رغم الحرب وبصرف النظر عن النتيجة، كان القميص الرقم 7 الذي يرتديه قائد منتخب فلسطين مصعب البطاط الحدث الأهم في الظاهرية بالضفة الغربية المحتلة مساء الإثنين، خلال المواجهة مع قطر المضيفة في ثمن نهائي كأس آسيا لكرة القدم.
بالنسبة لسكان مسقط رأس المدافع البالغ 30 عاماً، ورغم الخسارة أمام قطر 12، كانت دقائق المباراة التسعين بمثابة الفخر لهم.
وقبل ساعات من انطلاق ضربة البداية، كانت الكراسي البلاستيكية قد وُضعت على شكل نصف دائرة. حلويات، شعر مستعار للأطفال بألوان العلم السوداء، الخضراء والحمراء، فيما استهلك الرجال كمية كبيرة من السجائر.
اجتمعت أجيال عدّة على شرفة تحت مظلّة لتشجيع المنتخب المكنّى «الفدائي»، بينهم جدّة البطاط البالغة 80 عاماً رافعة يديها نحو السماء وهي تدعو لتحقيق فلسطين الفوز.
وبالفعل، افتتحت فلسطين التسجيل في الدقيقة 37 عبر عدي الدباغ، ما أحدث فرحة عارمة لدى متابعي المباراة على شاشة التلفزيون.
قد تكون قطر حليفاً سياسياً للفلسطينيين، لكن حسابات أرض الملعب تختلف.
أقيمت المباراة بموازاة حرب دائرة في غزّة تشنها إسرائيل على قطاع غزة وشهدت بداية اللقاء الوقوف دقيقة صمت.
ورغم خسارة بعض أفراد المنتخب الفلسطيني أقرباء لهم في القطاع المحاصر، نجح «الفدائي» في بلوغ الأدوار الاقصائية للمرة الأولى في مشاركته الثالثة في النهائيات.
– هدفٌ افتتاحي صادم
فاجأ الدباغ الجماهير المكتظة على مدرجات استاد البيت (63 ألفاً) في مدينة الخور الشمالية، بهدفه الافتتاحي، فاحتفل الفلسطينيون كالعادة بحركة تكبيل الأيدي التي ترمز إلى محنة شعبهم.
والأجواء في الضفة الغربية ليست احتفالية عادة، حسب ما تقول والدة البطاط هناء الحوارين لوكالة فرانس برس «المداهمات الإسرائيلية يومية».
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ العام 1967 ويقطنها نحو 490 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. وتشهد الضفة الغربية تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على غزة.
وقبل ساعات من انطلاق المباراة، لم تظهر شوارع التسوّق الأساسية في الخليل، المدينة الأقرب الى القرية، علامات الحماس تجاه المباراة.
على بعد عشرات الكيلومترات، تتساقط القنابل في غزة في حرب مستمرة منذ نحو أربعة اشهر.
على الصعيد الرياضي تعقّدت الأمور مع توقف ال المحلية في الضفة الغربية وغزّة، فيما يتدرب المنتخب الوطني في الخارج.
– «شغفه»
قال والده خالد البطاط إن فخر مشاهدة نجله في كأس آسيا ممزوجة بالغضب.
وعمل خالد في مجال البناء في غسرائيل قبل تعليق تصريحه بسبب الحرب.
وقال إن نجله تعلّم مداعبة الكرة في شوارع القرية عندما كان طفلاً. بدأ مصعب اللعب عندما كان بعمر الحادية عشرة وأحب كرة القدم دوماً.
وأضاف والده لفرانس برس « لو لم تكن لديه كرة كان سيصنع واحدة. كان يحوّل أي شي لكرة قدم حتى الأكياس البلاستيكية ». وتابع « كانت (كرة القدم) شغفه مذ كان طفلاً لغاية حمله شارة قائد المنتخب الفلسطيني ».
وبالنسبة لوالدته هناء، قالت: «لو لم يكن هناك احتلال، لكان وصل إلى مستوى أعلى». مشيرة إلى قيود على غرار الحواجز العسكرية والبيروقراطية الإدارية التي تسمح له باللعب خارجاً، وإجراءات تتطلّب أسابيع دون ضمان نجاحها.
لكن مع انطلاق صافرة البداية، وُضعت كل تلك المخاوف جانباً، ولو خلال فترة المباراة فقط إذ بدأت الجماهير بتشجيع الفريق.
انتهت المباراة بخسارة مخيبة 12، لكن خروج فلسطين التي يشرف عليها المدرب التونسي مكرم دبوب كان مشرّفاً من البطولة.
قال اسماعيل البطاط: «أنا فخور بشقيقي وباقي اللاعبين»، مضيفا « بلوغ دور الـ16 نتيجة جيدة. ليست نهاية المشوار».
____________________