خطت مصر خطوة عملاقة لتحقيق حلمها النووي (مشروع القرن الحادي والعشرين) بدخول عصر التكنولوجيا النووية السلمية.
ويجري الإعداد لمشاركة الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في فعالية متعلقة بصب خرسانة المفاعل الرابع في محطة الضبعة النووية التي تشيدها روسيا في مصر.
امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية
ويخدم امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية مصر في إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر، إضافة إلى قطاعات صناعية وزراعية عديدة. ويعتبر عامل الأمان والموثوقية لتصميم المفاعل النووي من أهم عوامل المفاضلة الرئيسية لاختيار نوع المفاعل والتكنولوجيا المستخدمة لبناء المحطة النووية في الضبعة الذي تنتمي التكنولوجيا المستخدمة إلى نوعية مفاعلات الجيل الثالث +.
توطين التكنولوجيا النووية السلمية
وأكد الدكتور محمد فراج أبو النور، الخبير في الشأن الروسي، في تصريحات إلى صدى البلد أن مشروع الضبعة يساعد مصر في توطين التكنولوجيا النووية السلمية، ويقوم المشروع على تدريب الخبراء المصريين ورفع كفاءتهم، كما تشارك شركات مصرية في تنفيذ 25% من المشروع، بإنتاج 4800 ميجاوات (1200 ميجاوات لكل مفاعل من المفاعلات الأربعة من الجيل الثالث+).
مشروع متكامل
وهو ما يعني أنه مشروع متكامل في مصر تلتزم فيه روسيا بإنشاء مدرسة فنية نووية لتدريب وتخريج الفنيين، كما أن المشروع بقروض ميسرة من حيث نسبة الفائدة ومدة السداد ومن إنتاج المشروع.
وكما كان مشروع السد العالي عملًا فريدًا، وأهم مشروع هندسي في القرن العشرين، وتكاتفت جهات عدة لتنفيذه يعد مشروع محطة الضبعة النووية مشروع القرن الحادي والعشرين في مصر.
واستغرق بناء السد 4 سنوات وبناه المصريون بعرقهم وبدمائهم، ويبلغ طول السد 3600 متر، وعرض القاعدة 980 مترًا، وعرض القمة 40 مترًا، والارتفاع 111 مترًا، وبعد الانتهاء من البناء تغير مجرى نهر النيل للسد العالي. وبلغت تكلفت بناء السد العالي نحو مليار دولار وساهم الاتحاد السوفيتي (روسيا) في المشروع بقروض ميسرة من نسبة الفائدة ومدة السداد ومن إنتاج المشروع، وحمى السد العالي مصر من سلسلة فيضانات عالية منذ إنشائه، كما حمى مصر في فترة جفاف استمرت 7 سنوات، لجأت فيها لاستخدام معظم المياه المخزنة في السد، مؤكدا أن المشروع يخضع لأعمال صيانة وتجديد مستمرة.
وتتوج المحطة النووية الأولى في الضبعة لتوليد الكهرباء بقدرة 4800 ميجا وات، التعاون المصري الروسي مع بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ 80 عاما، وكان مفاعل مصر البحثي فى أنشاص هو أول تعاون حقيقي في هذا المجال منذ عام 1956.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس الجمعة، أنه يجري الإعداد لمشاركة الرئيس فلاديمير بوتين في فعالية متعلقة بصب خرسانة المفاعل الرابع في محطة الضبعة النووية ( المرحلة الأخيرة)، التي تشيدها روسيا في مصر.
وأضاف بيسكوف أن “التعاون يستمر مع الشركاء المصريين في مجموعة متنوعة من المجالات وهي شريك مهم للغاية، بما في ذلك في مجال هذه التكنولوجيا المتطورة وهو أمر مهم للغاية لمزيد من التنمية في مصر”، وفق وكالة الأنباء الروسية نوفوستي.
كما أكد بيسكوف أن روسيا بلد رائد بلا منازع في الصناعة النووية على المستوى العالمي، وأكد: “نقدم خدمات أفضل وأرخص وذات جودة أعلى، وهنا سيكون من الصعب للغاية على المشاركين الآخرين في هذا السوق منافستنا”.
وأعلنت شركة “روسآتوم” الروسية الرائدة للصناعات النووية والطاقة الذرية عن افتتاح فرع لها في القاهرة. ويمثل هذا الافتتاح مرحلة هامة في توحيد البنية التحتية للمكاتب وللشركات التابعة للشركة.
وعن افتتاح المكتب قال مراد أصلانوف المدير الإقليمي لمكتب “روسآتوم” في مصر: “أطلقت شركتنا مبادرة مشروع واسع النطاق لتوحيد البنية التحتية لمشاريعنا في الخارج، حيث تم دمج جميع مكاتبنا الخارجية في مصر”.
ووقعت مصر وروسيا في 19 نوفمبر 2015 اتفاق تعاون لإنشاء محطة للطاقة الكهرذرية بكلفة استثمارية بلغت 25 مليار دولار قدمتها روسيا قرضا حكوميا ميسّرا للقاهرة.
جدير بالذكر، أن الرئيسين عبد الفتاح السيسي، وفلاديمير بوتين وقعا في ديسمبر 2017 الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي للقاهرة، وستضم محطة الضبعة أربعة مفاعلات من الجيل “3+” العاملة بالماء المضغوط باستطاعة إجمالية 4800 ميجاواط بواقع 1200 ميجاواط لكل منها، ومن المقرر إطلاق المفاعل الأول عام 2028. وتشيد شركة “روسآتوم” محطة “الضبعة” بأفضل التقنيات وأعلى معايير الأمان والسلامة عالميا، حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويؤكد إعلان الكرملين إجراءات استعداد مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين في فعالية صب خرسانة المفاعل النووي الرابع في مصر، حقيقة متانة العلاقات بين مصر وروسيا، كما أنها تذكر أيضا بتاريخ مجيد من العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي في فترة الستينيات عندما حضر الرئيس خروشوف أيام بناء السد العالي والتقى بالرئيس جمال عبد الناصر، موضحا أنه كما كان مشروع السد العالي وبحيرة ناصر مشروع القرن العشرين في مصر، فإن مشروع الضبعة النووي هو مشروع القرن الحادي والعشرين.
وتشير مشاركة الرئيس الروسي إلى أكثر من مدلول سياسي واقتصادي وتاريخي بين مصر وروسيا، لا سيما أن مصر أصبحت الآن جزءا من منظومة بريكس.
جدير بالذكر أن روسيا تقوم بإنشاء منطقة صناعية روسية في مصر باستثمارات تصل إلى 7 مليارات دولار توفر 30 ألف فرصة عمل، تقوم على إنشاء الصناعات الهدسية والإلكترونية والكيميائية وقضبان السكك الحديدية، إضافة إلى إعادة تأهيل المصانع التي تم إنشائها بتكنولوجيا سوفيتية (روسية) في فترة الخمسينيات والستينيات.