تحركات متواصلة تقوم بها الحكومة المصرية هذه الأيام؛ لتأمين الاحتياطات الاستراتيجية اللازمة من القمح نتيجة حجم الاستهلاك الكبير الذي يقدر سنويا بحوالي 20 مليون طن، إضافة إلى التقلبات السياسية التي تشهدها المنطقة، حيث حذر البعض من أنها قد تستمر وتتصاعد.
في هذا السياق أعلن المركز الإعلامي لهيئة ميناء دمياط في مصر استقبال سفينة ANTIGONI قادمة من روسيا وعلى متنها حمولة تقدر بـ66 ألف طن من القمح لصالح القطاع الخاص.
مخزون مصر من القمح
وغادرت 3 قطارات بحمولة إجمالية 3732 طن قمح متجهة إلى صوامع شبرا وكوم أبو راضي وإمبابة.
ومدت روسيا مصر خلال الأشهر الماضية بكمية ضخمة من القمح رغم العقوبات والعراقيل الأمريكية والأوروبية التي حاولت يائسة عرقلة صادرات روسيا من الحبوب والطاقة وغيرها من المنتجات الحيوية للعالم.
وتفي روسيا بالتزامتها في توريد القمح إلى البلدان الإفريقية والدول الأخرى، رغم عراقيل الغرب التي تسببت في أزمة غذاء كبيرة لدى الدول المعوزة في القارة السمراء، والتي تعهدت روسيا بإمدادها بالقمح والسماد مجانا.
من جانبه، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن مصر تعزز استيرادها من القمح لضمان تغطية الاحتياجات من المخزون الاستراتيجي وتجنب أي نقص محلي في هذه السلعة الأساسية.
وأضاف “صيام” في في تصريح لـ صدى البلد، أن الاستهلاك السنوي للقمح في مصر يبلغ 21 مليون طن، بينما تنتج البلاد 10 ملايين طن فقط، ما يعني أنها تلبي نصف احتياجاتها فقط من هذا المورد الحيوي.
وأوضح أن مصر تتبع استراتيجيتين لمعالجة العجز الغذائي: الأولى هي التوسع في المشاريع الزراعية، والثانية هي تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030، التي تهدف إلى زيادة الاكتفاء الذاتي من القمح إلى 70%.
وأكد أن الأمن الغذائي هو ركن أساسي من أركان الأمن القومي في جميع الدول، بما يجعل تكلفة الحصول على الغذاء تؤثر على عجز موازناتها، ومستويات الفقر فيها، حيث تستورد 50% من القمح من الخارج وهذا رقم كبير، لذلك الدولة تعمل على حل هذه المشكلة من عدة طرق، منها التخزين الإستراتيجي، فمن الصعب الوصول إلى الاكتفاء الذاتي للقمح خلال السنوات المقبلة.
واختتم أن الحكومة المصرية تقوم بجهود مستمرة لضمان توفير الاحتياطي الاستراتيجي من القمح، تماشياً مع توجيهات القيادة السياسية.
توسيع الرقعة الزراعية
جدير بالذكر أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في توسيع الرقعة الزراعية، حيث تم استصلاح أكثر من 3.5 مليون فدان جديد، وتحسين الإنتاجية عبر برامج تطوير التقاوي، مما أدى إلى زيادة متوسط إنتاج الفدان من القمح، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال لقائه برئيس الوزراء على أهمية المشروعات الزراعية القومية في رفع معدلات الإنتاج، مشيرًا إلى خطط لزراعة أكثر من 4 ملايين فدان جديدة.
تنتج مصر حاليًا حوالي 10 ملايين طن من القمح سنويًا، وهو ما يمثل نصف الاستهلاك المحلي تقريبًا، وتسعى لزيادة المساحة المزروعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في ظل التحديات العالمية مثل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
تتابع مصر تنفيذ خطط التنمية الزراعية بنجاح، من خلال إطلاق مشروعات مثل الـ 100 ألف صوبة زراعية والـ 1.5 مليون فدان، والبرنامج القومي لإنتاج البذور، ومشروع الدلتا الجديدة، ومشروع مستقبل مصر، مما ساهم في تعزيز الإنتاج الزراعي واستقرار السوق.
وتعد منطقة توشكى من أبرز الإنجازات في القطاع الزراعي، حيث تستهدف الخطط زراعة 4 ملايين فدان جديدة خلال عام، وقد تم بالفعل إنجاز الكثير من البنية التحتية اللازمة لذلك.
وقد شهدت الواردات المصرية من القمح انخفاضًا بنسبة 10% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، وزادت مصر من كميات القمح المستوردة في العام الماضي لتصل إلى 11 مليون طن.
وفي إطار تعزيز الأمن الغذائي، عملت وزارة التعاون الدولي على توقيع عدة اتفاقيات تمويل تنموي، بما في ذلك اتفاقية بقيمة 500 مليون دولار مع البنك الدولي، واتفاقية أخرى بقيمة 271 مليون دولار مع البنك الأفريقي للتنمية، بالإضافة إلى برنامج دعم الاتحاد الأوروبي للأمن الغذائي بمنحة قيمتها 100 مليون يورو.