قال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن المدنيين السودانيين يعيشون في رعب شديد، بسبب الصراع في البلاد الذي وصفه بالقاسي والعبثي ويشكل خطرا على السلم الإقليمي.
وقال تورك -في خطاب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس الجمعة- إن الأزمة في السودان مأساة أصبحت منسية على المستوى الدولي، وشدد على أن تلك الأزمة يسودها طابع الاستهتار بالحياة البشرية، ووصف ما يجري هناك بالكابوس.
وأوضح أن طرفي الصراع في السودان “صنعا مناخا من الرعب الشديد، مما أجبر الملايين على الفرار”، لافتا إلى أن الجانبين أفلتا من العقاب في انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، في حين لم تحرز محادثات السلام أي تقدم.
وأعرب المفوض الأممي عن أسفه لغياب حوار فعال لإنهاء النزاع، وحث الأطراف المتحاربة على العودة إلى طاولة المفاوضات لإحلال السلام.
كما دعا “المجتمع الدولي لأن يعيد تركيز اهتمامه على هذه الأزمة المؤسفة قبل أن تنزلق إلى مزيد من الفوضى”.
وأعرب عن قلقه العميق بشأن آلاف المدنيين المحتجزين تعسفيا، وقال إن التقديرات تشير إلى أن 14 ألفا و600 شخص على الأقل قتلوا خلال النزاع، وأصيب 26 ألفا آخرون، مرجحا أن الحصيلة أعلى بكثير.
وقال تورك إنه إلى جانب نيران المدفعية الثقيلة، فإن استعمال “العنف الجنسي سلاحا في الحرب، بما في ذلك الاغتصاب، صار سمة فارقة ومشينة لهذه الأزمة”.
كما أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بتعبئة المدنيين للقتال، خوفا من أن يزيد ذلك من فرص انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية طويلة الأمد.
وأشار إلى أن 80% من المستشفيات باتت خارج الخدمة، وأن الحرمان المتعمد على ما يبدو من الوصول الآمن إلى الوكالات الإنسانية يمكن أن يرقى إلى مستوى جريمة حرب.
وقال فولكر تورك إن تدمير المستشفيات والمدارس سيؤثر لأمد طويل على قدرة المدنيين على الحصول على خدمات الرعاية الصحية والتعليم.
وأضاف “مع اضطرار أكثر من 8 ملايين شخص إلى الفرار داخل السودان وإلى البلدان المجاورة، فإن هذه الأزمة تقلب البلاد رأسا على عقب وتهدد بشدة السلام والأمن والأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة”.
وحث تورك الدول على التبرع بسخاء لخطة الاستجابة الإنسانية الخاصة بالسودان، مؤكدا أن الميزانية المطلوبة لم يجمع منها حتى الآن سوى 4%.
ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان من العام الماضي قتالا عنيفا بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) تسبب في مقتل آلاف السودانيين ونزوح الملايين وأدخل البلاد في كارثة إنسانية صعبة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السودانيين، يحتاجون إلى المساعدات، كما تشير إلى أن 18 مليونا منهم على الأقل يعانون بسبب انعدام الأمن الغذائي.