توقعت مسؤولة أوروبية بدء تشغيل ممر المساعدات البحرية لقطاع غزة الأسبوع القادم، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه أصدر أوامره للجيش بالبدء بتنفيذ هذا المشروع الذي وافقت عليه إسرائيل، وهذه الخطوة أثارت عددا من التساؤلات دفعت بعض المراقبين لاعتبارها خطوة لصالح إسرائيل.
فقد قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنها تتوقع بدء تشغيل ممر مساعدات بحري بين قبرص وقطاع غزة بداية الأسبوع المقبل لتوصيل المساعدات التي يحتاجها الفلسطينيون في القطاع بشدة.
وأضافت أن أول مساعدات غذائية عبر هذا الممر قد تغادر قبرص اليوم الجمعة من ميناء لارنكا في تجربة للأمر.
بريطانيا تنضم لأميركا
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال –في خطاب “حالة الاتحاد”- إنه كلف الجيش الأميركي بمهمة طارئة لإنشاء رصيف على ساحل غزة بهدف إيصال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية.
كما أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده ستتعاون مع الولايات المتحدة لفتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة.
وأضاف: “إلى جانب الولايات المتحدة، تعلن بريطانيا وشركاؤها فتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة”.
ولم تكن إسرائيل بعيدة عن هذه الترتيبات، فقد نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تكشف عن اسمه قوله إن تل أبيب تؤيد إقامة رصيف عائم مؤقت لإدخال المساعدات الإنسانية الإغاثية إلى سكان قطاع غزة كالذي تحدث عنه بايدن.
وبحسب هذا المسؤول، فقد تم بحث هذه المبادرة بين إسرائيل والولايات المتحدة في الماضي والاتفاق على التنسيق بينهما لتنفيذها.
مواصفات الميناء
وأوضح الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والإستراتيجية هشام خريسات أن فكرة إنشاء مثل هذا الميناء كانت مطروحة قبل 10 أعوام لكنها لم تر النور بسبب الرفض الإسرائيلي في حينه، وتم إعادة طرح الموضوع بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث طرحها وزير الخارجية يسرائيل كاتس وتوصل إلى اتفاق ومباركة من قبرص واليونان على هذه الخطوة.
وأشار خريسات إلى أن التكلفة الأولية للمشروع تقدر بـ35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة، وعمق الغاطس للسفن بالرصيف لن تقل عن 17 مترا، لاستيعاب جميع سفن المساعدات.
وذكر أن مساحة الميناء ستكون 6 كيلومترات مربعة لأنه سيضم مشافي عائمة تعالج نحو 2.3 فلسطيني مدني في غزة، بالإضافة لبيوت إيواء عائمة بسفن جنبا إلى جنب مع المشافي.
وأوضح خريسات أنه سيتم تخصيص ميناء بقبرص مدفوع الأجر من الولايات المتحدة، بحيث يصل إلى موقع الميناء على شاطئ مدينة خان يونس على سواحل غزة، مشيرا إلى أن المسافة من ميناء قبرص إلى الميناء الأميركي في غزة تقدر بـ387 كيلومترا.
ولفت إلى أن السفن ستذهب أولا إلى ميناء إسدود الإسرائيلي ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع.
أهداف خفية
ويشير الخبير خريسات إلى أنه رغم “الجانب الإنساني” لما أعلنه بايدن وإيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، فإن هناك جانبا آخر للميناء العائم يرتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعا إلى أوروبا، وإلغاء أي دور لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر.
واعتبر أن “الرصيف العائم على شواطئ غزة، ظاهره مساعدات وباطنه هجره طوعية إلى أوروبا”.
وأشار خريسات إلى أن إنشاء هكذا ميناء سيخرج معبر رفح عن الخدمة بالتأكيد لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
كما أشار إلى أن بايدن قلق جدا مما سينتج من اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح جنوبي القطاع، ومن عدم إنهاء الكارثة الإنسانية بغزة، الأمر الذي سينعكس على نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة، لذا سيسارع في بناء الميناء.
ويعتبر معبر رفح المنفذ الوحيد لغزة مع العالم الخارجي، وخاصة في مسألة دخول المساعدات الإنسانية إليه خلال هذه الحرب التي قيدت فيها إسرائيل دخول المساعدات للقطاع، وهو ما يهدد بحدوث مجاعة خاصة في مناطق الشمال.
وكان تنقل الأفراد والبضائع من وإلى القطاع يتم عبر 6 معابر، وهي بيت حانون (إيرز)، وكارني، وناحل عوز، وكرم أبو سالم، وصوفا، بالإضافة إلى معبر رفح على الحدود مع مصر.
وبعد الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة منذ عام 2007، أغلقت جميع المعابر ما عدا معبري رفح وبيت حانون اللذين خصصا لتنقل الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم الذي خصص لنقل البضائع.
دعوات أممية
الإعلان الأميركي ومسارعة بريطانيا للانضمام ومباركة إسرائيل لهذه الخطوات لم تفلح في وقف الدعوات إلى إعادة فتح معابر قطاع غزة.
فقد دعا المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان جيريمي لورانس إلى وضع نهاية فورية للصراع في غزة ووقف القتل والدمار.
وطالب المسؤول الأممي بفتح المعابر الحدودية بشكل كامل واتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الحركة الحرة والآمنة لقوافل المساعدات إلى المدنيين أينما كانوا.
وحذر المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أنّ أي هجوم بري على رفح من شأنه أن يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ويزيد من خطر وقوع المزيد من الجرائم الوحشية.