تباينت آراء ضيوف برنامج “ما وراء الخبر” بشأن تطورات أزمة الاتفاق النووي الإيراني، في ضوء إعلان طهران استمرار تبادل الرسائل غير المباشرة مع واشنطن، بالتزامن مع اتفاق جديد بين إيران ووكالة الطاقة الذرية.
فقد عبّر الباحث المختص في القضايا الإقليمية، محمد صالح صدقيان عن تفاؤله بشأن إمكانية إحياء الاتفاق النووي الإيراني، قائلا إن تصريح وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان بشأن الموضوع يرسل رسالتين إلى الغرب، أولاهما أن طهران تريد ممارسة المزيد من الضغوط على الإدارة الأميركية التي قال إنها متلكئة في إحياء الاتفاق، والثانية أن طهران تؤكد إصرارها على إحياء هذا الاتفاق أو الاستفادة من إنجازاته.
ورأى -في حديثه لحلقة (2023/5/30) من برنامج “ما وراء الخبر” أن تصريح عبد اللهيان جاء في ما وصفها أجواء التفاؤل التي تسود علاقات إيران مع السعودية ومصر ودول الخليج بصفة عامة.
وكان الوزير الإيراني قال إن طهران مستمرة في تبادل الرسائل مع واشنطن عبر وسطاء بالمنطقة وحتى عبر الأوروبيين، مؤكدا أن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لا تزال متواصلة بشأن الملف النووي الإيراني، وموضحا أنه على تواصل مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بشأن الملف النووي.
وبخلاف الموقف المتفائل لصدقيان، عبّر جوزيف سيرينسيوني، عضو المجلس الاستشاري للأمن الدولي التابع لوزير الخارجية الأميركي السابق عن تشاؤمه من إمكانية حدوث أي اختراق في الملف النووي الإيراني، مبرزا أن طهران أرسلت إشارات بهذا الخصوص لكنها ضعيفة، وأن حديثها -أي إيران- عن التوصل إلى تفاهم جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يرتبط باجتماع أمناء الوكالة خلال الأسبوعين المقبلين.
ورأى الضيف الأميركي أن إحياء الاتفاق النووي يتوقف على استجابة إيران للمطالب التالية: إطلاق سراح بعض السجناء، وتقليل دعمها لروسيا في حربها على أوكرانيا، ووقف ما أسماه اضطهاد المحتجين الإيرانيين، قائلا إن طهران تريد إزالة بعض الأمور الشائكة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنها لا تفعل الكثير لحل المشكل.
وبشأن توقعاته لعلاقات طهران مع الغرب في ضوء التطورات الجديدة، أشار سيرينسيوني لبرنامج “ما وراء الخبر” إلى التحول الحاصل بين الطرفين، خاصة في ظل ما نقلته صحيفة كوريا الاقتصادية عن مصادر دبلوماسية وحكومية في سول بشأن بحث كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة سبل الإفراج عن 7 مليارات دولار هي أموال إيران المجمدة في سول.
وتوقع أن يبقى الوضع الراهن على ما هو عليه الآن لعدة أشهر، كون “الإيرانيين ولا الأميركيين ولا حتى الإسرائيليين يريدون صداما” على حد قوله.
مصلحة إيران
وبشأن العلاقات الإيرانية السعودية، أكد المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي أن التوصل إلى اتفاق بين الرياض وطهران والذي وصفه بالمهم، جاء بعد مخاض وبعد مفاوضات وشروط غير معلنة، وقال إن إيران لو لم تجد مصلحة في هذا الاتفاق لَما أقدمت على هذه الخطوة، فهي في مأزق بسبب الملف النووي وأزمة عدم الثقة بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويعتقد اليامي أن إيران لديها مجموعة من المشاكل والاحتقان في علاقاتها الدولية، مع واشنطن ومع الأوروبيين ومع القوى الإقليمية، مشيرا إلى أن دول المنطقة ليس لديها ما تقدمه لحل هذه المشاكل، رغم أنها تأمل في أن تكون لديها يد في حل الملف النووي الإيراني.
في حين أكد صدقيان أن إيران تسعى إلى إعادة العلاقات بينها وبين الدول العربية والخليجية بشكل خاص، وهي ترى أن تعزيز هذه العلاقات يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة.
يشار إلى أنه منذ أبريل/نيسان 2021، خاضت إيران والقوى الكبرى مباحثات تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي الموقع مع الغرب في 2015 شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر. ورغم تحقيق تقدم في هذه المباحثات، فإنها لم تبلغ مرحلة التفاهم لإعادة تفعيل الاتفاق.
وبدأت إيران وأطراف الاتفاق مباحثات لإحيائه في أبريل/نيسان 2021، وذلك بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة أميركية غير مباشرة. وتعثر التفاوض في مطلع سبتمبر/أيلول 2022، مع تأكيد الأطراف الغربية أن الرد الإيراني على مسودة تفاهم كان “غير بنّاء”.