ألقى الشيخ أحمد عصام فرحات الموجي إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، أول خطبة جمعة من مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة بعد التطوير والترميم، وذلك تحت عنوان: “فضائل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها”.
أول خطبة جمعة من مسجد السيدة زينب
وأوضح إمام مسجد السيدة زينب في الجمعة الثالثة من رمضان، أن من أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان الاجتهاد في الدعاء فلندعو بإلحاح ويقين خاصة في هذه الأيام المباركة التي فيها ليلة القدر.
وتابع: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء فيها وكان يقول: ”اللهم إنك عفوا كريم تحب العفو فاعفوا عنا”.
وشدد خطيب مسجد السيدة زينب على أنه من أفضل القربات في العشر الأواخر من رمضان التكافل والتراحم والبذل والعطاء وقضاء الحوائج والانفاق في سبيل فقد كان النبي أجود ما يكون في رمضان، لافتا أن الإنفاق سبب في نجاة الإنسان من الخزي في الدنيا والآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تُطفئ غضبَ الربِّ، وصِلَةُ الرَّحِم تزيد في العمر”.
سر تسميتها بليلة القدر
من جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف: نحن على مشارف العشر الأواخر من رمضان، وهي عشر خيرٍ ويمنٍ وبركةٍ، ويكفي أن فيها ليلة هي خيرٌ من ألف شهرٍ، وهي ليلة القدر ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلفِ شَهْرٍ” (القدر:1-3)، ويقول سبحانه :”إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ” (الدخان: 3-5)، ويقول نبينا (صلّى الله عليه وسلم): “تحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ” (متفق عليه)، ولأهمية هذه العشر كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) كما أخبرت السيدة عائشة (رضي الله عنها): “إذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ، أَحْيا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَه، وجَدَّ وَشَدَّ المِئزرَ” (متفق عليه).
وفي سر تسميتها بليلة القدر قال أهل العلم: سميت بليلة القدر من القدر وهو الشرف، لأنها ليلة ذات قدر عظيم، وقيل: إنه يُقدّر فيها مقادير العباد وأمورهم، كما قال تعالى: “فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ” (الدخان:4).
وأضاف الوزير: فالعاقل من يغتنم، والغافل من يضيع، وإذا كان أكثر من نصف رمضان قد مضى، فإن القادم أسرع مما مضى، وإذا لم يغتنم الإنسان هذه الأيام على ما فيها من الرحمة والمغفرة، ليالي الشهر الفضيل التي كلها رحمة، كلها خير، كلها فضل، كلها جود، كلها كرم، كلها مغفرة، كلها عتق من النار، فمتى يغتنم الوقت؟
لكن كل هذا الفضل لمن؟ لا شك أنه لمن نالته يد الفضل، و نعمة الهداية والتوفيق، فَهُدِي إلى صراط مستقيم، لمن أكرمه الله (عز وجل) بالصيام فصام حق الصيام، والقيام فأسهر ليله وعمر بيته بالصلاة وذكر الله (عز وجل) وقراءة القرآن، والصلاة والسلام على خير الأنام (صلى الله عليه وسلم).
هذا الفضل كله لمن أراد لا من أبى، ولربما سأل سائل: وهل هناك من يأبى؟ نقول: من أطاع الله ورسوله وشمر عن ساعد الجد فقد أراد، ومن أدبر وعصى، وقصر وضيع، كذب أو نم أو اغتاب، أو أكل السحت فقد أبى.
وشدد وزير الأوقاف: هذه أيام مباركات ينادي فيها المنادي: يا باغي الخير أقبل، يا باغي الشر أقصر، باب الرحمة مفتوح فلا تغلقه بالمعاصي، إذا فتح لك باب من الخير فاغتنمه، فما بالك وأبواب الخير كلها مشرعة، فإن لم تبادر الآن فمتى تبادر ؟، هذا أوان الصيام فصم، وتلك ليالي القيام فقم، وهذا شهر القرآن فحيعل، و هو شهر الجود فأنفق ينفق عليك، وشهر الإتقان فأتقن، وها هي المساجد تزينت للراكعين و الساجدين والمتهجدين والمعتكفين ، فيا سعادة من اغتنم فأقبل، وَ يَا لخسارة من ضيع أو قصر، فرمضان أقبل مسرعًا، وسيدبر أسرع مما أقبل، فما حال رمضان إلا كحال الدنيا التي هي كسوق اجتمع ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، فيا باغي الخير أقبل وَ يَا باغي الشر أقصر.