“ملابس الرجال لها هيبة ووقار”بهذه الكلمات عبرت المعلمة أنسه الخطيب، ابنة مركز قوص بـ قنا ، عن سبب ارتدائها ملابس الرجال لأكثر من 50 عاماً، وإصرارها على العيش فى جلباب الرجال، دون اهتمام لما يردده البعض جهراً أو سراً خوفاً من رد فعلها الذى يخشاه الكثير من المتعاملين معها، فالملابس ليس وحدها التى أخذتها من الرجال، فقد تخلت عن هدوء ورقة النساء لترسم لنفسها شخصية صلبة وقوية يقدرها الجميع.
الملابس لم تقتصر على الجلباب فحسب، لكن ما يتعلق بالملابس رجالى، منذ قررت أن ترتدى ثوب الرجال عقب وفاة والدها وهى بعمر الثانية عشرة، لتحافظ على موقفها حتى دخولها العقد السابع من عمرها، دون أن يهتز موقفها أو تتراجع ولو لمرة واحدة، ما جعلها شخصية فريدة ومتميزة فى قريتها” الخرانقة”، ومن أصحاب المشورة فى الكثير من الموضوعات.
جلباب الرجال الذى عاشت بداخله سنوات عمرها، كان حصناً لها فى معاملاتها مع التجار والمواطنين خلال توزيع المواد التموينية التى يتزاحم عليها المواطنون وقت حضورها، فبكلمة واحدة منها يقف الجميع فى طوابير منتظمة، حتى لا ينال ما يحمد عقباه من توبيخ، فهى شخصية لا تعرف للهزار طريقاً، وهو ما يتجسد فى ملامحها الجادة التى حفرت نفسها بقوة على وجهها.
المعلمة أنسة أحب الألقاب
“المعلمة أنسة”، من أحب الألقاب التى تحب أن تنادى بها، رغم إطلاق أهالى قريتها الكثير من الألقاب التى تعبر عن شخصيتها الفريدة، فيما يعتبرها بعض الأهالى بمثابة ” اسطورة” لقدرتها على إنهاء الكثير من المشكلات والحصول على الحصص اللازمة من الدقيق والمواد التموينية لأهالى القرية، فى وقت عجز الكثير من التجار الرجال عن تلبية مطالب مناطقهم.
العمل فى تجارة دقيق التموين، ليس العمل الوحيد الذى امتهنته ” المعلمة أنسه”، فقد عملت قبل ذلك فى تجارة المينى فاتورة، ومن قبل فى الجزارة، مرة بنفسها ومرة أخرى بمساعدة جزارين آخرين تحت اشرافها، لكنها فى الفترة الأخيرة اكتفت بتجارة الدقيق، لتستطيع تلبية الاحتياجات المتزايدة للأهالى، دون أى ملل أو كلل من الوقوف لساعات طويلة فى توزيع الدقيق للطوابير الممتدة.
مواقف انسانية
الجلباب الرجالى والملامح الجادة التى ترتسم على وجه ” المعلمة أنسه”، لم تمنعها أن تكون لها مواقف انسانية، مع الكثير من الحالات التى تقصدها، فضلاً عن حفاظها على الصلوات فى أوقاتها، ولم يمنعها من الذهاب إلى الأراضى المقدسة لأداء العمرة، سوى إصرارها على عدم خلع ملابس الرجال.
قالت أنسه محمد الخطيب، تاجرة دقيق، عمرى أكثر من 70 عاماً، وقصتى مع ملابس الرجال بدأت وعمرى 12 عاماً، حيث قررت عقب وفاة والدى ارتداء جلباب الرجال، لكى أقف وسط التجار والرجال بقوة ودون خوف أو قلق، ومن وقتها وأنا أرتدى الجلباب، وأعيش حياتى وسط الرجال بشكل طبيعى، دون أن يجرؤ أحد على مضايقتى أو التعرض لى بسوء.
أقف بين الرجال دون أن أهتز
وتابعت الخطيب، لم أجد نفسى فى ملابس النساء أو الحياة الناعمة للفتيات منذ الصغر، كما أننى لا أحب جلسات النساء وحالة الضعف اللاتى يظهرن بها، وأقف وسط آلاف الرجال دون أن أهتز، وساهم ارتدائى الجلباب فى أن أعمل بعدد كثير من المهن التى يعتبرها البعض حكراً على الرجال، أبرزها تجارة المينى فاتورة والجزارة وآخرها دقيق التموين.
وأشارت المعلمة أنسة، إلى أنها لا تعترف بملابس النساء فهى تقلل من قيمتها أمام الآخرين، وأن ارتدائها لجلباب الرجال أعطاها نوعاً من الهيبة والوقار جعل الجميع يحترمها ويقدرها، ما ساعدها فى التجول بين البلاد دون أى مضايقات، كما أنها تدخل على المسئولين بزى الرجال بشكل طبيعى ومع الوقت اعتاد الجميع على رؤيتها بهذا الشكل.
لا أحب جلسات النساء
وأوضحت الخطيب، بأنها لا تحب جلسات النساء لكن إذا تعرضت أى سيدة أو فتاة لموقف ما، تتصدر المشهد وتحصل على حق أى فتاة، كما أنها تسعى لتلبية مطالب الجميع فى قريتها، ومقابلة المسئولين لحل المشكلات التى قد يتعرض لها البعض، ولا يستطيع أحد أن يعارضنى سواء خوفاً أو احتراماً، لكن فى النهاية الكل يعمل ألف حساب لكلمتى ووقفتى، ولا أخشى من أى أحد سوى المولى عزوجل.
https://fb.watch/qQdMM-kbJb/