سيطر الحديث عن الطبيعة العسكرية لقادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وخصوصا محمد الضيف ويحيى السنوار، على كلام المحللين والعسكريين السابقين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وذلك بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت.
وجادل المتحدثون في أكثر من قناة إسرائيلية حول ما تمثله أهمية اغتيالات هؤلاء القادة وما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات، وأكد بعضهم أن إسرائيل “ستدفع ثمنا غاليا جراء ذلك”.
وقال البروفيسور عوزي رابي رئيس مركز ديان بجامعة تل أبيب إن اغتيال العاروري هو رسالة لكل من شارك في هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول (طوفان الأقصى)، بشكل مباشر أو غير مباشر بأن “دمه مهدور”.
ولفت رابي إلى أن الشهيد العاروري لم يكن غزّاويا وإنما من الضفة الغربية، وقال إنه “كان عمليا وصاحب عقلية، ودرس الشريعة الإسلامية، وكان واحدا ممن استغلوا فترة اعتقالهم في دراسة الحالة الإسرائيلية والتعرف عليها”.
وأضاف “كان العاروري صنو السنوار، وتولى المشروع الكبير وهو تأسيس حماس في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)”.
حماس لم تنكسر
وتعليقا على وضع الحرب، قال غاي أفيعاد -مؤلف كتاب معجم حماس- إنه لا يرى أي علامة انكسار أو تراجع لدى حماس حتى الآن، وإن الحركة مسرورة جدا بكونها موحدة، وتقول إنها لن تدخل أي مفاوضات قبل الوقف الكامل للحرب.
وقال أفيعاد إن إسرائيل لا تعرف مكان السنوار، وإنه ربما يكون في خان يونس، لكنه “يتمتع بثقة كبيرة حتى الآن، وقد يكون في كل مكان داخل قطاع غزة؛ بسبب الأنفاق التي تمتد لمئات الكيلومترات”.
أما الجنرال السابق إسحاق بريك -وهو أحد أهم المحللين الإسرائيليين- فقال إن على الإسرائيليين معرفة أنهم لن يجدوا مكانا يهربون إليه في الحرب المقبلة، ولن يكون هناك مكان لإيوائهم فيه لأن غوش دان (وسط تل أبيب وجزءا من جنوبها) ستتلقى الضربات الأعنف.
وأضاف أن “بقاء الناس في مكانهم سيكون هو الخيار الوحيد، لأن القوة الصاروخية ستتجه نحو غوش دان وحيفا في أي حرب إقليمية”.
الأمر نفسه تقريبا، ذهب إليه قائد المنطقة الوسطى السابق الجنرال إيال بن رؤوفين، بقوله إن على الحكومة إخبار الناس بأنها فشلت فشلا ذريعا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإن هذا الفشل “سيكون له ثمن ثقيل وسيأتي في أي مكان، وعلينا الاستعداد لدفعه”.
وأضاف “حتى لو قتلنا السنوار، سيكون هذا عملا مباركا، لكن التهديد يوميا بأننا سنقتله يعود علينا بنتائج عكسية، لأن علينا منحه أملا في أنه سيظل حيا، حتى لو كنا نفكر بقتله”.
وقال بن رؤوفين “أنا شخصيا مهتم بقتل السنوار، لكن عودة 129 مختطفا (أسيرا) هي أهم بمليون مرة حاليا من موت السنوار”.
وقالت الأستاذة بالجامعة العبرية سميميان داش، إن إسرائيل ليست بحاجة إلى صورة نصر وإنما بحاجة لانتصار يختلف عن المرات السابقة، مضيفة “لا ترسلوا لنا صورا أو تحضروا لنا رأس فلان، نريد نصرا حقيقيا كما وعدتمونا في أول الطريق”.
الضيف ما زال يدير المعارك
محلل الشؤون العربية في القناة الـ13 تسفيكا ليفي، قال إن الجيش أعلن مرارا أنه تمكن من القيادي الحمساوي محمد الضيف وألحق به إصابات بالغة، مؤكدا أن هذه الأحاديث تتعارض تماما مع الوضع في غزة التي تتحرك وكأن الضيف موجود ولو من خلال إدارة الأمور فقط.
وأضاف أن “المشكلة حاليا ليست قتل الضيف أو السنوار وتحويله إلى شهيد وإنما المشكلة هي تدمير حماس، يجب حصد كل رأس وإبادة الحركة تماما”.
بدوره، قال يعقوب بيري الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، إن “المعلومات التي وصلت بشأن محمد الضيف تؤكد أنه تلقى علاجا وأنه ما يزال يعمل، وأن حالته الصحية أفضل بكثير مما كنا نظن”.
وأضاف أن “الضيف ما يزال قادرا على إدارة عمليات صعبة على غرار ما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.
أما الرئيس السابق في وحدة الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس جلعاد، فقال إن وصف المخابرات ناقض الواقع لأنه أكد إعاقة الضيف لكنه لم يقل إن عقله توقف عن إدارة الأمور.
وأضاف جلعاد “إنه (الضيف) عبقري من الناحية العسكرية، إنه ماركة مسجلة، وقد نجا من الموت عدة مرات”.