21/2/2024–|آخر تحديث: 21/2/202410:06 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
المكان: مجلس الأمن الدولي الذي يعد أقوى مؤسسات هيئة الأمم المتحدة، والكائن مقرها في مدينة نيويورك الأميركية.
والزمان: مساء الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، بالتزامن مع اكتمال اليوم الـ137 للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الفلسطيني والذي تجاوز عدد ضحاياه 29 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، فضلا عن تهجير معظم سكان القطاع وهدم معظم منازله.
والحدث: هو مناقشة مشروع قرار قدمته الجزائر وبمقتضاه يدعو مجلس الأمن إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية تحترمه جميع الأطراف”، كما يرفض مشروع القرار “التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين”، ويدعو إلى وضع حد لهذا “الانتهاك للقانون الدولي”.
المجلس يتكون من 15عضوا منهم 5 أعضاء دائمون هم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، و10 غير دائمين هم حاليا الجزائر وسيراليون وموزمبيق واليابان وكوريا الجنوبية وسويسرا وسلوفينيا ومالطا والإكوادور وغويانا.
اختارت بريطانيا الامتناع عن التصويت، لتتبقى 14 دولة وافقت 13 منها على القرار ورفضته دولة واحدة هي الولايات المتحدة، لكن لسوء الحظ فهذه إحدى الدول الـ5 الدائمة العضوية التي تمتلك حق النقض (الفيتو) الذي يمكنه ببساطة عرقلة صدور أي قرار حتى لو وافقت عليه كل الدول الأخرى.
المثير أن هذه ليست المرة الأولى وإنما الثالثة التي تستخدم فيها واشنطن حق الفيتو لعرقلة صدور قرار بهذا الشأن منذ انطلاق الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولكن ما الذي دفع أكبر دولة في العالم إلى الوقوف بمفردها أمام قرار يطلب إيقاف حرب أسقطت آلاف المدنيين وهدمت آلاف المنازل؟
الإجابة الأولية جاءت خلال جلسة التصويت، حيث قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن مشروع القرار المعروض على المجلس لن يحقق هدف السلام المستدام، على حد قولها.
ثم قدمت واشنطن مبررات لا تختلف كثيرا خلال إيجاز صحفي للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي -مساء الثلاثاء- حيث قال إن الإدارة الأميركية لا تعتقد أن الوقت قد حان لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، مضيفا أن أي وقف دائم لإطلاق النار سيسمح باستمرار سيطرة حماس على القطاع.
وأضاف كيربي، أن بلاده تؤيد وقفا مؤقتا لإطلاق النار، لمدة أسبوع على الأقل قابل للتمديد لمدة تصل إلى 6 أسابيع، من أجل إطلاق حماس سراح الأسرى الإسرائيليين لديها وإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أنهم يعتقدون بأن هذا الخيار أكثر قابلية للتطبيق، على حد قوله.
نوايا أميركية
وقبل أن يبدأ التصويت على مشروع القرار الجزائري كانت النوايا الأميركية قد اتضحت، حيث قالت المندوبة الأميركية إن بلادها لا تؤيد اتخاذ إجراء بشأن مشروع القرار هذا، وإذا طُرح للتصويت بصيغته الحالية، فلن يُعتمد، وهو ما حدث بالفعل.
بل إن غرينفيلد كانت قد كشفت مبكرا عن نوايا بلادها تجاه مشروع القرار الجزائري أثناء إعداده، واعتبرت أن مبادرة الجزائر لإصدار قرار جديد تمثل “تهديدا بتقويض” المفاوضات الجارية بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة أميركية مصرية قطرية، لإرساء هدنة جديدة تشمل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين في غزة، وأسرى فلسطينيين مسجونين في إسرائيل.
وأضافت المندوبة الأميركية أن على مجلس الأمن الدولي أن يضمن “أن يؤدي أي إجراء يتخذه في الأيام المقبلة إلى زيادة الضغط على حماس، لكي تقبل الاقتراح المطروح على الطاولة.
استهجان
ويبقى أن الموقف الأميركي لقي استهجانا كبيرا، حيث أدانته فلسطين، واعتبرت أنه يتحدى إرادة المجتمع الدولي ويعطي ضوءا أخضر إضافيا لدولة الاحتلال لمواصلة عدوانها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأعربت الرئاسة الفلسطينية عن استغرابها من استمرار الرفض الأميركي لوقف حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني.
وبدورها عبرت الصين على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جون عن “خيبة أملها الشديدة” إزاء عرقلة الولايات المتحدة مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية مضيفا أن على المجلس الضغط من أجل وقف إطلاق النار الذي وصفه المندوب الصيني بأنه “التزام أخلاقي لا يسع المجلس التهرب منه”.
وقال تشانغ إن “الفيتو الأميركي يبعث برسالة خاطئة، ويدفع الوضع في غزة إلى مستوى أكثر خطورة”، مضيفا أن الاعتراض على وقف إطلاق النار في غزة “لا يختلف عن إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار المذبحة”.
وختم المندوب الصيني حديثه بالتحذير من أن امتداد الصراع يزعزع استقرار الشرق الأوسط، مما يزيد من مخاطر نشوب حرب أوسع نطاقا.