قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف بشكل منهجي عشرات المبرمجين وخبراء تكنولوجيا المعلومات والعاملين في هذا القطاع الحيوي، إلى جانب تدمير مقار شركاتهم، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وأبرز المرصد في بيان له أستهداف جيش الاحتلال أصحاب العقول والخبرات وقتلهم، لاسيما ذوو الكفاءة في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجة وهندسة الحاسوب والمؤثرون في هذه المجالات الحيوية، كحال نخب أخرى في المجتمع المحلي.
ووثق المرصد قائمة شملت عدة خبراء تكنولوجيا المعلومات، مم نقضوا جراء الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت أماكن تواجدهم في أماكن متفرقة في قطاع غزة.
من بين هؤلاء مهندس البرمجة البارز هيثم محمد النباهين، الذي كان يعد أحد أمهر الخبراء في مجاله في القطاع، وقد قضى مع زوجته المهندسة نسمة زهير صادق في قصف إسرائيلي استهدف منزلا كانوا نزحوا إليه في مخيم البريج وسط قطاع غزة في 14 مارس/آذار الجاري.
وفي 31 أكتوبر/تشرين أول الماضي، اغتال الجيش الإسرائيلي طارق ثابت، مدير برامج حاضنة “يوكاس” التكنولوجية التابعة للكلية الجامعية في قطاع غزة، من خلال قصف استهدف منزله، مما أدى إلى استشهاده وزوجته وأبنائه ووالديه وعدد من أفراد عائلته.
كما استشهد مهندس البرمجيات براء عبدالله السقا المتخصص في برمجة المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهاتف الذكي في قصف إسرائيلي مماثل في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي،، وقد عمل في العديد من الشركات المتخصصة في المجال، وكان ينشط في تقديم الدورات البرمجية وورشات العمل المختصة.
استهداف شركات التكنولوجيا
في الوقت نفسه، شن الجيش الإسرائيلي هجمات مباشرة ومدمرة استهدفت مقار الشركات الناشئة والمتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والشركات التشاركية في قطاع غزة، في إطار ما وثقه المرصد الأورومتوسطي من دمار واسع النطاق لحق بالقطاع التكنولوجي واستنزاف للبنى التحتية ذات العلاقة به.
وقال المرصد إن القطاع التكنولوجي في قطاع غزة تعرض إلى أضرار فادحة دمرت البنية التحتية والمنشآت وتسببت بفقدان العاملين في القطاع لأعمالهم بفعل تدمير مقار الشركات التقنية والاتصالات، ما قوض القدرة على استمرار العمل والابتكار في هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر أساسا لكل القطاعات الاقتصادية والتحول الرقمي.
وأوضح أن قطاع غزة كان يضم قبل بدء الهجمات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة نحو 65 شركة تعمل في مجالات تكنولوجية متعددة، كالبرمجيات والمعدات التقنية والاستشارات والتدريب التقني والاتصالات وغيرها من المجالات الفرعية، وتوفر فرص عمل لآلاف الشبان والخريجين المتخصصين في هذا المجال.
وذكر أن التقديرات الأولية تفيد بتدمير وتضرر مقار شركات البرمجة وتكنولوجيا المعلومات وخروج 6 حاضنات أعمال عن الخدمة في القطاع وجميع المراكز التكنولوجية، ومنها تلك التي تضمها جامعات قطاع غزة، نتيجة التدمير الكلي أو الجزئي للبنية التحتية.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن الجرائم التي تنتهجها إسرائيل من استهداف وقتل الكفاءات وتدمير واسع النطاق والمتعمد ضد الشركات والبنية التحتية من شأنها عرقلة تطور المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بشكل عام، وتقويض منظومته العلمية والاقتصادية، وحرمان قطاعاته الحيوية من الكوادرالمتخصصة التي يصعب تعويضها على المدى القريب.
ويرى المرصد أن تلك الجرائم تأتي تنفيذا للسياسات الإسرائيلية العلنية والداعية إلى جعل قطاع غزة مكانا غير قابل للحياة والسكن، من خلال تصفية الكفاءات وتدمير مقومات وبنى الحياة الأساسية، مما يهدد بخلق مجتمع غير قادر على التطور والبناء، أو التعافي السريع من الآثار المدمرة للجرائم الخطيرة التي ارتكبتها إسرائيل خلال تلك المدة.
وقال الأورومتوسطي إن جرائم قتل المدنيين، وتدمير الممتلكات، دون اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني، تعتبر بحد ذاتها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وفقا لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتشكل كذلك ركنا من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة.