ألقى المستشار طارق شبل، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المتحدث الرسمى باسمها، كلمة فى مؤتمر الدستورية بعنوان “قضاء المحكمة الدستورية العليا فى ضوء المستحدث من أحكام دستور 2014”، والذى يأتى متزامنا مع مرور 10 أعوام على صدور دستور 2014.
وإلى نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
“وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين، ففهمناها سليمان وكلاً ءاتينا حكمًا وعلمًا”.
صدق الله العظيم
السيد المستشار / عبد الوهاب عبدالرازق
رئيس مجلس الشيوخ ورئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق
السيد المستشار/ عـلاء الدين فؤاد
وزير شئون المجالس النيابية
السادة المستشارون/ رؤساء المحكمة الدستوريــة العليا السابقون، ونوابهم
السادة المستشارون/ رؤساء الجهات والهيئات القضائية
السادة أعضاء لجنة الخبراء ولجنة إعداد الدستور ورجال الصحافة والإعلام
السادة الحضور
أهلاً بكم في محراب العدالة الدستورية، المحكمة الدستورية العليا.
لقد حرص المشرع الدستوري المصري، منذ صدور دستور 1971، وحتى دُستورنا الحالي، الصادر في 18 يناير 2014، على النص على المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها جهة قضائية مستقلة، قائمة بذاتها، مبينًا اختصاصاتها.
فحددت الفقرة الأولى، من المادة (192) من الدستور الحالي، تلك الاختصاصات على سبيل الحصر، في ستة اختصاصات، تتمثلُ في الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
وكذلك في تفسير النصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، والفصل في تنازع الاختصاص، بين جهات القضاء، والهيئات ذات الاختصاص القضائي، والفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين، متناقضين، صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئًة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها. وكذا الفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات الصادرة منها.
وأعطت الفقرة الثانية من ذات المادة، للقانون، أن يعين الاختصاصات الأخرى للمحكمة، فصدر القانون رقم 137 لسنة 2021؛ مضيفًا اختصاصًا سابعًا لها، يتمثلُ في الرقابة على دستورية قرارات المنظمات الدولية، وأحكام المحاكم الأجنبية، المطلوب تنفيذها، في مواجهة الدولة المصرية.
إن الرقابة التي تباشرها المحكمة، مردُها وأساسُها، مبدأ سمو الدستور؛ باعتباره القانون الأساسي الأعلى، الذي يُرسي القواعد والأصول، التي يقوم عليها نظام الحكم.
وهذه الرقابة الدستورية، لم تكن أبدًا، محض شعار يتشح به الوطنُ، وتزدانُ به الجماعة، إنما هى حقيقة وواقع، استقر في وجدان الأمة وضميرُ الشعب.
بل جاوز قضاؤها، بمضمونه، حدود الإقليم المصري، وصار لافتًا بأهميته، أنظار كثيرين من رجال الفقه الدستوري، في الدول الغربية.
فها هــو الفقيه الأمريكي” ناثان براون”، الأستاذ بجامعة جورج واشنطون، قد ذهب في مؤلفـــــه، (القاعدةُ القانونيةُ في العالم العربي)، إلى أن: المحكمة الدستورية العليا المصرية، بالنظر إلى هيكلَها وولايتها، وكيفية تشكيلها، أثبتت قُدرتها أكثر من أيةِ جهة قضائية غيرها، على أن تطور مداخل متماسكة، لمواجهة كل المسائل الدستورية الأساسية، التي تواجه بلدها.
إن قضاء هذه المحكمة، لم يكن نتاج لحظة خلق متكامل من عدم، وإنما نتاجُ تطور، مرت خلالهُ بمراحل مختلفة، حتى استوائه على ما هو عليه الآن.
فما بدأهُ النُخبة من صفوة قضاتها السابقين، الذين كان لعطائهم وإسهامهم، فضل ما شادوه من أحكام، هو الأساس الذي تم البناء عليه، وسار عليه قضاتها الحاليون، فاتصلوا جيلاً بعد جيل، متخذين الحق منسكًا، والعدل شرعةً ومنهاجًا.
وها نحن اليوم، وقد أكملنا عامنا العاشر، على صدور دستور 2014، كان لزامًا على المحكمة، أن تبين للمصريين جميعًا، ما خطتُه من أحكام، ووضعته من مبادئ دستورية، أرست به المستحدث من نصوص ذلك الدستور؛ حمايةً لحقوق وحريات المصريين، ودعمًا لسيادة القانون، وتأكيدًا على المقومات الأساسية للمجتمع المصري.
حفظ الله مصر، وحفظ شعبها، وحفظ قائدها وراعي نهضتها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.