ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الشريف، الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والتي جاءت بعنوان: “رمضان شهر الطاعة والانتصارات”.
وقال د. أحمد عمر هاشم، إنه من منبر الأزهر الشريف تقام شعائر صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان المعظم، وما أشبه الليلة بالبارحة حين افتتح الأزهر الشريف في رمضان في يوم الجمعة، إنها الإرادة الإلهية قال النبي ﷺ (خيرُ القرونِ قرْني، ثمَّ الَّذين يلونَهم، ثمَّ الَّذين يلونَهم، ثمَّ يأتي قومٌ يشهدونَ ولا يُستشهدونَ، وينذُرونَ ولا يوفونَ، ويظهرُ فيهم السِّمَنُ).
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء: لما كانت الهجمة الشرسة التي أذن الله فيها لهذا النجم “الأزهر” أن يبزغ في شهر رمضان، وفي يوم الجمعة محتضناً وضاماً في أروقته أبناء المسلمين من كل أرجاء الأرض ليتفقهوا في الدين ولينهلوا من علومه، وباعثاً علماؤه في كل بقاع الأرض لينشروا علمه فيها.
وتابع فضيلته: اليوم هو الجمعة الأولي من رمضان، شهر القرآن والغفران، شهر الطاعة والإنتصار، موضحا أن الطاعات في رمضان تتمثل في صيام نهاره وقيام ليله، وتلاوة القرآن، وما حظي به من ليلة جعلها الله خير من ألف شهر”ليلة القدر”، ومن بذل وعطاء، حيث كان النبي ﷺ أجود ما يكون في رمضان، يحرص على تلاوة القرآن، ينزل إليه جبريل الأمين فيقرأ عليه القرآن ويدارسه، وكان الرسول الكريم ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة، و يقرأ جبريل ويقرأ الرسول وهكذا.
وتابع خطيب الجامع الازهر: كان ﷺ يحب تلاوة القرآن ويحب الإستماع إلى التلاوة، فقد روى البخاري، عن عبد الله قال: قال لي رسول الله ﷺ: اقرأ علي قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة “النساء” حتى بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال: أمسك فإذا عيناه تذرفان.
واسترسل: بكاء النبي ﷺ إنما كان لعظيم ما تضمنته هذه الآية من هول المطلع وشدة الأمر؛ إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب، ويؤتى به ﷺ يوم القيامة شهيدا. والإشارة بقوله على هؤلاء إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار؛ وإنما خص كفار قريش بالذكر لأن وظيفة العذاب أشد عليهم منها على غيرهم؛ لعنادهم عند رؤية المعجزات، وما أظهره الله على يديه من خوارق العادات. وعن عبداللَّه بن عَمْرو بن العاص رضي اللَّه عنهما: أَن النَّبِيَّ ﷺ تَلا قَول اللَّهِ عز ع في إِبراهِيمَ ﷺ: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾، وَقَوْلَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فَرَفَعَ يَدَيْه وَقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّه عز وجل: يَا جبريلُ، اذْهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فسَلْهُ: مَا يُبْكِيهِ؟ فَأَتَاهُ جبرِيلُ، فَأَخْبَرَهُ رسولُ اللَّه ﷺ بِمَا قَالَ، وَهُو أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جِبريلُ، اذهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلا نَسُوؤُكَ. بشرى عظيمة، ومكانة ومنزلة رفيعة هي حقاً تلاوة القرآن. الله يستجيب الدعاء ويحقق الرجاء.
وذكر خطيب الجامع الأزهر، أن شهر رمضان هو شهر النصر، نصر الله فيه الرسول والمسلمين في أول حرب بينهم وبين أعدائهم، نصرهم وهم قلة، نصرهم بما أجراه من خوارق العادات نصراً لدينه ولرسوله قال تعالي: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. وفي يوم فتح مكة، دخلها الرسول ﷺ فاتحاً ظافراً منتصراً.
وأعلن أن الصفح العام حتى عمن آذاوه، وهذا عثمان بن طلحة الحجبي، من بني عبد الدار، كان سادن الكعبة، فلما دخل النبيﷺ مكة يوم الفتح، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح، فطلب رسول الله ﷺ المفتاح، فقيل: إنه مع عثمان، فطلب منه فأبى، وقال: لو علمت أنه رسول الله لما منعته المفتاح، فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل رسول الله ﷺ البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى هذه الأية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾، فأمر رسول الله ﷺ عليا أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه، ففعل ذلك علي، فقال له عثمان: يا علي أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق! فقال: لقد أنزل الله تعالى في شأنك، وقرأ عليه هذه الآية، فقال عثمان: أشهد أن محمداً رسول الله، وأسلم، فجاء جبريل – عليه السلام – فقال: ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان.
وأشار إلى أن هذه الإنتصارات ليست في القديم فقط، لكن حين رفعنا شعار “الله أكبر” ووقفنا نرددها يقيناً بنصر الله، نصرنا الله نصراً مؤزراً علي عدونا. من مات في هذه الحرب فهو شهيد، ومن وقف من أفراد قواتنا المسلحة الباسلة في ميدان المعركة يقاتل وهو صائم، ويقال له أفطر، وهو يرد قائلاً: لا أريد إلا أن أفطر في الجنة. وها هم اليهود أعداء الإسلام يقومون بأبشع انواع الجرائم ضد إخواننا المستضعفين في القدس المحتلة، ورب العزة مطلع ونحن نرفعها من هنا من الأزهر إلي ربنا قبل إرسالها إلي العالم وقاداته، ومنظماته المعنية بحقوق الإنسان، انتصاراً لإخواننا، ونحن علي يقين تام بأن الله عن قريب سيكشف الغمة، ويرفع عنهم الكرب.
وحث عضو هيئة كبار العلماء، المسلمين علي استشفاف هذه الروحانيات، وأن يأملوا في عفو الله وكرمه، ونصره للمسلمين قديماً يوم بدر وغيرها، وحديثاً يوم العاشر من رمضان، حيث قيل الجيش الذي لا يقهر، ومقاييس الرأي العام تقول لن يتم العبور إلا وسيقتل ستون ألف جندي، لكن شاء الله أن يكون العبور بأقل من مئتي شهيد، كرماً من الله ونصراً لشعب رفع شعار الله أكبر، وأجري الله علي يديه خوارق العادات حين اشتد الظمأ في الجيش الثالث الميداني، فينزل الله لهم ماء عذب. وأوصي فضيلته باغتنام شهر مضان بالتوبة والرجوع إلى الله ونرفع كما رف أسلافنا شعار ” الله أكبر” وأن نكون مع الله حتي يكون الله معنا.