تعيش نقابة المهندسين المصرية لحظات فارقة لم تشهدها منذ التخلص من قبضة الإخوان في جمعية عمومية وصفت بالتاريخية قبل 10 سنوات، كان أبطالها أعضاء الجمعية العمومية للمهندسين، الذين رفضوا حينها سيطرة فصيل سياسي بعينه على مفاصل النقابة، وقاموا بسحب الثقة من المجلس والنقيب الذين ينتمون للجماعة الإرهابية.
وتعود نقابة المهندسين “أكثر النقابات المهنية في مصر التي تشهد توترا بسبب كثرة الصراعات بداخلها” إلى عقد جمعية عمومية طارئة اليوم الثلاثاء 30 مايو 2023، وبعد ما يقرب من 10 سنوات لمناقشة بند واحد وهو التصويت على سحب الثقة من النقيب العام المهندس طارق النبراوي، بحسب ما ذكر في الإعلان عن العمومية.
ماذا يحدث بنقابة المهندسين
وتقدم 1960 عضو جمعية عمومية بطلب إلى المجلس الأعلى للنقابة؛ لسحب الثقة من النقيب العام للمهندسين، وذلك على خلفية صراع قائم وممتد بين النبراوي وهيئة المكتب على مدار 13 شهرا، ودخل في نفق مظلم بعد قرارات عمومية 6 مارس 2023، والتي أشعلت صراعا داخل المجلس لم تهدأ ناره حتى كتابة هذه السطور.
واحتدم الصراع وزاد الانشقاق داخل نقابة المهندسين، “التي ظلت لسنوات طوال تعاني من فرض الحراسة القضائية لكثرة الخلافات داخلها في القرن الماضي” بين النقيب العام وأعضاء هيئة المكتب بسبب تمسك كل طرف بموقفه حتى وصل الأمر بعد اتهامات مطولة وسجال بين الطرفين إلى الدعوة لعمومية طارئة للنظر في أمر النقيب.
وعمل كل طرف على شحن أنصاره من خلال كيل الاتهامات وعرض الأسباب التي زادت من هوة الخلاف داخل مجلس النقابة حتى وصلت لهذه اللحظة الفارقة من عمر “المهندسين” – بحسب تصريحات على لسان الفريقين، حيث تبارى كل طرف في نشر الأدلة التي تدعم حجته وتمسكه بموقفه وتؤكد صدق نواياه وخوفه على مصالح أعضاء الجمعية العمومية البالغ عددهم وفق تقديرات غير رسمية 800 ألف مهندس.
وينتظر جموع المهندسين ما سوف تسفر عنه الجمعية العمومية الطارئة التي تعقد اليوم من العاشرة صباحا وحتى السابعة مساء بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، لبحث الدعوة لسحب الثقة من النقيب العام، متسائلين عن الموقف داخل النقابة في حال تم بالفعل التصويت على سحب الثقة من النبراوي وخلو منصب النقيب؟.
وتنص المادة (44) من قانون نقابة المهندسين، على أنه: “إذا خلا منصب النقيب، حل محله الوكيل أكبر سنا إلى أن تنتخب الجمعية العمومية خلفا له باقي مدته في أول اجتماع تال، فإذا خلا منصب الوكيل انتخب مجلس النقابة من بين أعضائه خلفا له لباقي مدته في أول اجتماع تال”، وبالتالي يكون المهندس حسام رزق وكيل أول النقابة الأقرب لإدارة شؤون المهندسين؛ لحين إجراء انتخابات جديدة في الفترة من 3 إلى 6 شهور.
النبراوي يحذر من التدخلات
من جانبه وقبل ساعات من عمومية سحب الثقة، أكد نقيب المهندسين، أنه يخوض حربا ضروس ضد التدخل السياسي في النقابة وفرض سياسية بعينها على إرادة المهندسين عبر الدعوة لسحب الثقة منه اليوم الثلاثاء 30 مايو 2023، في الجمعية العمومية الطارئة التي دعا لها المجلس الأعلى للنقابة في اجتماعه قبل إسبوعين، حيث تضمن الدعوة مناقشة بندا واحد “التصويت على سحب الثقة من النقيب العام بناء على طلب أكثر من 300 عضو جمعية عنومية”.
وقال النبراوي في بيان لأعضاء الجمعية العمومية لنقابة المهندسين عبر فيديو نشره على صفحته بفيسبوك: لقد هالني حالة الاستنفار الهائلة التي قام بها (حزب الأغلبية)، الذي استدعى أعضاءه ولجانه وقواعده من كافة التخصصات لشن حملة ضدي خلال الأيام الأخيرة في محاولة توجيه إرادة المهندسين بأسلوب الضغط والترهيب والترغيب، والجميع يشهد على هذه الإجراءات، وهذا الاستنفار في كافة محافظات الجمهورية.
وأضاف نقيب المهندسين: “لقد جئت بإرادتكم، وبقائي وخروجي مرهون أيضا بإرادتكم، وأؤكد لكم، وأعدكم أنه إذا سحبت الثقة مني، فإنني سأكون موجودا في مكاني الطبيعي عضوا في الجمعية العمومية للمهندسين، رافعا شعار استقلال النقابة، وأن قرارها نابعا فقط من 30 شارع رمسيس”، مشيرا: “نجحنا من قبل في إزاحة كل من سعى للسيطرة على النقابة، وقد كانوا أكثر قوة ممن يحاولون اليوم، وسننجح أيضا هذه المرة”.
وتابع النبراوي: “أحمل أجهزة الدولة المعنية ورئيس الوزراء وإدارة الحوار الوطني ولجنة شئون الأحزاب مسئولية هذا التدخل السافر في أمور نقابتنا، التي تعد أكبر نقابة مهنية في مصر، وأعرق نقابة مهندسين في العالم العربي مسئولية ما يحدث فيها”، لافتا: “لقد كانت جمعيتنا العمومية في 6/ مارس الماضي، معبرة تماما عن أملي وأهداف المهندسين، كان قرارنا في التعليم الهندسي هو ضربة قاصمة لمافيا الفساد في هذا الملف، والذي أدى إلى تراجع مهنة الهندسة والإضرار بمئات الآلاف من المهندسين”.
وأشار: “كان قرارنا بمنع تولي المنتخبين لمجالس إدارة شركات النقابة هو تعبير عن رغبة المهندسين في فصل الملكية عن الإدارة، ومنع أي مصدر من مصادر التربح، وإزالة أي شبهة في إدارة المنتخبين، سنظل ندافع عن قرارات هذه الجمعية الرائدة”، مؤكدا أن “النقابة بيتنا جميعا والمحافظة عليها من السطو والسيطرة مسئوليتنا جميعا، وما لم نتشارك في الدفاع عنها فستمر النقابة بفترة حالكة”.