أكد تقرير نشره موقع “أوريان 21” الفرنسي، أن جنود الاحتلال الإسرائيلي يحرصون على عرض مقاطع فيديو وصور للانتهاكات التي يرتكبونها في غزة لإبراز تفوقهم، والافتخار بجرائمهم.
وذكّر التقرير لكاتبته فاطمة بن حمد، بحادثة تصوير جنود أميركيين لمعتقلين في سجن أبو غريب بالعراق، موضحة بأنه حتى ذلك الحين، كان هذا النوع من الصور مخصصا لدائرة محدودة ولم يصل إلى الجمهور العام إلا من خلال جنود آخرين مستائين.
وتابعت الكاتبة أنه في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، يحرص الجنود الإسرائيليون على مشاركة الفيديوهات والصور، فوفقا لهم، لم يعد هناك رجال أو نساء أو أطفال، بل “أعداء” يجب قتلهم، و”أشياء” يجب أن تختفي.
وأوردت أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو عدد الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها جنود إسرائيليون وهم يضحكون في غاية السعادة.
أحد تلك المقاطع يظهر جنديين وهما يتقدمان بطلب الزواج في مدرسة تعرضت للقصف حديثا في شمال غزة، فيما يظهر مقطع آخر جنديا يحتفل بخطوبته مع رفاقه، ويقوم بالعد التنازلي حتى تنفجر قنبلة في مبنى مدني خلفه مباشرة.
غناء وسط الأنقاض
كما تحدث التقرير عن الجندي الذي كان يستمتع بممتلكات أطفال غزة المهجورة، وأولئك الجنود الذين يقتحمون خزنة في أحد المنازل، ويغنون وسط الأنقاض. وفي الضفة الغربية المحتلة، وبالضبط في جنين، أظهر مقطع فيديو جنودا وهم يدخنون الشيشة، ويأكلون رقائق البطاطس، ويشعرون بالراحة في منزل فلسطينيين يظهرون معصوبي الأعين وأيديهم مكبلة إلى الخلف، كل ذلك في جو غريب يعكس جو مجموعة من الأصدقاء العائدين من نزهة.
وفي جنين ظهر جندي وهو ينشد أدعية يهودية على منبر أحد المساجد، كما ظهر جندي آخر يتفاخر بتدمير مباني جامعة الأزهر في مدينة غزة، وجنديان يدخنان سيجارة بينما تم تدمير مجموعة كاملة من منازل المدنيين.
كما تحدثت الكاتبة عن مقاطع فيديو أخرى “أكثر تنظيما”، تظهر جنودا إسرائيليين وهم يستعدون أمام الكاميرا لإطلاق الصواريخ، ويقومون بتجهيز القنابل لتدمير المباني المدنية في غزة وفي الخلفية موسيقى جذابة.
التوقيع على القذائف
وأورد التقرير أن أحدث أسلوب للجيش الإسرائيلي هو التوقيع على قذيفة تحتوي على رسائل، وهو تصرف قام به الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ نفسه، في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023، خلال زيارة ميدانية.
وأكدت الكاتبة فاطمة بن حمد أن هذا المشهد لن يكتمل إلا بإظهار دور المؤثرين المحترفين، الذين كانت حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي يتابعها “الملايين” قبل هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ومن بينهم المدون الجندي غاي هوخمان الذي يمكن رؤيته، على سبيل المثال، وهو يقوم بجولة في منزل مدمر في غزة، كما لو كان يزور شقة مستأجرة على موقع “آير بي إن بي”.
وبلهجة ساخرة للغاية، يشير بدوره إلى السقف المتهالك والأرضية المليئة بالحطام والرمال، والجدران المليئة بالرسائل المناهضة للفلسطينيين: “هذه الإقامة بأكملها مجانية”. ويضيف في مقطع فيديو آخر تم تصويره في غزة: “هذه الرمال لنا، هذا البحر لنا”.
فخر بالإبادة
وأبرز التقرير أن هذا الانغماس في الحرب الذي يمثله الجنود الإسرائيليون أنفسهم يكشف ما يسميه أستاذ علم الاجتماع السياسي ياغيل ليفي “نزع الإنسانية عن طريق الازدراء” وهو شعور يسيطر على جزء كبير من المجتمع الإسرائيلي. ومن الأمثلة على ذلك مقاطع الفيديو التي عرضت لإسرائيليين متنكرين بزي فلسطيني خلال عرض مسرحي يسخر من مذبحة وقعت على بعد بضعة كيلومترات منهم.
وعلق الناشط الإسرائيلي المقيم في ألمانيا نمرود فلاشنبرغ على ذلك قائلا: “الأمر المزعج هو أنهم يصورون أنفسهم وهم يحتفلون بقصف الجامعات والمنازل في غزة. إنه لأمر مدهش مستوى الفرح والفخر الذي يشعر به هؤلاء الجنود في تدمير بلد وسكانه. إن هذا التجريد من الإنسانية أمر متغلغل لدرجة أنهم لا يعتقدون أنهم يرتكبون أي خطأ. ومع ذلك، لا نرى سوى القليل، لأن الجيش يراقب ويراقب الصور المتسربة من جبهة القتال”.
ويضيف أنه بالنسبة للعقلية الإسرائيلية لا وجود لسكان غزة، وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” وحدها موجودة، وهي المسؤولة عن الخسائر المدنية.
وذكرت فاطمة بن حمد أنه بناء على مقاطع الفيديو هذه وعلى الحقائق التي وثقتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، دعّم ممثلو جنوب أفريقيا شكواهم المقدمة إلى محكمة العدل الدولية، التي تبين أنها “أول إبادة جماعية تبث على الهواء مباشرة”.
وعلى الرغم من حملات الإبلاغ ضد مقاطع الفيديو هذه، فإنها لا تزال مرئية على الإنترنت، في حين يخضع المحتوى المتعلق بما يحدث في غزة للرقابة بانتظام.
ومن جهتها، سجلت منظمة “حملة” غير الحكومية، التي تدافع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية، ما يقارب 3 ملايين من المحتوى الذي يحض على الكراهية أو التحريض على كراهية الفلسطينيين على الإنترنت، مقارنة بما لا يقل عن 4 آلاف و400 حالة رقابة على الجانب الفلسطيني، والتي تعتبرها منظمة “هيومن رايتس ووتش” غير الحكومية “مراقبة منهجية”.