أكدت وزارة المالية، أن الحكومة تعمل على إدارة مخاطر الاقتصاد الكُلي، بمرونة لاحتواء الصدمات الخارجية المتتالية، وتتعامل بتوازن وحرص شديد مع الآثار السلبية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية المؤثرة على النشاط الاقتصادي، وتحرص على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين والتوسع فى الحماية الاجتماعية مع الالتزام بالانضباط المالي في ظل هذه التحديات شديدة التعقيد.
رد قوي على موديز
وأوضحت الوزارة في بيان اليوم الجمعة، أن هذا المسار المرن الذي تنتهجه الحكومة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، انعكس في أداء متوازن للموازنة العامة للدولة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ في الفترة من يوليو حتى ديسمبر الماضيين
وأضاف البيان، أنه تم تسجيل فائض أولي ١٥٠ مليار جنيه، مقارنة بـ ٢٥ مليار جنيه عن ذات الفترة من العام المالي الماضي، رغم توفير كل احتياجات أجهزة الموازنة، وزيادة حجم المصروفات بنسبة ٥٦٪ لتخفيف الأعباء عن المواطنين بقدر الإمكان.
وعلقت الوزارة على تثبيت موديز للتصنيف الائتماني السيادي لمصر عند “Caa1” مع تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، أن مؤسسة “موديز” لم تأخذ في اعتبارها الجهود الحالية للحكومة عند تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، حيث إن برنامج “الطروحات” يُعزز قدرتنا على تلبية الاحتياجات التمويلية خلال العامين المقبلين، ويُسهم في جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، والحد من الاحتياج للتمويل الخارجي.
ولفتت الوزارة إلى نجاح الدولة في التخارج من عدد من الأنشطة الاقتصادية بقيمة ٣,٥ مليار دولار ضمن برنامج “الطروحات” بما يساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري.
وأشار البيان، إلى إمكانية الحصول على نحو ٥ مليارات دولار سنويًا بشروط ميسرة من البنوك التنموية متعددة الأطراف، الأمر الذي يعكس ثقة هذه المؤسسات الدولية في المسار الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة المصرية بسياسات مالية أكثر قدرة على تحقيق الانضباط المالي، والحفاظ على تسجيل فائض أولي بشكل مستدام، جنبًا إلى جنب مع المضي في تنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز النمو الاقتصادي من خلال إفساح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص باعتباره قاطرة التنمية الشاملة.
وأوضحت أن الحكومة حددت مصادر توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية للموازنة العامة للدولة حتى نهاية العام المالي الحالي المقدرة بـ ٤ مليارات دولار، مع استهداف الاستمرار في تنويع الأسواق الدولية، خاصة بعدما نجحنا في العودة مجددًا للأسواق اليابانية، وقد تم تنفيذ الإصدار الدولي الثاني من سندات الساموراي بقيمة ٧٥ مليار ين ياباني، تعادل نحو نصف مليار دولار، بتسعير متميز للعائد الدوري بمعدل ١,٥٪ سنويًا، بأجل ٥ سنوات، وإصدار سندات دولية مستدامة بسوق المالية الصينية «الباندا»، التي تخصص لتمويل مشروعات بنحو ٣,٥ مليار يوان صيني بما يعادل نحو نصف مليار دولار.
وأكد البيان، أننا نعمل على وضع معدلات الدين للناتج المحلي في مسار نزولي والمتأثرة فى الوقت الحالى بالتضخم وارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الصرف.
وأشار البيان إلى أن الإجراءات الجديدة والتدابير الإصلاحية لإدارة الدين الحكومي التي تشمل وضع سقف ملزم للأعباء السنوية لضمان المسار النزولي لمعدل الدين للناتج المحلي وصولاً لأقل من ٨٥٪ مع نهاية يونيو ٢٠٢٨، وإطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليبلغ ٤ سنوات في المدى المتوسط بدلاً من ٣ سنوات في الوقت الحالي، لتقليل الحاجة إلى التمويلات السريعة.
ولفت البيان، إلى أن هناك استراتيجية تخضع للتحديث السنوي لخفض نسبة وخدمة الدين للناتج المحلي، واستمرار تطوير سوق الأوراق المالية الحكومية لجذب المزيد من المستثمرين بمواصلة العمل على تنويع مصادر التمويل، إضافة إلى مسار جديد لمقايضة الديون بالعمل المناخي وتعزيز الاستثمارات الصديقة للبيئة، وإصدار أدوات جديدة ومتنوعة ذات تكلفة أقل كالصكوك والسندات الخضراء وسندات التنمية المستدامة.
إنطلاقة قوية خلال الفترة القادمة
في هذا الصدد قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية ، إن التقرير الصادر من مؤسسة موديز و تثبيتها للتصنيف الائتماني السيادي لمصر عند “Caa1” مع تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، يأتي من بين 3 مؤسسات عالمة تقوم بتقييم التصنيف الائتماني للحكومات والدول على مستوى العالم، مشيراً إلى أن ذلك التقرير صدر من موديز بناء على نقص السيولة الدولارية في مصر وأزمة الدولار، وما تسببت فيه من آثار سلبية على الوضع الاقتصادي في مصر.
وأضاف الدكتور خالد الشافعي خلال تصريحات لــ”صدى البلد”، أن الاقتصاد المصري قادر على تجاوز هذه الأزمة وقادر على تحريك المياه الراكدة وإعادة الانطلاقة للاقتصاد المصري خاصة في ظل البنية التحتية القوية الموجود بمصر والتي حصلت على شهادات كبيرة من العالم أجمع، وبالتالي الدولة قادرة على على إعادة ترتيب الأوراق ووضع الأولويات مرة ثانية، لافتاً إلى ضرورة توطين الصناعات.
واستكمل: مصر من الممكن أن تحقق الانضباط في ظل الظروف والتداعيات السلبية وفي ظل الحرب الإسرائيلية على غزة وحرب الحوثيين على التجارة والملاحة في باب المندب في البحر الأحمر، كل تلك الأمور تستطيع مصر أن تتجاوزها وسنشهد انطلاقة قوية لصالح الاقتصاد المصري خلال المرحلة القادمة.
وقال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي، إن تحسن التصنيف الائتماني لأي دولة شيء ايجابي وخفض التصنيف الائتماني عنها شيء سلبي، ولكن الدولة المصرية لم تستفد كثيرا من تحسن تصنيفاتها الائتمانية خلال الفترة الماضية، كما أن خفض تصنيفها في هذه الفترة لن يغير كثيراً من الواقع الاقتصادي، مشيراً إلى أن العالم بأكمله يعاني من صعوبة في التمويل سواء كانت دولة لديها تصنيف جيد او تصنيف منخفض .
وأضاف خلال تصريحات لــ”صدى البلد ” أن مصر تتجه في تدبير تمويلها خلال الفترة الأخيرة إلى الجانب الشرقي أكثر من الجانب الغربي، كما أنها تبحث عن التمويل في تكتل البريكس الذي انضمت إليه مؤخرا، مشيراً إلى أنه تتعامل بمرونة مع الغرب الذي هو مطالب في الأساس بتفهم الواقع الاقتصادي العالمي والضغوط التي يتعرض اليها الاقتصاد المصري من صراعات ليس هو طرفا فيها سواء الضغوط التي جاءت بسبب الحرب في غزة وتباطؤ حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس وغيرها من الظروف التي تؤثر بصورة سلبية على الاقتصاد المصري لاسباب خارجية.
واستكمل: نتمنى أن تتفهم المؤسسات الغربية التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، كما إنه يجب على الإدارة الاقتصادية في مصر أن تتجه خلال الفترة المقبلة إلى البحث عن حلول محلية والبحث عن القوى الكامنة في الاقتصاد المصري والتي يمكنها التخفيف من التحديات الاقتصادية المستوردة من الخارج.