قالت لوتان (Le Temps) إن الهجوم الأوكراني المضاد الذي كان الجميع ينتظره قد لاح في الأفق، ويبدو أنه سيكون دمويا، ولكن الروس الذين اختاروا إستراتيجية دفاعية، يخططون فيما يبدو لحرب طويلة الأمد لإرهاق الأوكرانيين وحلفائهم.
وأوضحت الصحيفة السويسرية -في عمود لـ إريك هوسلي رئيس مجلس إدارتها السابق المتخصص بالشأن الروسي- أنه لا أحد يعرف التاريخ الدقيق للعملية الضخمة التي أعلنها الأوكرانيون منذ عدة أشهر، لكن مدى القوة المرصودة يشير إلى أنها ليست بعيدة جدا.
وفي هذه الأثناء، تركز القوات الروسية قصفها ونيرانها الصاروخية على عمق الجبهة الأوكرانية وعلى خطوط إمدادها، حيث تتراكم مخزونات المعدات والذخيرة والوقود قبل الحشد الكبير.
وفي المقابل، يستهدف الجيش الأوكراني المطارات الروسية والمخازن العسكرية بالمدن الخلفية، في وقت تنذر فيه مواقع التواصل الاجتماعي الأوكرانية والروسية بمشاهد مرعبة من حرائق وانفجارات و”استعدادات” قد تكون صورة لما سيقع في منطقة القتال الأسابيع المقبلة.
ويتفق جميع الخبراء العسكريين الغربيين والروس على أن هذا الهجوم المضاد -الذي سيكون مميتا ومكلفا للغاية- لن يحدث بعده هجوم مضاد آخر إلا بعد أشهر عديدة، لأنه سيكون على الأرجح مركزا على قطع الممر البري الذي يربط دونباس بشبه جزيرة القرم.
ويتطلب اختراق هذا الممر -للوصول إلى بحر آزوف- كما هائلا من القوات والموارد، مع أنه سيكون من الصعب الحفاظ عليه والدفاع عنه، وتعويض القوات التي ستسقط فيه واستبدال المعدات المدمرة أو إصلاحها، كما يقول الجنرال الألماني هانز لوثر دومروس.
العواقب السياسية
وأشار الكاتب إلى أن هيئة الأركان في روسيا تراهن على هذه المذبحة، وقد غيرت إستراتيجيتها بشكل أساسي لتصبح دفاعية بالكامل تقريبا، وقد استعد جيشها لصد الهجوم الأوكراني المضاد المعلن، بوضع الألغام وتحصين الخط الأمامي في عمق حوالي 20 كيلومترا.
وبدلا من الهجوم، تسعى موسكو لجعل الخصم يضعف نفسه حتى الإنهاك، خاصة أن الجيش الروسي لم يتخذ أي مبادرة كبيرة الأشهر السبعة الماضية، عدا معركة باخموت ذات الرمزية.
غير أن العواقب السياسية أكثر أهمية -كما يقول كاتب العمود- إذ إن اختيار القرار الدفاعي بتأييد من الرئيس فلاديمير بوتين نفسه يؤكد أن روسيا أوقفت خطاب الغزو والنصر الكامل على نظام كييف، وأصبح هدفها الحفاظ على المكاسب، ولا سيما الأراضي التي تم ضمها حديثا.
وقال الكاتب إن موسكو بالتالي تراهن الآن على حرب طويلة المدى من أجل الإنهاك التدريجي للخصم، خاصة أن الأوكرانيين قلقون من احتمال ألا يكون الغربيون مستعدين لحرب طويلة الأمد.
وخلص إلى أن الرهانات عالية، والهجوم المضاد يهدف لاستعادة الأرض المفقودة، لتعديل ميزان القوى على الأرض، إما أملا في إعادة احتلال متتالية بطيئة، أو تنازلات روسية في مفاوضات مستقبلية.
ودون النجاح الكبير الذي يأملونه، يجب أن يكون الأوكرانيون قادرين على تقديم نتائج لحلفائهم تبرر أهمية التضحيات المالية التي تم تقديمها بالفعل وتيسير استمرار التزامهم غدا وربما بعد غد، وبالتالي فإن الهزيمة ليست خيارا على الإطلاق، حسب الكاتب.