14/3/2024–|آخر تحديث: 14/3/202403:40 م (بتوقيت مكة المكرمة)
عندما يختار أغلبية الإسرائيليين تجويع غزة كما تظهره استطلاعات الرأي، فإن محاولة ناشطي سلام قلائل جدا تسيير قافلة معونة إلى القطاع، لا تعدو أن تكون خطوة رمزية، يصنفها إسرائيليون كثيرون في باب الخيانة، كما جاء في تقرير في صحيفة “إلباييس” في إسرائيل.
ووسط عداء شبه تام لأي شكل من أشكال تقديم الإغاثة لغزة، تحاول منظمة غير حكومية إسرائيلية اسمها “نقف معا” تسيير مساعدات نحو كرم أبو سالم المعبر الوحيد البري إلى غزة والواقع في إسرائيل، من حيث يدخل القليل من الغذاء والدواء فقط، بعد تفتيش وفحص مشدد.
والقافلة مكونة من شاحنة واحدة محملة بالأرز والطحين والمعلبات، ونحو 20 سيارة تقل ناشطي سلام.
لكن شعارها الداعي لعدم استخدام سلاح التجويع لا يناسب المزاج الإسرائيلي العام، لذا لا يتورع مستوطن عن مطالبة أعضاءها بالرحيل فورا بعد توقفهم في محطة بنزين قرب مستوطنة ماغين، قائلا “هذه المحطة أحرقت في 7 أكتوبر. لا تستطيعون التوقف هنا وهذه أفكاركم. مات أناس هنا”.
وعندما أخبروه أنهم ينتظرون فقط انضمام بعض سكان المستوطنة رد “لا أصدقكم ..لا أحد سينضم إليكم”، وسرعان ما انهالت عليهم امرأة بالشتائم وطلبت من شرطة الحدود التدخل قائلة: “هل رأيتم عديمي الحياء هؤلاء؟ ويجيب أحد أفرادها “وقد جئنا تحديدا لمعالجة الموضوع”.
وفعلا يتدخل أحد أفراد الشرطة ويجبر القافلة على تغيير وجهتها، ويطردها من المنطقة، بل ويهدد صحفي إلباييس بالاعتقال بحجة أن المكان منطقة عسكرية، وهي ليست كذلك.
حتى أن سائق شاحنة تمر بالمكان يترجل وقد رأى شعارهم هاتفا فيهم “هذا من أجلهم (الغزيين)؟ تساعدونهم؟ أيعقل ان تكونوا يهودا؟”
وحسب تقديرات أممية فإن الجوع يفتك بجميع أهالي قطاع غزة بدرجات متباينة، وقد تحول الموضوع إلى أحد أهم النقاشات الحساسة في إسرائيل.
وتنقل الصحيفة الإسبانية استطلاع رأي أعده مركز دراسات إسرائيلي أظهر أن 68% من اليهود الإسرائيليين يرفضون إدخال المساعدات الإنسانية وحتى تسليمها إلى منظمات دولية غير مرتبطة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وحجتهم متاحة دائما بأن “حماس أو الأمم المتحدة يتحملان المسؤولية، أو الادعاء بأن أطفال اليوم في غزة هم إرهابيو الغد”، بعد مزاعم إسرائيلية كاذبة تقول إن حماس تستولي على المعونة.
سلاح حرب
لكن إسرائيل تنظر أيضا إلى المعونة على أنها أداة ضغط لإعادة نحو 130 محتجزا في غزة، وحماس تشترط هي الأخرى تسهيل دخولها لإبرام صفقة.
وتضيف الصحيفة أن حتى من يندد بسياسة التجويع الجماعي من ناشطي السلام مثل أوري وليتمان، فإنه يحرص على التأكيد على أن حرمان غزة من الغذاء يهدد أيضا حياة المحتجزين الإسرائيليين، لكن هذا الخطاب لا يجدي في وسط إسرائيلي معاد يرى في كل القطاع عدوا مجردا.
ويتظاهر عشرات الإسرائيليين منذ أسابيع في ميناء أشدود، أو عند معبر كرم أبو سالم للحيلولة دون دخول شاحنات المساعدات، وقد استطاعوا فعلا منع ذلك أحيانا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع خطة تجريبية لـ “منع حماس من السيطرة على المعونة” على حد ادعائه، بإدخال 6 شاحنات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي إلى شمال غزة، لتكون أول مرة منذ ثلاثة أسابيع تستطيع فيها المنظمة توزيع الغذاء في مدينة غزة ليستفيد منه 24 ألف شخص حسب ما ذكر بيان لها.
ولم يمنع إعلان جيش الاحتلال أن معبر كرم أبو سالم منطقة عسكرية مغلقة، استمرار احتجاج المستوطنين عنده.
وتقول الصحيفة إن أغلب الإسرائيليين قد يقبلون إدخال المساعدات عبر الإنزال الجوي أو على متن سفن، لكن أن تعبر المعونة من مناطقهم فهذا خط أحمر.
وتضيف أن كل المساعدات التي تدخل عبر معبريْ رفح وكرم أبو سالم توزع وسط الفوضى التي أحدثتها الحرب.
وتحمل إسرائيل الأمم المتحدة المسؤولية وتتهمها بقلة الكفاءة، لكن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية في المنظمة يقول إن إسرائيل لم تسمح إلا بمرور ربع القوافل المنطلقة من الجنوب إلى الشمال في شهر فبراير الماضي.
ويقول مكتب تنسيق العمل الإنساني، إنه لا غنى عن الطريق البري لمنع حدوث مجاعة في غزة، حيث بات نصف مليون من سكان القطاع على شفاها، وتوفي 27 شخصا بسببها، أغلبيتهم من أطفال حسب وزارة الصحة في غزة.