صدرت مؤخرًا، عن دار غراب للنشر والتوزيع؛ النسخة العربية من رواية “النسمات الضاحكة” للكاتب والفيلسوف الصيني الكبير “وانغ منغ”، من ترجمة ميرا أحمد. وهو وزير ثقافة أسبق، وتعتبر “النسمات الضاحكة” هي أحدث أعماله الروائية.
تقلبات العصر
تحكي الرواية قصة حب وزواج الكاتب داتشنغ، وتكشف عن صدمة أفكار جيل كامل نتج عن تقلبات العصر، كما تجسد مصائره ومشاعره. تدور أحداث الرواية منذ الخمسينيات حتى عام 2019، ونُسجت وسط تأملات وانغ منغ العاطفية، سواء كان موضوع الحب أو الزواج أو التركيز على التاريخ الشخصي، فالرواية ليست عرضًا تاريخيًا بسيطًا ووصفًا لأحداث العصر، لكنها تحمل ثمانين عامًا من الخبرات الحياتية والتراكمات العاطفية للكاتب، وتحقق التواصل مع معاصريه والاقتراب من حقيقة الحياة وواقعها المعاش، واستيعاب جوهر البشر وسبر أغوار العالم الإنساني. وفي الوقت نفسه، يتسنى للقارئ التعرف على كيفية ارتباط وانغ منغ بالصين القديمة والتعبير عن التكامل المتعدد وتجسيد العديد من المفاهيم والأفكار التي تدور حول قضية الحوار والتواصل، وهذا بشأنه يُفضي إلى حالة الصخب وتعدد الأصوات الداخلية في أعمال وانغ منغ، مما يشكل التوتر الجدلي بين الداخل والخارج، وبين المعاني الصريحة والضمنية، وبين المثالية والواقع. وكما تحدث وانغ منغ من قبل عن «النسمات الضاحكة» قائلًا: ربما يُفهم الاسم على أن النسمات تحمل أصوات الضحكات، وربما يقال إن النسمات تضحك، وربما يقال إن الضحكات تأتي مع هبات النسمات، وربما يقال إن النسمات في حد ذاتها تضحك، فالرواية لا تحمل صفة واحدة، بل على العكس، نجد أن المساحات الفارغة من السرد مليئة بالتشابكات والمواجهات مع الزمن والبشر.
عوالم داخلية
يتمتع “وانغ منغ” بإحساس فطري عال وروح استكشافية سبرت الأغوار الإنسانية وغاصت في عوالمها الداخلية، وبعد نهاية الثورة انطلقت موجة جديدة من أدب التأملات، وكان “وانغ منغ” أحد القوى الأساسية الإبداعية في أدب التأملات، الذي راح يتأمل في تاريخ الأمة ومستقبلها. وكشفت أعماله عن مساوئ الثورة الثقافية وتشويهها لصورة المثقفين الشباب وتدميرها للمجتمع، والتعاطف البالغ مع ضحايا الثورة من الشباب. واتسمت لغته بطابع شعري، وكأن أعماله الروائية نصوص شعرية أو نثرية ذات مذاق خاص، وفي بعض الأحيان كانت لغة صادمة تتماشى مع حجم المعاناة في تلك الفترة.
حياة مليئة بالأشواك
عكست أعماله رحلة الشعب الصيني على درب الحياة المليء بالأشواك، وقدم إسهامات عديدة وابتكارات جديدة في العمل الأدبي حتى أصبح واحدًا من أهم الكتاب الذين أثروا الأدب الصيني المعاصر، وحافظوا على حيوية الطاقات الإبداعية في ذلك الوقت. تحول من الاتجاهات الأدبية البدائية إلى اتجاهات أكثر نضجًا وعمقًا.