يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزواره “كتاب الأخلاق” بقلم الشيخ محمد الشافعي الظواهري، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، تحقيق وتعليق: د. أبو اليزيد علي سلامة، الباحث الشرعي بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء.
يحمل الكتاب مضمونًا علميًا وأخلاقيًا مهمًا في عصرنا الراهن، كأن الشيخ يعيش الحاضر، وينظر إلى نصوص الوحي الشريف نظرة فهم ووعي، برؤية تجديدية عصرية، مع مراعاة المنهج العلمي، وسلامة اللغة ورشاقة العبارات، وحُسن الترتيب والتقسيم للموضوعات التي تناولها، حيث لم يتناول الشيخ كل القيم الأخلاقية الدينية، وإنما انتقى منها ما يناسب الطلاب والمشكلات المجتمعية التي عايشها.
وقد بدأ المؤلف كتابه بالحديث عن العِلمِ والتَّعليم، فهي القضية الأولى الجديرة بالاهتمام في وقته وفي كل وقت، لأن أول الأوامر الإلهية التي نزلت على الأمة (الأمر بالقراءة)، وكأن الشيخ يقول: إن مفتاح الدنيا في العلم وأن مفتاح الآخرة في العلم، وأن مفتاح نهضة الأجيال القادمة تأتي من اهتمامهم بالعلم وتعليمه والبعد عن الخرافات والدجل؛ لذا أتى التعبير واضحًا وقويًا يصل إلى وجدان الشباب مباشرة حين يقول: (إذ بإدراكِ حقائقِ الأشياءِ ينكشِفُ له ما كان مستورًا، وتزولُ عنه سُحُبُ الجَهالةِ والبَهِيميَّةِ، وينالُ السَّعادةَ الدِّينيَّةَ والدُّنيويَّةَ)، ويصف البحث عن العلم والتعليم بأنه جهاد حقيقي.
ثم ينتقل الشيخ إلى أساس آخر من أسس القيم الأخلاقية الإسلامية، وهو بناء مسلم معتزٍ بأهله ووطنه محب لهم غير متشدد ولا متطرف ولا مخرب ولا مفسد، فيتكلم الشيخ في سلسلة متتابعة، ويؤكد أن هذه قيم الإسلام الثابتة فيقول: (وطَنُ الإنسانِ مقَرُّه ومكانُه الَّذي نشَأ فيه، وتغذَّى من خيراتِه وثِمارِه، وأظَلَّته سماؤه، …. فمَحبَّتُه مطلوبةٌ، وكذا مَحبَّةُ أهلِه؛ لأنَّهم الَّذين يَسعَدُ بسَعدِهم)، ثم ينتقل الشيخ نقلة أخرى ليبين أن أساس السعادة في المجتمع يقوم على ست قيم أساسية بدونها يهلك المجتمع، وتنشأ العداوة والبغضاء بين أفراده، ونرى الشيخ يحذر من بعض الصفات السيئة التي لا يقرها شرع ولا يحبها الخلق، والتي حذر الأزهر على مدى تاريخه من شرها وشررها؛ لأنها لو انتشرت في مجتمع أكلت الأخضر واليابس.
ثم عرج المؤلف على سمات المسلم الحق الحريص على أكل الحلالِ والبعيد عن مَنقَصة أكل الحرامِ؛ لأن هذه القيمة تنير القلب وترققه، وتجلب الخشية من الله والخشوع لعظمته وجلاله وتنشط الجوارح لعبادة الله وطاعته، وهي سبب لقبول الأعمال فالله طيب لا يقبل إلا طيباً.
وختم المؤلف كتابه بنصح طلابه بأن يكونوا إيجابيين في مجتمعهم، متجاوبين مع ما يرونه، ومتفاعلين، يتسمون بالعطاء؛ لأن المسلم الإيجابي: هو الحي، المتفاعل مع قضايا مجتمعه الذي يعيش فيه، البعيد عن معاني التقوقع، والانزواء، والبلادة، والانغلاق، والكسل.
ويشتمل الكتاب، الذي أصدرته هيئة كبار العلماء بالأزهر، على المباحث التالية: فضل العلم، التعليم، محبة الوالدين، محبة أَهْلِ الدِّينِ، مَحِبَة الوَطَن، محبة الجار، فضيلة الْعَدْلِ، مَذَمَة الظَّلِمِ، فَضْل الألفة والإخاء، آداب المعاشرة، حُقُوق الْقَرابَةِ، حقُوق الحوار، الحقد، الحسد، الغيبة، النميمة، الصدق، الكذب، الكبر، الرياء، فَضْل الحلال ومنقصة الحَرَامِ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم “4”، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.