يعد تدمير مدينة غزة خطوة أخرى في التدهور العام للمراكز الحضرية الكبرى والتاريخية في الشرق الأوسط، وفق ما ذهب إليه بيتر هارلينج المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في حوار مع صحيفة لو موند الفرنسية.
واعتبر بيتر هارلينج أن غزة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 2.3 مليون نسمة أكبر مدينة في فلسطين من حيث عدد الكثافة السكانية.
وذكرت صحيفة لو موند، أن صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن 70% إلى 80% من المباني في غزة قد دمرت أو تضررت بسبب العدوان والهجوم الإسرائيلي المستمر والذي شن بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023.
وقال هارلينج أن العملية الإسرائيلية لم تنته بعد، وإنه ستكون هناك غارات وعمليات قصف مقبلة، كما ستكون هناك عمليات هدم وإعادة هيكلة للمنطقة وفقاً لمبررات أمنية وعملية إعادة إعمار يتم فيها التفاوض بمرارة على كل التفاصيل.
تاريخيًا، يعد التدمير الكامل للمدينة ظاهرة مرعبة غير عادية في أزمان الحرب رغم تكرارها.
وأضاف أنه تم نهب روما في عام 410، ونهبت القسطنطينية من قبل الصليبيين في عام 1204.
وجرى تدمير نانجينج في الصين من قبل اليابانيين بين ديسمبر 1937 وفبراير 1938.
واعتبر أن الهدف من كل ذلك هو التدمير للحضارة المعارضة.
أما من الناحية الثقافية، فيرتبط هذا المفهوم التدميري بفكرة البربرية حيث أن الغزو يهدف إلى التدمير وليس إلى الحكم.
ومن هذا، فالاحتلال الذي يقصف غزة بالقنابل يهدف إلى محو تراث غزة وتاريخها.
قصفت ألمانيا النازية المدن الإنجليزية لضرب معنويات الإنجليز خلال الهجوم الخاطف مابين 7 سبتمبر 1940 إلى 21 مايو 1941.
قضى الحلفاء على كاين وضحوا بالمدنيين من أجل أهداف عسكرية.
تعرضت المدن الألمانية مثل دريسدن في فبراير 1945 لكمية من الغارات والنيران بشكل ضخم كان الهدف منها زيادة معاناة الناس إلى أقصى حد .
في هيروشيما في 6 أغسطس 1945 كان من الممكن أن تكتفي الولايات المتحدة بالكشف عن امتلاكها قدرات نووية ولكنها فضلت برمي القنبلة لتنفجر على الارتفاع الذي من شأنه أن يحدث أكبر قدر من الضرر والدمار والموت.
ومن هذا كله وبحسب الباحث، فإن الحرب على غزة جزء من هذا الخط من الحروب حيث لم تعد المدينة ساحة معركة بل هدفا في حد ذاته.
وقال هارلينج إنه قبل غزة، كانت هناك الفلوجة في العراق، التي دمرها الجيش الأميركي في نوفمبر 2004 وحلب في سوريا التي سحقت تحت وابل القنابل بين عامي 2012 و2016.