جاكرتا – أكدت إندونيسيا -أمس الثلاثاء- رفضها تطبيع العلاقات مع إسرائيل واستمرار دعمها للشعب الفلسطيني في نضالهم من أجل الحرية والاستقلال.
جاء ذلك خلال اجتماع لوزيرة الخارجية ريتنو مرسودي مع السفراء العرب في جاكرتا لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة والجهود الرامية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2728، ودعم الأونروا والعضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.
وأشارت مارسودي خلال حديثها في برنامج عن فلسطين في مجلس الشعب الاستشاري الإندونيسي إلى استمرار دعم بلادها للشعب الفلسطيني، معتبرة أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يعد خطوة غير مسؤولة.
وأضافت أن إندونيسيا تظل ملتزمة بدعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحق والعدالة والإنسانية. وأعربت عن أملها في استمرار هذا الموقف في المستقبل، مشيرة إلى أهمية أن يحقق الشعب الفلسطيني حقوقه ويشهد استقلال دولته.
وأكدت الوزيرة أن بلادها تواصل تقديم الدعم الإنساني إلى الدول والمناطق المحتاجة بحسب قدراتها واستطاعتها. وآخر هذه المساعدات كانت إرسال الجيش الإندونيسي مساعدات جوية وبحرية إلى غزة.
كما سجلت هيئة عاملي الزكاة الوطنية الإندونيسية تبرعات كبيرة من المواطنين الإندونيسيين بقيمة 15.6 مليون دولار، وتم إرسال 4400 طن من المساعدات إلى غزة. وهذه الأرقام لا تشمل المساعدات التي أرسلتها جمعيات إنسانية أهلية ومجتمعية أخرى.
توحد الموقف الرسمي والشعبي
وعبرت مرسودي عن شكرها العميق للشعب الإندونيسي على دعمهم وتضامنهم المستمر مع الشعب الفلسطيني، سواء من خلال التبرعات المالية أو التعبير عن المواقف المتضامنة، قائلة بأنه كان هناك “توحد ووضوح وثبات” في الموقف الشعبي والرسمي.
وأعربت عن أملها في استمرار هذا الدعم والتوحد في المستقبل، مؤكدة أن الطريق قد يكون صعبا وطويلا، ولكنها تؤكد عزم بلادها على دعم الشعب الفلسطيني في نضالهم من أجل الحرية والعدالة.
كما شددت على ضرورة وقف الحرب وتحسين الأوضاع في غزة، مشيرة إلى أن عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي يجعلها مجرد أوراق مكتوبة دون قيمة فعلية، معتبرة ذلك تجاهلا لحقوق الشعب الفلسطيني.
وأشارت مرسودي إلى أن إندونيسيا واصلت جهودها الدبلوماسية لدعم القضية الفلسطينية، بما في ذلك التواجد في المحكمة الدولية لتحقيق العدالة ودعم تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
سفاري رمضان “تضميدا لجراح فلسطين”
وجاء حديث مرسودي ضمن برنامج عن فلسطين وإفطار جماعي نظمه مجلس العلماء الإندونيسي ومجلس الشعب الاستشاري بحضور أئمة وأكاديميين وخطباء فلسطينيين خلال شهر رمضان.
كما شارك عشرات من الأئمة الفلسطينيين في فعاليات مشابهة تنظمها جمعيات ومؤسسات مجتمعية أخرى في إندونيسيا. وكان ضمن هؤلاء الأئمة والخطباء من يعيشون في الشتات ومن الغزيين الذين كانوا خارج قطاع غزة عند بدء الحرب.
وقد تنقلوا بين مئات المساجد في مختلف المحافظات الإندونيسية ليس للإمامة بالمصلين فحسب، بل للحديث إلى المصلين عن الأوضاع في فلسطين بما في ذلك أحوال القدس والمسجد الأقصى والحرب الإسرائيلية على غزة وأحوال مختلف مدن وبلدات فلسطين.
وبحسب الدكتور سودارنوتو عبد الحكيم، مسؤول العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في مجلس العلماء الإندونيسي، سعى منظمو برنامج سفاري رمضان، الذي نظم في عدد من أقاليم إندونيسيا، إلى توعية مسلمي إندونيسيا خلال شهر رمضان المبارك بتفاصيل وتطورات القضية الفلسطينية.
كما حثت الحملة الإندونيسييين على مزيد من التبرع لإخوانهم الفلسطييين، من خلال هيئة عاملي الزكاة الوطنية الإندونيسية. وتأتي هذه الدعوة في ظل تراجع قوة الحشود في التظاهر خلال شهر رمضان، حيث أصبح الاهتمام أكثر بالبرامج الرمضانية في المساجد، مما يجعل هذه الفعالية فرصة مثالية للتبرع والمساهمة في دعم الفلسطينيين.
وقد شكر الدكتور سامح كامل أحمد الحجاج، -باسم الأئمة الفلسطينيين المشاركين- الشعب الإندونيسي وحكومته على الدعم المستمر للشعب الفلسطيني وقضيته، قائلا إن بصمات الدعم الإندونيسي للشعب الفلسطيني حاضرة في قطاع غزة.
وأضاف أنهم لمسوا خلال تجوالهم في المحافظات الإندونيسية حب المواطن الإندونيسي لفلسطين، وكيف أنه تربى على التعلق بأرض الإسراء، متمنيا المزيد من البذل والعطاء، وأن تصبح إندونيسيا رائدة في جهود دعم الشعب الفلسطيني دوليا، محذرا من محاولات النيل من رصيد قيم وأخلاق وهوية الشعب الإندونيسي.
تحذير لكل من يحاول الوقوف مع إسرائيل
من جانبه، قال أنور عباس، نائب رئيس مجلس العلماء الإندونيسي، إن قضية فلسطين تمتد بعمرها لأكثر من 80 سنة، باقترابها من العقد الثامن، مشيرا إلى التطورات المؤلمة في غزة ومدن فلسطين الأخرى التي لا يمكن بها وصف إسرائيل إلا بالدولة غير المتحضرة والوحشية في هذا العصر الحديث.
وعبر عباس عن ثقته في أن فلسطين ستحرر وتحقق سيادتها، وربط ذلك بتوقعات تغيرات في السياسات الدولية خلال العقود المقبلة.
كما عبر عباس عن استيائه ودهشته من بعض المواطنين الإندونيسيين الذين يعبرون عن دعمهم لإسرائيل في ظل الصراع الفلسطيني، ويصف هذا السلوك بأنه تمرد -حسب وصفه- على ما جاء في الدستور الإندونيسي لعام 1945 من رفض واضح لأي احتلال على وجه الأرض، لأنه يتعارض مع قيم الإنسانية والعدالة وأن الاستقلال هو حق لكل شعب.
وحذر عباس المواطنين الإندونيسيين الذين يدعمون إسرائيل قائلا: “أذكركم بأنكم لو أصررتم على موقفكم هذا، فإننا مستعدون للمواجهة معكم، إننا مستعدون للتضحية بأنفسنا للدفاع عن دستورنا، لأن دستورنا الذي صغناه والذي نقدره بأعلى المراتب، هو ميثاق اتفق عليه مؤسسوا هذا البلد، ولذلك عندما تحاولون المساس بهذا الاتفاق، فإن عاقبة ذلك أننا بصفتنا شعب إندونيسيا ومواطني هذا البلد الذين نقدر دستورنا، مستعدون لهزيمتكم دون أي مساومة”.