عمّت حالة من الغضب والتنديد منصات التواصل الاجتماعي في تونس في الأيام الماضية، بعد تداول قضية التلميذ مكرم الزرمديني (16 عاما) وأنباء عن تعرضه للاعتداء من قبل عنصر أمن، أفقده البصر حسب شهادات متواترة.
يأتي ذلك وسط مطالبات بتطبيق العدالة والإفراج عنه بعد إيداعه الإصلاحية.
وتفاعل مدونون وناشطون مع وسوم (هاشتاغ) “تلميذ القيروان، #سيب_التلميذ، (أطلق سراح) سيب_مكرم”، عبر منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بالإفراج عن الطالب القاصر وتمكينه من تلقي العلاج وتعويض الامتحانات للعام الدراسي الحالي، بعد أيام في الاحتجاز.
وقالت والدة الطالب مكرم، في مداخلة لها معها عبر إذاعة “ديوان. إف. إم”، إن نجلها أخبرها بأنه لم يعد يرى مطلقا، علما بأنه سبق له إجراء 11 عملية طبية لعينيه من أجل المحافظة على الشبكية”.
وأضافت أن ابنها كان يمكنه الرؤية بشكل بسيط لكنه اليوم أصبح لا يبصر أبدا، مشيرة إلى أنها لا تمتلك ما يثبت أنه فقد النظر نتيجة الاعتداء، لكنها في المقابل أكدت تعاون الإصلاحية واهتمامها بعرضه على طبيب.
وأضافت “ذنب ابني الوحيد أنه رفع هاتفه لتصوير حدث وقع أمامه، فقط هذا كل ذنبه، حتى بدأ عنصر الأمن برفض التصوير والاعتداء العنيف عليه”، وقالت إنها بصدد تقديم شكوى في هذا الشأن.
من جهته، ذكر عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سيف العيادي أن الطالب مكرم يدرس بإحدى ثانويات القيروان، وتعرض للعنف من عنصر أمن فأفقده الاعتداء البصر نهائيا بعينه اليمنى، معتبرا أن ما حدث يمثل “فضيحة على المستوى الجزائي وعلى مستوى عمل الأمنيين في القيروان وخاصة على المستوى القضائي”.
وشرح في مداخلته ببرنامج “هنا تونس”، على إذاعة “ديوان. إف. إم”، تفاصيل الحدث بالقول “كان هناك وجود أمني بمحيط الثانوية، وكان مكرم من بين المتجمهرين فتوجّه له عون أمن بزيّ مدني وحاول مصادرة هاتفه المحمول والاعتداء عليه، وقد تم توثيق ذلك في مقطع فيديو لقي تداولا عبر المنصات، ثم في مرحلة ثانية اقتيد إلى ميضأة مسجد قريب حيث اعتدي عليه بالعنف مرة أخرى بعد تقييد يديه إلى الخلف بالأغلال”، وفق شهادته.
ووفقًا للعيادي أيضًا، فإن التلميذ يواجه تهما عديدة منها الاعتداء بالعنف الشديد على موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته والناجم عنه إهانة موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته بالقول والتهديد والتعدي عليه وإجباره على ترك أمر في علاقة بوظيفته، ورمي مواد صلبة على أملاك الغير وإحداث الهرج والتشويش في الطريق العام والاعتداء على الأخلاق الحميدة والآداب العامة ومحاولة الاعتداء طبقا للفصل 116 و125 و127 و218 و222 و226 مكرر و320 من المجلة الجزائية.
وطالب العيادي “بمراجعة القرار المتعلق بإصدار بطاقة إيداع بالإصلاحية في حق مكرم وبإثارة جريمة التعذيب لأنه عاين التقارير الكاملة بخصوص ما حصل مع مكرم”، داعيا المندوبية الجهوية للتعليم بالقيروان إلى التدخل العاجل من أجل السماح لمكرم بإجراء امتحاناته، وفق ما جاء في تصريحه.
من جهته، قدم الناطق باسم محكمة القيروان رياض بن حليمة رواية مخالفة للتي قدمها العيادي، قائلا إن عنصر الأمن تقدم للدفاع عن تلميذة كان يلاحقها الطالب مكرم للاعتداء عليها بدعوى خلاف بينهما، وتطورت الأحداث لاقتياده إلى الإصلاحية.
ونفى المصدر ذاته أن يكون التلميذ يواجه تهمة الاعتداء على عنصر الأمن، كما قال إن ذوي التلميذة قدموا شكوى بالخصوص.
وأثارت الحادثة وشهادات ذوي الطالب والجهات الحقوقية بالخصوص حالة من الجدل والتنديد عبر المنصات، إذ عدّها ناشطون استمرارًا لإحكام القبضة الأمنية وسط مطالبات بالعدالة.
وندد ناشطون بما قالوا إنه “ظلم واضح” تعرض له قاصر، سيكون ناقما على ما تعرض له، داعين إلى مساندته والإفراج العاجل عنه باعتباره ضحية.
وقالت الصحفية وجدان بوعبد الله “تلميذ في القيروان (وسط تونس) يفقد بصره بعد أن اعتدى عليه بالعنف الشديد رجل أمن بلباس مدني. التلميذ كان يمسك بهاتفه الجوال حين كان الأمن بصدد اعتقال تلميذة بتهمة جريمة إلكترونية. ليس فقط فقد بصره بل أودعوه الإصلاحية بتهمة التهجم على رجل شرطة”.
تلميذ في القيروان (وسط #تونس) يفقد بصره بعد أن اعتدى عليه بالعنف الشديد رجل أمن بلباس مدني.
التلميذ كان يمسك بهاتفه الجوال حين كان الأمن بصدد اعتقال تلميذة بتهمة “جريمة ألكترونية”.
لا فقط فقد بصره بل وأودعوه بالإصلاحية بتهمة التهجم على رجل شرطة pic.twitter.com/lWZHCT9QSZ— Wejdene Bouabdallah 🥏 (@tounsiahourra) June 1, 2023
وعلّق سامي بوصفارة بالقول “قضية مكرم الزرمديني، لا بد من تقديم عنصر الأمن الذي اعتدى على الشاب مكرم الزرمديني إلى القضاء ومتابعة القضية حتى ينصف الفتى ويعاقب الجاني”.
من جهته، نشر الناشط أيوب عمارة تفاصيل قضية الشاب مكرم، وأكد فيها أنه كان يعاني من إصابة سابقة في عينه اليمنى وأجرى عمليات جراحية للحفاظ على الشبكية، مشيرا إلى أنه فقد البصر نهائيا بهذه العين.