رغم ضغوط الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة على جامعة هارفارد فإن عددا من طلابها يقولون إنهم مستمرون في مظاهراتهم المؤيدة لفلسطين والمنتقدة للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويعتقد الطلاب العائدون من العطلة الشتوية أن التوتر في الجامعة لم ينته بعد، رغم استقالة رئيستها كلودين غاي بسبب الضغوط التي مورست عليها بعد اعتبارها أن الاحتجاجات ضد إسرائيل تنضوي ضمن نطاق حرية التعبير.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء، 24 ألفا و448 قتيلا و61 ألفا و504 مصابين، وتسببت في نزوح نحو 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85% من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.
وخلال تلك الفترة عمت مظاهرات في جميع أنحاء العالم مطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي تدعمها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إذ استخدمت حق النقض الفيتو مرتين في مجلس الأمن الدولي ضد مشروعي قرارين طالبا بوقفها.
وقال غييرمو سيلفا -وهو طالب في قسم السياسة والفلسفة بجامعة هارفارد- لوكالة الأناضول: “مع الأسف في هذه الأيام نتصدر عناوين الصحف والإعلام أكثر مما يحدث في قطاع غزة”.
وأضاف سيلفا -وهو عضو في رابطة طلاب لجنة التضامن مع فلسطين بالجامعة- أن الجامعة تعرضت لضغوط خارجية خاصة من العديد من المانحين والسياسيين في الولايات المتحدة، ترمي إلى قمع حرية التعبير المؤيدة للفلسطينيين.
خوف وحذر
وأشار سيلفا، إلى أن الهيئة الطلابية بجامعة هارفارد نشطة للغاية سياسيا، وأنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول أصبح النشاط المؤيد للفلسطينيين واضحا جدا في الحرم الجامعي.
ولفت إلى أن الوضع الحالي في الحرم الجامعي بالنسبة إلى العديد من الناشطين المؤيدين للفلسطينيين، يسوده الخوف والحذر لعدم يقين أحد بما سيحدث مستقبلا.
وأضاف قائلا نعلم أن رئيسة الجامعة غاي أجبرت على الاستقالة، مشيرا إلى أنها تعرضت لانتقادات كبيرة لعدم منع الهيئات الطلابية من تنظيم مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين.
وأوضح أن الجامعة كانت في عطلة شتوية عند اتخاذ القرار باستقالة رئيسة الجامعة، وأن الطلاب لم يتمكنوا من إظهار رد الفعل اللازم تجاه ذلك.
وقال نتوقع الكثير من النشاط عندما يعود الطلاب إلى الحرم الجامعي لأننا لن نوقف الحديث عن فلسطين وغزة لمجرد أننا نواجه معارضة شديدة.
ولفت سيلفا إلى أن رئيس الجامعة الجديد هو من داخل المؤسسة وأن الطلاب ليس لديهم حتى الآن أي سبب للاعتقاد بأنه سيكون أكثر عدوانية تجاه الطلاب.
واستدرك “لكننا نعلم أن جامعة هارفارد تواجه المزيد من الضغوط (لم يوضحها)، وأن الجهات (بدون تسمية أحد) التي تمارسها لن تتوقف.
ومن دون الخوض في التفاصيل، أكد سيلفا أن جامعة هارفارد لديها استثمارات مرتبطة بالمستوطنين غير الشرعيين في فلسطين، واعتبر أن هذا أمر فظيع وأن الجامعة ليست في وضع جيد لدعم الطلاب الفلسطينيين، والتعاطف مع الذين فقدوا أفراد عائلاتهم، مشيرا إلى أن من وصفهم بالسياسيين اليمينيين المتطرفين في البلاد يستخدمون هذه الأحداث لمهاجمة جامعة هارفارد.
وتابع: “ليس من الطبيعي أن يضيّع الكونغرس وقته في استدعاء رئيس جامعة ويحاول تدمير حياته المهنية فقط لمجرد أنه لم يُسكت طلاب جامعته، إننا نرى محاولات التشهير بنا وتدمير مستقبلنا المهني واستهدافنا بوضوح”.
وأعرب عن اعتقاده بأن الجمهوريين في الكونغرس لن يتوقفوا عن استهداف طلاب الجامعات وأن الضغط سيستمر في التزايد، مؤكدا في هذا السياق تصميم الطلاب على عدم التراجع عن المطالبة بالسلام.
ولفت إلى أن الأحداث المناهضة للفلسطينيين في الجامعة تنظمها في الغالب مجموعات خارجية.
على الجانب الصحيح
وأشار سيلفا إلى أن الطلاب لم يدعوا أبدا إلى تشجيع العنف ضد إسرائيل، بل كانوا يحاولون فقط إظهار معاناة الفلسطينيين.
وأضاف: أعتقد أن السبب وراء مهاجمتهم لنا بهذه القوة هو الخوف من تغير الرأي العام، لأن الرأي العام يتغير لمصلحة فلسطين، ليس في الولايات المتحدة فقط، بل في المجتمع الدولي أيضا.
وتابع: هناك رد فعل متزايد ضد سياسة إسرائيل، وهذا سوف يستمر حتى لو لاحقوا طلابا جامعيين مثلي، وحتى لو وضعوهم في القائمة السوداء واستهدفوهم بقوة، سيعرف الناس ما يحدث في غزة.
ولفت إلى الحجم الكبير للموارد التي أنفقتها الجماعات المؤيدة لإسرائيل على مهاجمة الطلاب في جامعة هارفارد وإطلاق الافتراءات ضدهم، مؤكدا أن الطلاب لن يستسلموا رغم ذلك.
وأكمل سيلفا: رغم كل هذه الهجمات، وكل الأوصاف الخاطئة التي يصفوننا بها مثل المتعاطفين مع الإرهاب أو المعادين للسامية سنواصل إظهار الحقيقة.
وأوضح أن لجنة التضامن مع فلسطين هي مجموعة من طلاب جامعة هارفارد الذين يهتمون بفلسطين وبالقانون الدولي وبمنع معاناة المدنيين، ومخطئ من يعتقد أن استهدافنا بقوة من شأنه أن يثنينا عن الاهتمام بهذه القضايا.
وأردف سيلفا أن آلام الفلسطينيين ما زالت قائمة قبل وبعد النكبة (قيام دولة إسرائيل عام 1948)، وهذا غير مقبول بالنسبة إلينا.
وزاد: نعتقد أن هذا سيصبح غير مقبول للعالم أيضا في غضون سنوات قليلة وكما هو الحال مع المتظاهرين ضد حرب فيتنام (مع الولايات المتحدة)، فإننا نعلم أننا على الجانب الصحيح من التاريخ ولهذا السبب سنواصل هذا النهج، ويمكنهم أن يفعلوا كل ما في وسعهم ضدنا.
حرية التعبير
وانتقدت بعض الجماعات المؤيدة لإسرائيل المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي جرت في جامعات الولايات المتحدة ردا على الهجمات الإسرائيلية على غزة، بداعي أنها “معادية للسامية”، وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استدعت لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونغرس الأميركي كلا من غاي، ورئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماغيل، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث، إلى جلسة محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية.
وتعرضت غاي وماغيل وكورنبلوث لضغوط وانتقادات من أجل تقديم الاستقالة لأنهن اعتبرن الاحتجاجات ضد إسرائيل ضمن نطاق “حرية التعبير”.
ووقّع أكثر من 500 من أعضاء هيئة التدريس في هارفارد عريضة لدعم رئيسة الجامعة.