مع إشادتهم بقرار محكمة العدل الدولية الخاص بالحرب على قطاع غزة، يرى خبراء في القانون الدولي ومحللون سياسيون أن هذا القرار وضع إسرائيل تحت المجهر والرقابة والرصد، وأكدوا أهمية وجود تحرك سياسي ودبلوماسي دولي للضغط من أجل وقف الحرب في غزة.
وأصدرت محكمة العدل الدولية اليوم الجمعة قرارها بقبول الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة، وأمرت إسرائيل باتخاذ التدابير اللازمة لمنع التحريض المباشر على الإبادة. كما شددت على أن حكمها يفرض التزامات قانونية دولية على إسرائيل.
ووصف المحامي والخبير في القانون الدولي، الدكتور سعد جبار قرار محكمة العدل الدولية بأنه “مكسب حقيقي وتاريخي”، لأنها المرة الأولى التي تقف فيها إسرائيل في قفص الاتهام، وهو قرار تاريخي أيضا لوجود إجماع بين القضاة باستثناء قاض واحد.
واعتبر أن عدم النطق بوقف إطلاق النار في غزة من قبل المحكمة هو “قرار واقعي جدا، لأن من يتولى هذا الأمر هو مجلس الأمن الدولي أو القوى الكبرى”، وهو ما حدث في حالة كوسوفو، حيث تدخل حلف شمال الأطلسي(ناتو) وضغط على الصرب.
ومن وجهة نظر المحامي، فإن إسرائيل لن تلتزم كعادتها بمطالب محكمة العدل الدولية، ولكنها وضعت تحت المجهر والرقابة والرصد، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بتوحيد صفوفه سياسيا ودبلوماسيا من أجل الضغط على الولايات المتحدة لتضغط بدورها على إسرائيل أو توقف تزويدها بالأسلحة لحملها على وقف الحرب في غزة.
ومن جهته، شدّد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي على أهمية قرار محكمة العدل الدولية، مؤكدا أن إسرائيل لأول مرة فقدت ما امتلكته طوال 75 عاما، وهو الحصانة أمام القانون الدولي والتي منحتها إياها الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية أخرى.
كما أن المحكمة عرت الجرائم الإسرائيلية، فضلا على أن القرارات التي أصدرتها تقر صراحة بأن إسرائيل ارتكبتها بحق الفلسطينيين، حيث طالبتها بالامتناع عن ارتكاب ما يؤدي إلى الإبادة الجماعية، وأن تمنع التحريض عليها، وأن توصل المساعدات إلى سكان قطاع غزة. وأضاف البرغوثي أن إسرائيل وضعت أمام مقصلة المحكمة باستمرار، وهو سيفتح الطريق لتحقيق أشياء أكثر.
أهمية الذهاب لمجلس الأمن
وأشار البرغوثي إلى أهمية القرار الجزائري بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي، لأن تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية لن يكون إلّا بإصدار قرار من المجلس يلزم إسرائيل بوقف طلاق النار وبشكل فوري.
وعلى صعيد الموقف الإسرائيلي، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى أن قرار محكمة العدل الدولية نسف السردية الإسرائيلية بشأن الحرب على قطاع غزة، وهو ما يفسر الغضب الإسرائيلي الشديد من المحكمة.
وبينما تزعم إسرائيل أنها تمارس “حق الدفاع عن النفس” في حربها على غزة، قالت محكمة العدل الدولية إن إسرائيل تجاوزت فكرة حق الدفاع عن النفس.
كما أن إسرائيل حاولت أن تربط بين حربها على غزة وبين “الكارثة اليهودية”، لكن محكمة العدل الدولية نسفت هذه السردية، بحسب ما أوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية.