طوّر جيش الاحتلال الإسرائيلي برامج ذكاء اصطناعي لاستخدامها في الحرب على قطاع غزة، ولجأ لاستخدام هذه التقنيات بطريقة خبيثة لقتل أكبر عدد من المدنيين، كما يقول الخبير العسكري اللواء فايز الدويري.
ومن المعروف أن الوحدة 8200 -التي تعتبر واحدة من أهم الوحدات المخابراتية الإسرائيلية- تستقبل سيلا من المعلومات والصور والمكالمات الهاتفية ومنشورات مواقع التواصل.
ووفقا لتقرير معلوماتي أعدته سلام خضر للجزيرة، فإن هذه الوحدة تقوم بتحليل هذه البيانات لتحديد العمليات المستقبلية اعتمادا على الذكاء الاصطناعي.
وتشكل الطائرات المسيّرة مصدر المعلومات الأساسي حيث تحصل الوحدة 8200 عبرها على صور ونمط تحرك جغرافي للأشخاص، وتقوم بمراقبة شبكة الاتصال بتجميع البصمات الصوتية.
ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تدّعي الوحدة الإسرائيلية بناء معرفة عن الولاءات السياسية والآراء، كونها تعتمد على هذه المعلومات لتجهيز قاعدة بيانات تغذي بها أنظمة الاستهداف التي تعمل بالذكاء الصناعي، وأحدثها برنامج “هابسورا”.
برنامج “هابسورا”
ووفقا للتقرير الذي نشرته الجزيرة فإن نظام “هابسورا” الذي طوّرته الوحدة 8200، يمتلك تقنية التعلم الآلي لتحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة عالية من أجل توليد أهداف لتدميرها.
وكحال جميع الأنظمة الآلية يعمل هابسورا وينفذ الأوامر بناء على البيانات التي تتم تغذيته بها، ففي فبراير/شباط الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إن البرنامج يُستخدم لجمع المعلومات ويحللها ثم يحدد أهدافا محتملة.
لكن القرار النهائي بتنفيذ الضربات -كما يقول الجيش- يتخذ دائما من قبل عنصر بشري بموافقة ضابط مسؤول وفق ما لديه من معلومات.
ويصف ضابط إسرائيلي -أبقى هويته طي الكتمان- نظام هابسورا بأنه “مصنع الاغتيالات الجماعية”، ونقلت وسائل إعلام عن ضباط في الجيش تأكيدهم أن جيش الاحتلال يتعمد استهداف مدنيين وأبنية ومنشآت مدنية.
ولدى هابسورا أذرع قاتلة يغذي بها وحدات الجيش من مشاة ومدفعية وسلاحي الجو والبحرية بالأهداف، حيث تتحكم الوحدة 8200 بأسطول من الطائرات المسيّرة التي استهدفت مدنيين غير مسلحين والتقطت صورهم قبل الاستهداف وبعده.
ولا تنتمي المسيّرات التي تستخدمها إسرائيل في حربها على غزة إلى ما يعرف بالطراز “مستقل القرار”، أي لا تتم برمجتها لإطلاق النار ذاتيا، فهي تعمل على الرصد وإرسال صور بالوقت الحقيقي للقواعد العسكرية، حيث يقوم ضابط أو جندي باتخاذ قرار القتل من وراء شاشة مراقبة.
استخدام خبيث
ووفقا للخبير العسكري اللواء فايز الدوري، فإن إسرائيل كانت لديها بيانات لـ40 ألفا من سكان القطاع عندما بدأت الحرب وذلك بناء على نظام “الداتا بيس”، مشيرا إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمثل عنصرا أساسيا في خطط الجيش.
وقال الدويري، في تحليل للجزيرة، إن هناك خططا لاستخدام جيوش من الطائرات المسيّرة تقودها مسيّرة واحدة، لافتا إلى أن القرار في كل دول العالم يصدر من خلال الخوارزميات التي تستمد قرارها من قواعد البيانات التي تتم تغذيتها بها.
لكن الوضع مختلف في إسرائيل -يضيف الدويري- لأن القرار النهائي بالاستهداف يتم من خلال ضابط تكون أمامه معلومات كاملة عن برج سكني بعينه بمن فيه من أشخاص وكل من يمتلك هاتفا محمولا، وليس عن طريق الخوارزميات.
وأكد الدويري أن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي “بطريقة خبيثة” لتحقيق أهداف سياسية؛ لأن الاعتماد على هذه البرامج هدفه الأساسي تقليل الخسائر في صفوف المدنيين من خلال تحديد الأهداف بدقة أكبر، وهو عكس ما تفعله إسرائيل.
وخلص إلى أن جيش الاحتلال يستخدم قنابل أكبر بكثير مما يقتضيها الهدف الموجود في مكان ما، وهذا لأن القرار يتم عبر ضابط وليس من خلال برامج الذكاء الاصطناعي التي تحدد حجم الذخيرة المستخدمة حسب طبيعة وحجم الهدف.