى بعد أخرى بعد أخرى على تلك الصفات التي سنسمعها من رسول الله ﷺ « بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَخَيَّلَ وَاخْتَالَ وَنَسِىَ الْكَبِيرَ الْمُتَعَالِ» ، الثانية « بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَجَبَّرَ وَاعْتَدَى وَنَسِىَ الْجَبَّارَ الأَعْلَى» سبحانه وتعالى.
«بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ سَهَا وَلَهَا وَنَسِىَ الْمَقَابِرَ وَالْبِلَى» الإنسان ينسى ربه وينسى حقائق الكون العليا أنه سوف يموت ؛ والموت يأتي فجأة لا يفرق بين شاب وشيخ ، ولا بين كبير وصغير ، ولا بين غني وفقير ، ولا بين طاغٍ وباغٍ ، ولا بين مؤمن ومنافق ، لكل أجل مستقر ﴿لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾.
«بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ عَتَا وَطَغَى وَنَسِىَ الْمُبْتَدَا وَالْمُنْتَهَى» انظر إلى هذه المعاني عتى عن أمر ربه وطغى على عباد الله (وَنَسِىَ الْمُبْتَدَا وَالْمُنْتَهَى) حقائق الكون الكبرى من أين أنت أيها الإنسان؟ وإلى أين تسير؟ نسي ذلك كله ، «بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدِّينَ بِالشُّبُهَاتِ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ طَمَعٌ يَقُودُهُ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ هَوًى يُضِلُّهُ ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ رَغَبٌ يُذِلُّهُ » والرُغب الحرص على الحياة الدنيا وارتكاب الحرام من أجل تحصيلها، وعدم القناعة والرضا بما قد رزق الله سبحانه وتعالى ووهب ، طموح في غير محله ولا في حلاله ، «بِئْسَ الْعَبْدُ» كلمة بليغة تشمل كل العبيد المؤمن والكافر.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء: هيا بنا إلى عصرنا لنرى تلك الصفات التي ينسى فيها العبد ربه، والذي يحركه الطمع والحرص على الحياة الدنيا ، ويضله عن الحق هواه ، والنبي ﷺ يقول : «إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِى رَأْىٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ» ، ويخاطبك في ذاتك فيقول: « لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا » ، يخاطبك ويجعل التغيير لك ويبدأ من عندك بأن تغير حياتك مع ربك فيقول : «يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ» ابدأ بنفسك ثم بمن يليك، ابدأ بنفسك وَحاسِبوا أنفسَكم قبل أن تُحاسَبوا.