قالت الصحفية مها الحسيني، في تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي”، إن الجنود الإسرائيليين في مدينة غزة يطلقون النار على الفلسطينيين من مسافة قريبة، ويقتلونهم أمام عائلاتهم.
وروت قصة مؤمن رائد الخالدي الذي ظل 3 أيام بلا حركة، بالرغم من إصابته، بين جثث أفراد عائلته الذين قتلهم الجنود الإسرائيليون، متظاهرا بالموت لحماية نفسه من أن يلقى مصير أسرته.
وذكرت الحسيني، وهي ناشطة حقوقية أيضا مقيمة في غزة، أنه في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي اقتحم الجنود الإسرائيليون المنزل الذي لجأت إليه عائلة الخالدي في شمال غزة، وفي غضون دقائق معدودة أطلقوا النار على كل الموجودين. وبعدها خرجوا من المنزل معتقدين أنهم قتلوا كل من فيه. ولم يبق سوى مؤمن حيا، ينزف لعدة أيام قبل أن يعثر عليه الجيران، وينقلونه إلى المستشفى.
ومن سريره في المستشفى في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، روى للموقع البريطاني ما حدث في ذلك اليوم.
وكان الخالدي وأسرته قد توجهوا إلى منزل أقاربهم في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة بعد أن أجبروا على إخلاء منزلهم.
ويحكي الخالدي أنه في ذلك اليوم المشؤوم، بعد غروب الشمس، كانت العائلة قد أدت صلواتها، وافترشت الأرض معا وتأهبت للنوم، عندما فجر الجنود الإسرائيليون فجأة الباب الأمامي واقتحموا المنزل.
وقال الخالدي “أصيب جميع من كانوا في المكان فورا، وبينهم امرأتان وجدتي وامرأة أخرى حامل”.
التظاهر بالموت
وأمر الجنود الإسرائيليون، مخاطبين العائلة بالعبرية، الجميع بإخلاء المنزل. وبما أنه لا أحد يتحدث العبرية، لم يفهم أفراد العائلة الأوامر.
وقال الخالدي “لم يكن الجنود يتحدثون العربية. ولم نفهم ما يقولونه بالعبرية. لذلك حاول جدي أن يترجم. وقال فقط بضع كلمات “استمعوا لما يقوله الجنود وأخرجوا”.
وأضاف الخالدي “التفت الجنود، واعتقدوا أن والدي هو الذي تحدث، فأطلقوا عليه الرصاص، وأردوه قتيلا على الفور”. ثم أطلق الجنود النار على كل من كان في الغرفة، بما فيهم الخالدي.
وتابع الخالدي “ثم استشهد جدي وتبعه عمي، ثم رجلان آخران كانا قد لاذا بالمنزل معنا أيضا، ثم أحد أصحاب المنزل، وبعد ذلك استشهدت جدتي والمرأة الحامل”.
وتذكر الصحيفة أنه بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجروح في ساقه، استلقى الخالدي ساكنا على الأرض متظاهرا بالموت ليتقي المزيد من إطلاق النار من الجنود.
وقال الخالدي “كنت أحمي نفسي بالبقاء في مكان بين ظهر عمي والجدار. كنت أحمي رأسي في هذا الوضع. وبقيت هكذا 3 أيام متظاهرا بأني ميت. وفي أثناء تلك الفترة كان الجنود يدخلون ويخرجون ويدمرون المنزل، لكني بقيت متظاهرا بأني ميت. وبعد 3 أيام نقلني الناس مع أفراد عائلتي الشهداء إلى المستشفى”.
وتحكي الصحفية أيضا أنه في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في الحي نفسه حيث أعدمت عائلة الخالدي، نجا قريبه فيصل أحمد الخالدي، البالغ من العمر 6 سنوات، من حادث مماثل بعد أن قتل الجنود الإسرائيليون والديه أمامه في منزل عمه.
وقال فيصل للموقع “كنا في المنزل، وكانت الدبابة متمركزة عند باب المبنى. وذات ليلة حطموا البوابة واقتحموا المبنى. وكانت شقة عمي محمد مغلقة، فكسروا الباب ودخلوا. وأطلقوا النار على الجميع في غرفة الضيوف”.
وأضاف “كنا نائمين، وسمعت ضجيجهم، فسألت أمي عن هذا الصوت. فقالت لي هؤلاء جنود إسرائيليون. وما إن قالت ذلك حتى أطلقوا النار عليها ثم على أبي”.
أبناء معاقون
ثم أمر الجنود بقية أفراد عائلة فيصل بالتجمع في غرفة واحدة، تاركين الأطفال ليشاهدوهم من الممر. وأصيب فيصل بشظية من الرصاص الذي قتل والديه، لكن الصدمة أفقدته الشعور بالجرح وقتها.
ويحكي فيصل “اختبأنا في غرفة نوم ابنة عمي ليان، ثم اتجهنا إلى الباب، ولم أتمكن من المشي، وكنت أسقط مرارا، فحملني عمي محمد، وعندها أمره الجنود هو وجد ليان بخلع ملابسهما. وأمروهما بالجلوس، وذهبنا جميعا للجلوس في الممر”.
وبعد أن غادر الجنود المنزل لجأت العائلة إلى إحدى المدارس، وعندها فقط شعر فيصل بألم في بطنه. فخلعوا ملابسه ووجدوا أنه أصيب وأخذوه إلى المستشفى.
وقصة أخرى ترويها الحسيني، فبعد أسبوع من تلك الحادثة، وعلى بعد كيلومترات قليلة، أعدم الجنود الإسرائيليون كامل محمد نوفل البالغ من العمر (65 عاما)، وهو موظف متقاعد في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، أمام زوجته وأولاده البالغين المعاقين، بينما “كان يحاول أن يشرح لهم أن أبناءه لم يفهموا التعليمات”، بحسب قريبة جمال نعيم.
وقال نعيم لميدل إيست آي “وصلت قوات الاحتلال إلى المبنى الذي يسكن فيه كامل وعائلته، وأمرت الجميع بإخلاء المبنى، فنزلوا جميعا وتجمعوا في الشارع أمام المبنى”.
ووفقا لنعيم كان 3 من أولاد كامل صم وبكم وكانت ابنته الرابعة معاقة. وقال إن “الجنود أعطوا تعليمات لهم عن المكان الذي سيذهبون إليه وما سيفعلونه”، لكن أولاد كامل لم يفهموا التعليمات بسبب حالتهم، فقام الجنود باعتقالهم.
وعندما حاول كامل التحدث مع الجنود بالعبرية عن حالة أولاده أردوه قتيلا على الفور أمام الأبناء والجميع. وذكر نعيم أن الجنود الإسرائيليين احتجزوا فيما بعد أولاد نوفل وبقية الأسرة، ولا يزال مكانهم الحالي مجهولا.